قلب شجاع - Brave Heart  قلب شجاع - Brave Heart
random

آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

مرض الموضة

مرض الموضة
إن الذي إبتكر فكرة (الموضة) كان تاجرا ذكيا جدا،فهو الوحيد الذي إستطاع أن يقنع المرأة بأن تلقي جميع فساتينها بدون سبب،فإذا كانت فساتينها طويلة أخرج لها موضة قصيرة،وإذا كانت جميع فساتينها قصيرة أخرج لها موضة طويلة،وبهذه الخدعة اللطيفة يوشوش بها في أذنها في حنان وكأن المصلحة هي مصلحتها (سيدتي إن فستانك لا يتمشى مع الموضة) وهكذا إستطاع أن يجعلها تلقي بفستانها الجديد الذي إشترته من شهر لمجرد أنه أزرق والموضة بنفسجي أو أصفر أو أحمر وأن فستانها ضيق والموضة واسع.
وألاعيب الموضة لا تنفذ في الضحك على ذقن المرأة وإثارة غرورها،فمرة تكشف لها صدرها ومرة تكشف لها ظهرها ومرة تشلح لها ساقها ومرة تبرز لها صدرها ومرة ترسم لها حلمة على السوتيان تخرق الفستان،ومرة تكشف النهر المثير بين الثديين ومرة تكشف كتفا وتغطي أخرى.
فمن أيام الفراعنة لأيام العصور الوسطى للعصر الفيكتوري لعصرنا الذري،رحلة تثير العجب وتثير الضحك،فالفرعونية التي كانت تلبس الضيق وتقول لرجلها تغازله: تعال وأنظر إلي وأنا خارجة من النهر وثوبي لاصق بجسدي يبرز كل تفاصيله،إلى زوجة لويس الرابع عشر التي تضع على رأسها ريشة وتلبس لحافا وبطانية ومشدات وأحزمة وزنها طن،إلى إمرأة الواحات التي تلبس المجرجر والخلاخيل والشخاشيخ وتضع في أنفها حلقة،إلى الهندية التي تلبس الساري والمصرية التي تلتف بملاية والعربية التي تلبس العباية والباريسية التي تلبس البكيني،وصولا إلى بنت اليوم التي تلبس الميني جيب والماكسي جيب وتضع على عينيها نظارة ضخمة لها ضلفتين من الزجاج كأنها قمرة سفينة،وهذه لعبة أشبه بلعبة المهرج.
ولا أستبعد أن تظهر موضة جديدة تصنع للمرأة ذيلا طويلا في مؤخرتها،وأن تدور المشاجرات في البيوت وتهدد الزوجة زوجها بطلب الطلاق لأنه لم يشتري لها ذيلا لائقا مثل ذيول باقي صديقاتها،وأنها لا تستطيع ان تمشي في الشارع بدون ذيل وأن كل الناس يشيرون عليها ويضحكون لأنها فلاحة متأخرة تمشي بدون ذيل،إن كل شيء ممكن في عالم الموضة،وهيافة الستات وذكاء التجار يمكن أن يؤديا بنا لأي شيء.
فالموضة الآن تحاول أن تستدرج الرجل بعد أن جعلت منه أنثى بقصات الشعر البناتي والقمصان المشجرة والبنطلونات المحزقة،ويبدو أن التجار يخططون للضحك على ذقن العالم كله،ولعلهم اليهود الأذكياء،فلو قالوا أنها جزء من بروتوكولات آل صهيون لصدقت،فهي شيء أشبه بالمؤامرة للسخرية من الإنسان وإستنزاف وقته وثروته وإهتمامه وإثارة شهوته وغريزته ليظل في حال حيوانية بإستمرار حتى يمكن ركوبه وإستغلاله كما يركب الحمار ويستغل ويقضى به الحوائج.
وأكثر الموضات لا هدف لها سوى الإحتفاء بالغرائز وإثارة أشواقها وتجميل مكامن الفتنة المستورة ولفت النظر بالألوان الباهرة والخطوط المثيرة والعطور المشهية،وهي دائما مؤامرة على الحواس لإيقاعها في حبال الغريزة،ولكني أغالي كثيرا إذا إتهمت اليهود وحدهم،فهذا أمر قديم جدا قبل مجيء اليهود الى الدنيا.
والتاجر المستغل غير ملوم وحده في بناء هذا الصرح من سرك المجاذيب،وإنما كل منا ملوم رجل وإمرأة،حينما يترك عنقه لتقوده شهوته وغروره وليترك يد اليهودي تدلك له ذلك الضعف لتستولي عليه وتستغله،فيخر كما يخر قط على الأرض يهر ملتذا من الأصابع التي تتحسسه ويسلم حافظة نقوده لتنشل.
صدقوني إنه لأمر مخجل جدا ذلك الشيء الذي إسمه الموضة 

مصطفى محمود

عن الكاتب

HOSNI AL-KHATIB

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

قلب شجاع - Brave Heart