كيف نام
أصحاب الكهف
حتى نام أصحاب الكهف بصورة هادئة وصحيحة هذه
المدة الطويلة من دون تعرضهم للأذى والضرر،وحتى لا يكون هذا المكان موحشا ويصبح
مناسبا لمعيشتهم،فقد وفر لهم الباري عز وجل الأسباب التالية:
-تعطيل حاسة السمع
لقد تم تعطيل حاسة السمع لأصحاب الكهف،لأن أي صوت الخارجي يوقظ النائم،لهذا جاء في قوله تعالى: (فضربنا على آذانهم في
الكهف سنين عددا) الكهف/11 والضرب هنا يعني التعطيل والمنع،أي عطلنا حاسة
السمع عندهم مؤقتا والتي هي موجودة في الأذن والمرتبطة بالعصب القحفي الثامن،ذلك إن حاسة
السمع في الإذن هي الحاسة الوحيدة التي تعمل بصورة مستمرة في كافة الظروف وتربط
الإنسان بمحيطة الخارجي .
-تعطيل الجهاز المنشط الشبكي
لقد تم تعطيل الجهاز المنشط الشبكي،وهو الموجود
في جذع الدماغ والذي يرتبط بالعصب القحفي الثامن أيضا (فرع التوازن)،حيث إن هذا
العصب له قسمان: الأول مسؤول عن السمع والثاني مسؤول عن التوازن في الجسم داخليا
وخارجيا،ولذلك قال الباري عز وجل: (فضربنا على آذانهم) ولم
يقل (فضربنا على سمعهم) أي إن التعطيل حصل للقسمين معا،وهذا الجهاز
الهام مسؤول أيضا عن حالة اليقظة والوعي وتنشيط فعاليات أجهزة الجسم المختلفة
والإحساس بالمحفزات جميعا،وفي حالة تعطيله أو تخديره يدخل الإنسان في حالة من النوم
العميق وتقل جميع فعالياته الحيوية وحرارة جسمه،كما في حالة السبات والإنقطاع عن
العالم الخارجي،حيث قال تعالى: (وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً) النبأ/8
والسبات هنا يعني النوم والراحة و(المسبوت) هو الميت أو المغشي عليه،فنتج عن ذلك ما
يلي :
أ-المحافظة
على أجهزتهم حية تعمل في الحد الأدنى من إستهلاك الطاقة،فتوقفت عقارب الزمن
بالنسبة لهم داخل كهفهم،إلا إنها بقيت دائرة خارجه (كالخلايا والأنسجة التي تحفظ في
درجات حرارة منخفضة،فتتوقف عن النمو وهي حية).
ب-تعطيل
المحفزات الداخلية التي توقظ النائم عادة بواسطة الجهاز المذكور أعلاه،كالشعور
بالألم أو الجوع أو العطش أو الأحلام المزعجة (الكوابيس).
-المحافظة
على أجسامهم سليمة طبيا وصحيا وحمياتها داخليا وخارجيا والتي منها :
أ-
التقليب المستمر لهم أثناء نومهم،حيث جاء في قوله تعالى: (وَتَحْسَبُهُمْ أيقاظاً
وَهُمْ رُقودٌ وَنُقلّبُهُمْ ذاتَ اليْمَين وذاتَ الشّمَالِ) الكهف/18 وذلك لئلا
تآكل الأرض أجسادهم بحدوث تقرحات الفراش في جلودهم والجلطات في الأوعية الدموية
والرئتين،وهذا ما يوصي به الطب ألتأهيلي حديثا في معالجة المرضى فاقدي الوعي أو
الذين لا يستطيعون الحركة بسبب الشلل وغيره.
ب- تعرض
أجسادهم وفناء (ساحة) الكهف لضياء الشمس بصورة متوازنة ومعتدلة في أول النهار وآخره،وذلك للمحافظة عليها منعا من حصول الرطوبة والتعفن داخل الكهف في حالة كونه معتما،حيث جاء ذلك
في قولة تعالى: (وَتَرَى الشَّمس إذا طَلَعتْ تَزاورُ عن كهْفِهمَ ذاتَ
الْيَمين وإذا غرَبتْ تَفْرضُهُمْ ذاتَ الشِّمال)الكهف/17 والشمس ضرورية كما هو
معلوم طبيا للتطهير ولتقوية عظام الإنسان وأنسجته بتكوين فيتامين (د) عن
طريق الجلد وغيرها من الفوائد الأخرى.
ويقول
القرطبي في تفسيره عن قوله تعالى: (إذا غربت فتقرضهم) أي يصيبهم يسير منها من قراضة الذهب
والفضة،بمعنى تعطيهم الشمس اليسير من شعاعها إصلاحا لأجسادهم،فالآية والمعجزة في ذلك،هي بأن
الله تعالى آواهم إلى الكهف وصفته (الأعلى)،أي ليس بكهف آخر يتأذون فيه بإنبساط
الشمس عليهم في معظم النهار،والمقصود هنا هو بيان حفظهم عن تطرّق البلاء وتغير الأبدان
والألوان إليهم والتأذي بحرّ أو برد.
ج
- وجود فتحة في سقف الكهف،أي وجود فجوة (وهي المتسع في المكان) في الكهف تصل فنائه بالخارج،بحيث تساعد على تعريض الكهف إلى
جو مثالي من التهوية والإضاءة عن طريق تلك الفتحة،،حيث جاء في قولة تعالى: (وَهُمْ في فَجْوَةٍ مِنْهُ ذلِكَ مِنْ آياتِ
اللهِ مَنْ يَهْدِ اللهُ فهُوَ الْمُهتْدى وَمَنْ يُضْلِلْ فلَنْ تَجِدْ
لَهُ ولياَ مُرْشداً)الكهف/17.
د
-الحماية الخارجية بإلقاء الرهبة منهم وجعلهم في حالة غريبة جدا غير مألوفة،فلا هم بالموتى ولا هم بالإحياء،إذ يراهم الناظر كالأيقاظ يتقلبون ولا يستيقظون،بحيث
إنّ من يطّلع عليهم يهرب هلعا من مشهدهم،كما وكان لوجود الكلب في باب فناء
الكهف دور في حمايتهم لقولة تعالى: (وَكلْبُهُمْ باسِط ذِراعِيْهِ
بالْوَصيدِ لَوْ اطَّلعْتَ عَلْيَهمْ لَوَلَيتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلمُلِئْتَ
مِنْهُمً رُعْباَ)الكهف/18.
سبحان
الله
لا
تنسوا قراءة سورة الكهف يوم الجمعة من كل أسبوع،فإن فيها من العبر الشيء
الكثير