قلب شجاع - Brave Heart  قلب شجاع - Brave Heart
random

آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

تعريف الأقليات والمقصود بتبادل الأقليات

تعريف الأقليات والمقصود بتبادل الأقليات
الأقليات

تتكون الأقليات من بقايا الشعوب التي كانت تعيش في منطقة معينة ولكنها إختلطت بعناصر جديدة تغلبت عليها بالعدد حتى جعلتها أقلية،وهنا يحصل الصراع بين أقليتين تحاول كل منهما إبتلاع الأخرى والقضاء عليها،وفي هذه الحالة فإن الأقلية الضعيفة تنزوي في مناطق معزولة وتحافظ على كيانها،وقد تعمل على غزو قومية أخرى مجاورة لها،ولكن بسبب المقاومة الشديدة من هذه القومية فإنها تنسحب تاركة بعض أفرادها في هذه الأماكن الجديدة مثل ما فعل الألمان في منطقة الألزاس واللورين ولوكسمبرغ وكما فعل الفرنسيين في الجزائر،كما وأن هناك أقليات جاءت نتيجة هجرة بعض العناصر البشرية من منطقة إلى منطقة أخرى آهلة بالسكان وبهذا تبدو هذه العناصر الجديدة غريبة في وسط العناصر الأصلية و تصبح بذلك أقلية .

وقد عملت العديد من الشعوب على إضطهاد الأقليات مثل ما فعل البولنديون ضد الأوكران في عام 1919 ومثل ما فعل الإسبان ضد الكتلان وهناك الكثير الكثير من الأمثلة،وهذا ما يجعل من هذه الأقليات تشعر بالظلم والحقد لأن الغالبية دائما تحاول أن تفرض عليها لغتها وثقافتها،إلاّ أن بعض هذه الأقليات تقاوم هذه الضغوط وتطالب بالإنفصال كما فعل البولنديون عندما قاوموا الروس في القرن التاسع عشر وكما قاوم التشيك النمساويون وغيرهم الكثير،وهكذا إستطاعت هذه الأقليات أن تحافظ على كيانها ضد القوى الكبرى وذلك بسبب شعورها بأنها فئة يجب أن تكون متحدة ومترابطة،وقد تولد هذا الشعور لديها نتيجة خبرة كبيرة وطويلة مرت بها هذه الشعوب،وهذا هو ما مكن الهولنديين من إقامة قومية هولندية وكذلك الحال للقومية الإنجليزية .

ومن خلال ما سبق نستطيع أن نعرّف الأقلية بأنها طائفة إجتماعية أو دينية أو لغوية أو جنسية مختلفة عن المجموعة التي تعيش معها في الوحدة السياسية،وقد تكون هذه الأقلية مسالمة ومؤيدة لسياسة الدولة مثل البولنديون في ألمانيا والجالية اليمنية في السعودية أو تكون ميالة للإنفصال وتكوين وحدة سياسية قومية جديدة خاصة بها مثل الألمان في تشيكوسلوفكيا والنمساويون في جنوب إيطاليا،ويهدد هذا النوع الأخير من الأقليات السلم العالمي وذلك لأنهم يعيشون مجاورين لشعوب تنتمي إليها قوميتها وتود الإنضمام إليها لتتكامل وحدتها السياسية القومية.

وتحتفظ الأقليات دائما بلغتها وهو ما يميزها عن باقي أجزاء الدولة،ولكن الدول تعمل في المقابل على كبت لغات الأقلية ونشر اللغة الرسمية للدولة وهذه الأمور تختلف من دولة لدولة ومن أقلية لأخرى،فإن كانت الأقلية مسالمة ومناصرة للدولة فإنها تعطى بعض الحريات والإمتيازات أما إذا كانت الأقلية مناوئة فإنها تحرم من الإمتيازات والحريات،وقد أجبر مؤتمر السلام الذي عقد في باريس 1919 - 1920 الدول التي لديها أقليات على حمايتهم وأن تعاملهم كسكانها الأصليين دون تمييز بينهم،بالإضافة إلى أن لهذه الأقليات الحق في ممارسة طقوسها الدينية بحرية وأن تدرس لغتها في جميع مراحل الدراسة،وعلى الرغم من ذلك فإن كثير من الدول لم تلتزم بذلك ومنها إيطاليا التي لم تعطي للأقلية الألمانية في التيرول الجنوبي ولا للأقلية السلافية في تريستا حرية تعليم لغتها،أما فرنسا فإنها تعتبر المواطن سواء كان فرنسي أو من الأقلية الألمانية يجب أن يتقن اللغة الفرنسية حتى يستطيع العمل فيها.

