كان أهل قزوين قد تعودوا أن ينقشوا بطريق الوشم صورا
لبعض الحيوانات على أجسامهم، وفي أحد الأيام توجه قزويني إلى حجام لينقش له صورة
الأسد على جسمه لكي يتخذ من تلك الصورة عنوانا لشجاعته وجرأته التي يتظاهر بها
أمام الناس.
فسأل الحجام: أي مناظر الأسد تريد أن أنقشه؟
قال القزويني: أريد صورة أسد غضوب بادي الأنياب، علما
أن برج الأسد هو طالعي الذي ولدت فيه.
قال الحجام: وأين تريد أن يكون موضع الصورة من جسمك؟
قال القزويني: إجعل النقش في ساعدي الأيمن ليظهر أمام الجميع.
فأخذ الحجام إبرة الوشم وبدأ يرسم الصورة المطلوبة، فأحس
القزويني ألما موجعا من وخز الإبرة وصاح في وجه الحجام قائلا: أي صورة ترسم الآن؟
قال الحجام: أنقش صورة الأسد كما طلبت.
فسأل القزويني: ما الذي بدأت ترسمه من أعضاء جسم الأسد؟
قال الحجام له: إني بدأت بذيله.
فرد القزويني: أترك يا عزيزي ذيل الأسد، وإبدأ بغيره من
أعضاء جسمه، لأن ذيله قد أجهدني، ولا ضير على الأسد أن يكون بغير ذيل.
وأخذ الحجام يصور عضوا آخر غير الذيل، فصرخ القزويني متألما،
وقال: ما الذي تنقشه الآن من أعضاء الأسد اللعين؟
قال الحجام: إني أصور أذنيه.
قال القزويني: إني أريد أسدا بلا أذنين، فإن ذلك لا
يعيبه، ومضى الحجام للمرة الثالثة يواصل الوشم، فتململ القزويني، وقال: ما هذا
الذي ترسمه أيها الحجام؟
قال الحجام: أرسم بطن الأسد.
فرد القزويني وهو يتلوى جزعا: إن أسدي هذا ليس في حاجة
إلى بطن، وليست به ضرورة إلى الطعام.
وحين طالت بهذا الحجام حيرته من هذا القزويني المصارع،
رمى بإبرة الوشم على الأرض، وقال غاضبا للقزويني: أيها الشيء العجيب! لا أعلم أن
الله تعالى خلق أسدا بغير ذيل وبغير أذنين وبغير بطن، ولم يشاهد أحد مثل هذا الأسد،
لا في الحقيقة ولا في الرسوم، وما دمت لا تحتمل وخز الإبرة فكيف تدعي شجاعة
الأسود؟