قلب شجاع - Brave Heart  قلب شجاع - Brave Heart
random

آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

الرعاية الأمريكية لجماعة الإخوان المسلمين

الرعاية الأمريكية لجماعة الإخوان المسلمين
قال مدير المخابرات الخارجية الروسية، ميخائيل فرادكوف، في ندوة مع السفراء الروس في العالم العربي والإسلامي إن بريطانيا دعمت جماعة الإخوان منذ البدء لمواجهة تنامي التيار القومي العربي، كما وأوضح أن الإخوان لم يقروا أو يسلموا بهزيمة مشروعهم السياسي، بل إنهم ما زالوا يراهنون على أن مشروعهم هو المشروع البديل لكل المشاريع التي تطرح في المنطقة وأنه هو المشروع الأقوى والمدعوم دوليا، والذي شق طريقه خلال 8 عقود من العمل المتواصل، وأن ما يلاقيه المشروع الآن من تراجعات سيتم التغلب عليها، لأنها عقبات مختلفة أوجدتها قوى تهدف إلى تدمير المشروع الإسلامي في المنطقة.
وبحسب مدير المخابرات الروسية، فإن لدى الجماعة دعم القوى العالمية الأكثر تأثيرا في العالم وهي أميركا، وأن جماعة الإخوان المسلمين جزء أساسي من أدوات المشروع الأميركي للهيمنة على العالم العربي والإسلامي، حيث إنه في عام 1928 وعندما انطلقت فكرة الإخوان المسلمين في مصر، لاقت الاحتضان الكبير والدعم اللامحدود من الاستعمار البريطاني في تلك الفترة والذي كانت سياسته تقوم على مبدأ "فرق تسد"، والذي اعتبر أن إنشاء مثل هذه الجماعة ستمكنهم لاحقا من التصدي للخطر الأساسي المتوقع في المنطقة وهو التيار القومي العربي، حيث لا بد أن يواجه هذا التيار بتيار الإخوان المسلمين الذي كان منذ بدايته الأولى مناهضا للقومية العربية.
هذا وفي بداية أفول نجم بريطانيا العظمى في الخمسينيات من القرن الماضي، أصبح الوريث الشرعي لبريطانيا في المنطقة هي الولايات المتحدة الأميركية القوة الصاعدة المهيمنة حديثا، لهذا فالعلاقة مع الإخوان المسلمين ورثت من البريطانيين إلى الأمريكان، حيث أنه وفي خمسينيات القرن الماضي وبعد نجاح ثورة جمال عبد الناصر واشتباكها مع الإخوان المسلمين التي فشلت محاولتها بالهيمنة والسيطرة على هذه الثورة، بدأ المستشار حسن الهضيبي، المرشد العام للإخوان المسلمين، في تلك الفترة بتجديد العلاقات ما بين الإخوان المسلمين والولايات المتحدة، واتفق الطرفان على أرضية التعامل المشترك ضد ثورة "23 يوليو" كونها تهدد المصالح الأميركية في المنطقة، ومن جانب آخر تستهدف حركة الإخوان المسلمين في مشروعها السياسي، وهكذا تواصلت العلاقات ما بين الطرفين وتعمقت ووضعت الإشكاليات والمصاعب أمام ثورة جمال عبد الناصر ليس في مصر فحسب، بل في بلدان عربية أخرى مثل "السعودية واليمن والأردن"، وذلك في محاولة لوقف مد هذه الثورة وانتقالها وتدعيمها في مناطق أخرى في العالم العربي.
كما وأنه في بداية سبعينيات القرن الماضي وعند وفاة جمال عبد الناصر واستلام أنور السادات للحكم من بعده، شعر بأنه مستهدف من قبل رفاقه في الثورة وأن أيامه ليست طويلة في الحكم، حيث أشار حسن التهامي، وكان مستشارا له، بأكثر من سيناريو للانقضاض على مراكز القوى المناهضة له في مصر، وأما السيناريو الرئيسي الذي وافق السادات عليه هو تعميق العلاقة مع الحسن الثاني ملك المغرب واللجوء له، مستندا إلى تقارير كانت تصله بصفته رئيسا للمخابرات المصرية تفيد بأن الحسن الثاني هو الأكثر قربا في هذه المرحلة للولايات المتحدة وإسرائيل والقوى اليهودية في كافة أنحاء العالم، ومن هنا بدأ أنور السادات اتصالاته بالحسن الثاني، بحيث إنه في شباط 1972 عقد أول لقاء سري بين السادات والأمريكان برعاية الحسن الثاني، وكان هذا اللقاء فاتحة للعلاقة بين السادات والأمريكان بشكل رسمي، وشرعت هذه العلاقة بقنوات مصرية أميركية كان أهمها قناة حسن التهامي، هذا ونصح الأمريكان السادات أنه إذا كان جادا بالتصدي لمراكز القوى وبالتغيير الجذري للسياسة المصرية، فما عليه إلا التعامل والتعاون مع الإخوان المسلمين الذين يشاركونه نفس الهدف في المرحلة الحالية وأنهم سيساعدونه في ذلك.