كما ويوجد هناك الأقليات الدينية التي ليس لها التأثير الكبير الذي للأقليات اللغوية إلا في مناطق محدودة من العالم أهمها الأقلية البروتستانتينية في إيرلندا والأقلية الأرثودكسية واليهودية في بولندا والأقلية الأرثودكسية في ألبانيا والتي تقوم وسط محيط إسلامي يبلغ فيه نسبة المسلمين 70% من مجموع سكان ألبانيا .


تبادل الأقليات

كانت الدولة العثمانية أول من إقترح تبادل الأقليات عام 1913 وكان الهدف منه في ذلك الوقت هو التخلص من الأقليات المسيحية خوفا من إقتطاع جزء من أراضيها وإعطاءه للدول المجاورة بسبب هؤولاء الأقليات التي تعيش في الدولة،غير أن هذا الإقتراح كان حبرا على ورق حتى إنتهاء الحرب العالمية الأولى وبعدها إتفقت كل من تركيا واليونان على التبادل الإجباري لجزء من شعبيهما عام 1923 معتمدين على الفوارق الدينية،حيث كان في اليونان حوالي 360 ألف تركي مسلم بينما كان هناك حوالي 1,5 مليون مسيحي يوناني في تركيا وبهذا الإتفاق أجبرت الأقليات في كلا البلدين على مغادرة منازلهم وترك أعمالهم والهجرة إلى الوطن الأصلي دون أن يكون لديهم الوقت الكافي لبيع ممتلكاتهم وتصفية أعمالهم،وبما أن عدد اليونانيين الذين غادروا تركيا كان أكبر من الأتراك الذين غادرو اليونان،فلقد كانت خسارة اليونانيين كبيرة ويرى كثير من الكتاب أن الخلافات بين الشعبين في الوقت الحاضر وعدم الوصول لحل نهائي لمشكلة قبرص هو بسبب تلك الفترة الزمنية،وقد حصلت تبادلات أخرى للأقليات منها بين اليونان وبلغاريا فقد غادر بلغاريا حولي 102 ألف يوناني إلى اليونان مقابل حوالي 53 ألف بلغاري غادروا اليونان لبلغاريا وقد تميزت هذه الهجرة بالتنظيم وتعويض جميع أفراد الشعبين عن ممتلكاتهم على عكس التبادل الذي جرى بين تركيا واليونان.

كما وإن أهم تبادل سكاني تم بعد الحرب العالمية الثانية كان بين الهند وباكستان حيث هاجر حوالي سبعة ملايين هندي للهند من باكستان وحوالي خمسة ملايين باكستاني هاجروا إلى باكستان من الهند .

ولا يعتبر تبادل الأقليات الحل الأنسب لمشكلة الشعوب إلا إذا تم بشكل منظم وأعطية فيه الفرد المغادر التعويض المناسب والمرضي،كما أن على الدولة المستقبلة أن تهيء البرامج الضرورية لتوفير الراحة التامة والعمل المناسب لهؤولاء القادمين وهذا يصعب تحقيقه في كثير من الحالات لأن إرضاء الجميع أمر مستحيل.

وأخيرا فإن التبادل الإرتجالي للأقليات يولد مشاكل جمة للدولتين وخاصة للضحايا الذين سوف يدفعون الثمن غاليا نتيجة لقرارات سياسية،وينتج عن ذلك شعور بالعداء بين أفراد الشعبين،والأفضل من التبادل هو أن لا يكون هناك تبادل وأن تتبع كلا من الدولتين سياسة حكيمة في إعطاء الأقليات جميع الإمتيازات التي يتمتع بها شعبها وأن يعيشوا في سلام وأمان وطمائنينة.

عن الكاتب

HOSNI AL-KHATIB

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

قلب شجاع - Brave Heart