الإقتصاد العالمي وأشكال التكتلات الإقتصادية
أهم ملامح الإقتصاد
العالمي
أولا: أن النشاط
الإقتصادي تحكمه آليات وتنظيمات متعارف عليها دوليا، وذلك من خلال ترسيخ مبادئ
التعامل على المستوى الإقليمي أو على مستوى الشركات الكبيرة أو متعددة الجنسيات.
ثانيا: ظاهرة التكتلات
الإقتصادية، حيث قامت تكتلات إقتصادية كثيرة حول العالم، وهذه التكتلات بالنسبة
للإقتصاد الدولي تعتبر بمثابة القطاع الإقتصادي أو المحلي بالنسبة للإقتصاد القطري
سابقا، كما أصبح التخصص في أي نشاط إقتصادي ذا أهمية عالمية، وذلك من خلال التعاون
داخل التكتل الواحد بين الدول التي يشملها التكتل أو بين التكتلات المختلفة.
ثالثا: ظهور الشركات
متعددة الجنسية التي أصبحت تدير النشاطات الإقتصادية في الكرة الأرضية وكأنها قرية
صغيرة، وذلك من خلال إنتشار فروعها والربط بينها عبر وسائل الإتصال الحديثة (الإنترنت مثلا).
رابعا: ظهور المنظمات
التجارية والإتفاقيات التجارية، بحيث ظهرت مبادئ عامة تحكم التجارة على المستوى
الدولي بدلا من التحكم على المستوى القطري، ومن أهم هذه المؤسسات (إتفاقية الجات –
ميثاق هافانا – مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأنكتاد) – منظمة
التجارة العالمية).
خامسا: إنتشار مبدأ حرية تجارة الخدمات، حيث أصبح هذا النشاط يحتل مكانا مرموقا اليوم، كما أصبح الناتج الإقتصادي العالمي يسير وفق مبادئ وقواعد دولية يترتب عليها إلتزامات على عاتق الدول، ويشمل ذلك كافة الخدمات وعلى الخصوص الخدمات ذات الطابع التجاري.
أما لتقييم آثار ذلك على الدول النامية بشكل موضوعي ومعمق، فما من شك أن الدول النامية ستنصاع لآليات الإقتصاد الدولي من خلال إعادة هيكلة إقتصادها وبناء أسس وقواعد إقتصادية تعمل إيجابيا لصالحها، كما أنه وبالرغم من أن صفات الإقتصاد العالمي الحالية متحيزة لصالح الدول القوية إلا أن من شأنها توفير مجال أوسع للحركة في إتجاه تحقيق التنمية، ولقد نجحت بعض الدول النامية في التصدي للعديد من الصعوبات التي واجهتها فرادى ومجتمعة أثناء المفاوضات، كما وأنها نجحت إلى حد كبير في تحجيم الضرر الذي كان يمكن أن يلحق بها لا سيما في مجال اِتفاقيتي الخدمات والإستثمارات، ومن هذه الدول دول النمور الأربعة في شرق آسيا وبعض دول إفريقيا.
أشكال التكتلات الإقتصادية
ظهرت التكتلات
الإقتصادية كنتيجة للقيود في العلاقات الدولية وكمحاولة جزئية لتحرير التجارة بين
عدد محدود من الدول، وتتخذ التكتلات عدة أشكال قد تختلف فيما بينها من حيث
الإندماج بين الأطراف المنضمة إلى التكتل، حيث تحاول هذه الأطراف إيجاد وحدة
إقتصادية فيما بينها وذلك بإزالة جميع العقبات التنظيمية، وهكذا فإنه يمكن الإشارة
إلى عدة درجات من التقارب الإقتصادي أهمها:
1-منطقة التجارة الحرة: وهنا تلتزم كل دولة عضو بإلغاء كافة القيود على الواردات من الدول الأطراف في
الإتفاقية، وبالتالي تتمتع صادرات كل دولة بإعفاء جمركي تام في الدول الأخرى
الأعضاء، كما وأنه لكل دولة مشتركة الحق في فرض الرسوم الجمركية على ما تستورده من
الدول الأخرى غير الأعضاء في المنطقة دون الإلتزام بالتعريفة الجمركية الموحدة، ومن
أبرز صور المناطق الحرة في العصر الحالي منطقة التجارة الحرة الأوروبية والتي تضم
دول الإتحاد الأوروبي بإستثناء ثلاثة دول، وقد أنشأت بموجب إتفاقية (إستكهولم) عام 1959م.
2- الإتحاد الجمركي:
يتفق هذا التكتل مع الشكل السابق من حيث إلغائه للرسوم الجمركية والقيود الكمية
والإدارية على الواردات بين الدول الأعضاء، فضلا على أنه يعمل على توحيد التعرفة
الجمركية الخاصة بالإتحاد في مواجهة الخارج، ومن أشهر الأمثلة على ذلك (إتحاد
البينيلوكس) بين بلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ، والذي عقد في لندن عام 1944م.
3- الإتحاد الإقتصادي:
في هذا التكتل لا يقتصر التعاون بين الدول الأعضاء على إلغاء القيود المفروضة على
المبادلات التجارية فحسب، بل يشتمل على تحرير حركات رؤوس الأموال والأشخاص وإنشاء
المشروعات إلى جانب التنسيق بين السياسات المالية والنقدية والإقتصادية للدول
الأعضاء، وذلك بغرض إقامة هيكل إقتصادي متكامل بحيث تتحقق وحدة إقتصادية مستقبلا
بين الدول الأعضاء.
4-الإندماج الإقتصادي
الكامل: بمقتضى هذا الشكل من التكتل تصبح إقتصاديات الدول الأعضاء كإقتصاد
واحد، بحيث تتحقق شروط الإتحاد الإقتصادي من خلال إنشاء سلطة عليا تكون قراراتها في المسائل
الإقتصادية ملزمة لجميع الدول الأعضاء، وهذه هي الصورة المتحققة في ظل ما يعرف
بالسوق الأوروبية المشتركة.
والجدير بالذكر أنه على الرغم من أن كل التكتلات الإقتصادية قد عرفت منذ القدم، إلا أنّ هذه الظاهرة على وجه الخصوص يتميز بها الإقتصاد الحديث، ويرجع ذلك إلى تطور علاقات الإنتاج وزيادة أهمية الوحدات الإقتصادية الكبيرة وظهور أقطاب التنمية، كما وقد أدّى التقدم التكنولوجي الحديث إلى فرض أهمية إضافية على الوحدات الإقتصادية الكبيرة الحجم للإستفادة من التقدم الفني فيها، حيث أنه وبعد الحرب العالمية الثانية أصبح التعاون الإقتصادي الدولي وظهور المؤسسات الدولية والإقليمية الصفة الغالبة على النشاط الإقتصادي عموما، وكل ذلك أدّى بدوره إلى توحيد الإطار التنظيمي والقانوني للإقتصاد العالمي، حيث ظهرت بعد ذلك الشركات متعددة الجنسيات والمشروعات العالمية.