كان في تلك الفترة المرشد العام للإخوان المسلمين في مصر هو عمر التلمساني والذي انفتح على السادات بطلب وبرغبة أميركية، وعمق الطرفان العلاقات فيما بينهم، حيث وجد الإخوان في ذلك فرصة للثأر من عبد الناصر ومراكز القوى التابعة له، فاندفعوا بقوة مع السادات على تنفيذ نقطتين هما: فك التحالف مع الاتحاد السوفياتي في تلك الفترة كونه اتحادا كافرا ملحدا، والعمل على تصفية النفوذ الناصري، كما دعم الإخوان المسلمون في مصر السادات بكل قوة حتى في زيارته لإسرائيل وتوقيع الاتفاقيات، وإن كانوا في العلن يعارضون فهم في السر صامتون أو مؤيدون، فالقوة الرئيسية التي كانت قادرة على التصدي للسادات ومنعه من أي اتفاقية مع إسرائيل هم الإخوان المسلمون، ولو عملوا بجد لنجحوا لكن الطرفين كانا معنيين بما حصل، وهكذا نجح الإخوان والأمريكان في قلب السياسة المصرية جذريا وقطعت "مصر السادات" تدريجيا علاقاتها مع الاتحاد السوفياتي، ما يعني الارتماء في الحضن الأميركي، وأضعف المواجهة كثيرا مع إسرائيل وبدأت ثقافة دعمها الإخوان بقوة في مصر وهي ثقافة مصر أولا.
أما عن علاقة المخابرات الأمريكية بإخوان الأردن، فيقول ميخائيل فرادكوف،أنه عُقد في عام 1982 وأثناء حرب بيروت، لقاء هام واستراتيجي في الأردن بين الإخوان المسلمين والمخابرات الأميركية ممثلة برئيسها، وحضر من الإخوان المسلمين عبد المجيد ذنيبات الذي لم يكن المراقب العام بل كان نائبا لعبد الرحمن خليفة الذي رفض حضور هذا اللقاء، وعبد الله عزام وأحمد نوفل والدكتور علي الحوامدة وزياد أبو غنيمة وعبد الرحيم العكور، وكان هذا اللقاء بداية رسمية للتعاون ما بين الإخوان المسلمين في الأردن والمخابرات الأميركية، حيث تقرر فرز عبد الله عزام كقناة اتصال وتنسيق بين الإخوان المسلمين والمخابرات الأميركية، والتي كانت وجهتها في تلك المرحلة التعاون في التصدي للنفوذ السوفياتي في أفغانستان والمنطقة وضرورة التصدي له إسلاميا دون الحاجة إلى تدخل أميركي مباشر، بل ستوفر أميركا كل أنواع الدعم للمقاتلين الإسلاميين في مواجهة الاحتلال السوفياتي.
وهكذا تولى عبد الله عزام، الذي كان أبرز قادة الإخوان المسلمين في تلك الفترة، هذا الملف بالتنسيق مع الأميركان وشخصيا مع مستشار الأمن القومي بريجنسكي الذي التقى بعزام أكثر من مرة في باكستان ونسق وإياه ولادة تنظيم القاعدة في أفغانستان، والذي كان عنوانا لذهاب كل المقاتلين الإسلاميين من دول عربية وإسلامية لمواجهة الاحتلال السوفياتي لأفغانستان وحرف النظر عن المعركة مع إسرائيل، وعبد الله عزام كان هو من أوجد القاعدة وقائدها أسامة بن لادن في تلك المرحلة بالتنسيق مع الأميركان، وبالرغم من اغتيال عبد الله عزام الذي اتهمت المخابرات الأميركية السوفيات بقتله إلا أن قنوات الاتصال بقيت وما زالت بين الإخوان المسلمين في الأردن والأمريكان ولم تكن هذه العلاقة في مرحلة من المراحل بمعزل عن متابعة القصر لها.
أما في المغرب العربي فقد صعد نجم راشد الغنوشي كأحد أبرز وجوه الإخوان المسلمين، والذي كان زعيم تنظيم النهضة التابع للإخوان المسلمين في تونس، وبعد اعتقاله والضغوط التي مورست على الحكومة التونسية لإطلاق سراحه والسماح له بالتوجه إلى فرنسا كلاجئ سياسي، فرزه التنظيم العالمي للإخوان المسلمين كقناة اتصال مع الغرب وبالذات مع أميركا، حيث خاض الغنوشي مرحلة طويلة من الحوارات والنقاشات مع مراكز الدراسات والأجهزة الأمنية في الولايات المتحدة وأوروبا، وكان قادرا على أن يبدد لهم مخاوف تستهدفهم وتستهدف مصالحهم من الإخوان المسلمين، بل على العكس من ذلك أثبت لهم أن مشروع الإخوان والمشروع الغربي يلتقيان في مواجهة التيار القومي الذي ينظر له الغرب وأميركا على أنه الخطر الأكبر لهم في المنطقة، وأن الإخوان المسلمين سيكونون حريصين على مصالح الولايات المتحدة في المنطقة ولا يوجد في تفكيرهم أي بذرة أو أسباب للمواجهة مع الأمريكان.

عن الكاتب

HOSNI AL-KHATIB

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

قلب شجاع - Brave Heart