قلب شجاع - Brave Heart  قلب شجاع - Brave Heart
random

آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

عالم عربي منافق - حلب -

عالم عربي منافق
- حلب -
نعم نبكي على حلب وضحاياها جميعا ولنركز على ضحاياها جميعا،كما وندين مرتكبي المجازر بأقوى الكلمات والعبارات والبيانات،فمدينة حلب بشقيها الغربي الخاضع للسلطة والشرقي الواقع تحت سيطرة قوات المعارضة المسلحة بشقيها المعتدل والجهادي المتشدد،تتعرض للقصف من الجانبين للأحياء المدنية في كل طرف،قوات الحكومة السورية من جهة وقوات المعارضة المسلحة من جهة أخرى،كما أن الخسائر التي وقعت في أوساط المدنيين من الجانبين كبيرة ومؤلمة ووحشية،ولا شك أن غارات طائرات النظام وبراميلها أحدثت الكم الأكبر من الدمار والخسائر البشرية لأن حجم القدرات التدميرية للنظام وقواته وطائراته أكبر بكثير،ولكن لا ننسى أن صواريخ المعارضة أيضا إستهدفت المواقع المدنية الخاضعة لسيطرة النظام وأحدثت أيضا خسائر كبيرة في صفوف المدنيين،إلا أن كل طرف من أطراف الصراع ومن خلفه مؤيديه وجماهيره لا يرى غير ضحاياه فقط،وذلك في ظل حالتي الشيطنة والإستقطاب اللتين إتسمت بها الحرب السورية منذ بدايتها قبل خمس سنوات وحتى الآن،فالضحايا المدنيين الذين سقطوا ببراميل النظام وغارات طائراته ونظرائهم الذين سقطوا من جراء القصف الصاروخي للمعارضة كلها في غير محلها وكلها مرفوضة ومدانة.

إدانة النظام السوري بأقوى العبارات وتحميله المسؤولية الأكبر عن إزهاق أرواح الضحايا من المدنيين أمر مشروع ومطلوب،لكن هذه الإدانة يجب أن تتوجه أيضا إلى الدول الحليفة والداعمة للمعارضة والعربية منها على وجه الخصوص،والتي تعطي لنفسها حق التدخل في شؤون الدولة السورية وإرسال كل من هب ودب للقتال في سوريا فيما تمنع الكلام ومجرد الهمس في شؤونها الداخلية آخذة بمبدأ (حلال علينا حرام عليكم).

وإلى من يبرر تدخل هذه الدول (الممكلة العربية السعودية ودول الخليج) في سوريا بحجة تدخل إيران وحزب الله في سوريا،فإننا نقول يحق لأي دولة في العالم عندما تشعر بأي تهديد أن تطلب العون والمساعدة من حلفائها لحمايتها،لكن يمنع ويحرم على أي أحزاب أو جماعات أو أيا كان داخل أي دولة أن يطلب المعونة والمساعدة من الدول أو الجماعات الأخرى (الخارجية) لمحاربة وإسقاط النظام فيها،لأن ذلك يعتبر خيانة من هؤولاء وتدخل سافر من الآخرين في الشؤون الداخلية لهذه الدولة،كما نقول أن هذا نفسه ما تقوم به السعودية تحت ما يسمى بالتحالف العربي لدعم الحكومة الشرعية في اليمن وترفض قبوله هي وحلفائها في سوريا.

ويجدر التذكير هنا أن تدخل السعودية ودول الخليج  في سوريا والعراق واليمن وغيرها من الدول،تضمن مليارات الدولارات وعشرات آلاف أطنان من الأسلحة وإرسال مئات الطائرات لقصف المواقع المختلفة،وهذا يفوق بمرات ومرات ما يقوم به الآخرين في هذه الدول ولا مجال للمقارنة.

لكننا نجد أن بيانات مجلس التعاون الخليجي ومجلس الجامعة العربية دائما تدين قصف قوات النظام (الرسمي) السوري (الشرعية) للمدنيين (المتواجد بينهم آلاف المقاتلين الأجانب المختبئين بينهم) ونحن معه في هذا،بينما تقدم الدعم والمساندة لقصف صواريخ طائرات عاصفة الحزم السعودية الأكثر حداثة (غير الرسمي) والتي تقتل اليمنيين المعارضين لهم في بلادهم لتثبيت الحكومة (الشرعية)،على أن المقارنة هنا بين طائرات عاصفة الحزم وصواريخها الفتاكة وبين قدرات التحالف الحوثي الصالحي (المتواضعة نسبيا) في غير محلها أيضا،فما هذه الإزدواجية في المعايير أو بالأحرى النفاق في التعامل مع الدول.

فها هم الأشقاء اليمنيون والذين يعيشون منذ أكثر من عام تحت قصف طائرات ما يسمى عاصفة الحزم،والذي إستهدف مزارع الدواجن والأسواق الشعبية والمستشفيات وقتل آلاف المدنيين،لم نلمس أي تعاطف معهم وإن كان هناك تعاطف فما زال محدودا جدا،وهنا تكمن المأساة الكبرى ويظهر النفاق في أبشع صوره.

أخيرا فإننا نقول إن كل الضحايا في الجانبين من العرب والمسلمين وهم الذين يدفعون الثمن من دمائهم وأرواحهم قتلا وتدميرا وتهجيرا،وذلك في إطار لعبة أمم دموية كبرى تحرك فيها الدول الكبرى أطراف الصراع في العالم العربي كما تريد ووفقا لمصالحها،إلا أن كل الضحايا بالنسبة إلينا سواسية وفي أي أرض سقطوا وبأي طريقة،سواء بالبراميل أو بالصواريخ أو بالطائرات،فهم بشر وهم أهلنا وأبناء جلدتنا وعقيدتنا،ولا نبكي على طرف ونتجاهل الآخر،وهنا يكمن الفرق،وهذا هو موقف صاحب المبدأ وليس موقف صاحب المصلحة والهوى والعاطفة،فصاحب المبدأ يدافع ويسعى لتطبيق مبدئه مهما تغيرت الظروف،فيما يسعى صاحب المصلحة لتحقيقها مهما كلفه الأمر،كما أن أصحاب المصلحه جاهزون دائما لتغيير هذه المواقف بناء على متغيرات الأحداث والحوادث،وسرعان ما يختلفوا عندما يحسوا أن المصلحه تكاد تنعدم،فكن صاحب مبدأ تعيش مرفوع الرأس.

عن الكاتب

HOSNI AL-KHATIB

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

قلب شجاع - Brave Heart