قلب شجاع - Brave Heart  قلب شجاع - Brave Heart
random

آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

معركة بلاط الشهداء

معركة بلاط الشهداء
يقال أنه لم تحظى أية معركة من قبل في أوروبا بكل التهليل الذي حظيت به معركة بلاط الشهداء،فقد تغنى بها الشعراء والأدباء والفنانون،وذلك لإعتقادهم بأنه لو تم النصر للمسلمين في هذه المعركة لإكتسح الإسلام أوروبا بطولها وعرضها،حيث قال عنها المؤرخون: (إن إستشهاد عبدالرحمن الغافقي في معركة بلاط الشهداء منع المسلمين من السيطرة على أوروبا بأكملها).
فلقد تولى عبدالرحمن الغافقي ولاية الأندلس،وكان رجلا من النابغين،حيث تلقى الفقه والحديث عن عبدالله بن عمر وذهب إلى الأندلس مع المجاهدين،وكان يمتاز بالحصافة العسكرية وبعد النظر،فحكم الأندلس وهي تشرف على فوضى عارمة،لكنه أعاد الأمن والأمان إلى ربوعها،وضبط الأمور فيها بهدف نشر ضوء الحضارة الإسلامية في ربوع أوروبا التي كان يخيم عليها الجهل والتخلف (العصور الوسطى)،كما وإستطاع بالعقل والحنكة السياسية والعسكرية أن يستولي على نصف فرنسا.

هنا إستيقظت أوروبا وأعدت العدة لدرء هذا الخطر،حيث حشد شارل مارتل جيشا ضخما ضمّ فيه الجرمان والعشائر المتوحشة والذين لبسوا جلود الذئاب والنمور تحضيرا للمعركة الفاصلة ولوقف الزحف العربي الإسلامي على أوروبا،هذا وقد إستعد عبدالرحمن الغافقي لهذا الجيش الضخم بكل العدة.

وهكذا إجتمعت الجيوش في سهول فرنسا وعلى ضفاف نهر اللوار في أكتوبر سنة  732م،وإحتدم القتال بين الفريقين في هذا المكان الشاسع،وإستبسل جيش المسلمين إستبسالا رائعا في أول أيام القتال،ولم ترهبهم جيوش الفرنجة حتى ظن شارل مارتل أن الهزيمة لاحقة بجيشه،ففكر في طريقة يخدع بها المسلمين  فأشاع بأن جيشه سوف يستولي على الغنائم التي غنمها المسلمون في المعركة،فتراجع بعض المسلمين لحماية هذه الغنائم،ولم يستمعوا  لنداءات عبدالرحمن الغافقي لتفرغ للمعركة وحدها،وبقي يحارب الأعداء مع القلة الصامدة حتى سقط شهيدا،وبسقوط عبدالرحمن الغافقي تخاذلت جموع المقاتلين معه وإنسحبوا إلى الوراء.
وعندما تقدم شارل مارتل بعد المعركة نحو معسكرات المسلمين،قتل جميع من فيها بلا رحمة،ولم يفرق بين جريح وأسير ومريض محولا هذه المعسكرات إلى بحيرات من دماء،فإنتهت هذه المعركة الدامية والتي أطلق عليها المؤرخون معركة (بلاط الشهداء) لكثرة ما سقط فيها من الشهداء.

هذه المعركة تذكرنا بما حدث في معركة أحد آيام رسول الله،وكأن التاريخ يعيد نفسه من جديد ليبرز للمسلمين شتى العبر وما أكثر ما في التاريخ من عبر،فلو ساعد الحظ عبدالرحمن الغافقي وإنتصر في معركة (بلاط الشهداء) لكان من أعظم قادة التاريخ ولإنتشر الإسلام في أوروبا كلها،وتحقق الأمل الذي لم يستطع أن يحققه موسى بن نصير.

عن الكاتب

HOSNI AL-KHATIB

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

قلب شجاع - Brave Heart