تسويق الذات عبر مواقع التواصل الاجتماعي
تسويق الذات هو إبراز الجانب المتميز في الشخص من مهارات وخبرات ونقلها للجمهور بشكل إبداعي، وتعد منصات التواصل الإجتماعي وسيلة فعالة لمساعدة كل شخص على تسويق ذاته، سواء كان ذلك بزيادة معارفه أو بالترويج لعلامته التجارية أو مشروعه الخاص، وكل شخص يسعى لتسويق ذاته عليه تعلم كيفية تحقيق الإستفادة من مواقع التواصل الإجتماعي واستخدام أدواتها بشكل فعال لتحقيق هذا الغرض.
تسويق الذات مفهوم اصطلاحي يطلق على مشاركة المعارف والمهارات الموجودة لدى شخص معين مع مجموعة من الأشخاص بأسلوب إبداعي على شبكة الإنترنت، ويتحقق ذلك من خلال الاستغلال الأمثل لأدوات مواقع التواصل الإجتماعي، ومراعاة القيمة النوعية والأخلاقية للمحتوى المعروض، والاستفادة القصوى من التقنيات المتاحة، فنشر المعارف والمهارات مع العناية بجودة الأسلوب وقيمة المادة التي يقدمها يساعد المسوق لذاته على ترك بصمة في مواقع التواصل الاجتماعي، ويمكنه من تحويل قاعدته الجماهيرية التفاعلية من مجموعة صغيرة إلى جمهور كبير.
تسويق الذات قد يتلخص في تفاصيل بسيطة مثل ترويج لإنجاز شخصي أو لمهارة خاصة أو جائزة أو حتى حضور فعالية مميزة، المهم هو كيفية نقل هذه التفاصيل للجمهور بشكل متميز وغير مفتعل، فمثلا لو لديك كتاب قمت بنشره وتريد أن تسوق لذاتك من خلاله، تسويقك لذاتك من خلال هذا الكتاب سيكون عبر نشر اقتباسات من بعض الفصول المهمة في كتابك على مواقع التواصل الاجتماعي، أو إذا كنت مشارك في بعض المؤتمرات أو الفعاليات الهامة وتسعى إلى التسويق لذاتك عبر مشاركتك في هذه الفعاليات، سيكون ذلك من خلال نشرك لصور تجمعك مع المشاركين في هذه اللقاءات أو من خلال مقاطع الفيديو أو تصوير بث مباشر على مواقع التواصل الاجتماعي لوجودك في هذا الحدث، كما يمكنك أيضا التسويق لمهارة من مهاراتك الشخصية، بحيث يمكنك إذا كنت مثلا لاعب كرة قدم محترف أن تلتقط صورا أو مقاطع فيديو تبرز من خلالها مهاراتك وتنشرها على حساباتك المختلفة، ويمكنك أيضا الترويج لبعض الإنجازات البارزة في حياتك، كنشر صورة شهادة أو درجة علمية حصلت عليها أو شهادة تقدير فزت بها أو مكافأة قدمت إليك.
تسويق الذات باختصار يتمحور حول انتباهنا للأحداث البارزة في حياتنا ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي مع الابتعاد عن المبالغة وتضخيم هذه الأحداث، لأن الهدف الأساسي هو إبراز قيمتنا والدور الذي نلعبه في حياتنا اليومية بواسطة هذه المواقع التي نسوق لأنفسنا من خلالها، إضافة إلى ما يهمنا كمسوقين لذاتنا هو أن نستخدم أي أداة توافقت مع ميولنا وأهدافنا ونسوق من خلالها لأنفسنا، وذلك عبر نشر المحتوى الهادف والمفيد الذي نرغب في تشاركه مع الآخرين، فأغلب الذين تميزوا على مواقع التواصل الاجتماعي هم الآن أناس مؤثرين ولديهم إنجازات ملموسة.
طبعا لنشر المحتوى على الإنترنت أخلاقيات وقواعد، واختراق هذه القواعد يؤثر بالسلب على السمعة الالكترونية للشخص وبالتالي على تسويق الذات، فمع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع وكثرة المستخدمين لها، بدأ البعض من رواد هذه المواقع السعي في تغطية الكثير من الأحداث المتعلقة بحياتهم اليومية، حتى بدأ قسم منهم في نشر بعض الأمور ومشاركة بعض الأحداث التي لا ينبغي نشرها ولا مشاركتها مع مرتادي منصات التواصل الاجتماعي، مثل التصوير في أماكن يمنع التصوير فيها أو التصوير في أماكن شديدة الخصوصية، أو في الأماكن العامة دون أخذ تصريح بذلك، فجميعنا الآن يحمل وسيلة إعلامية بأيدينا متمثلة في كاميرا الهاتف المحمول، ونستطيع من خلالها تصوير أي حدث في أي وقت، ولكن علينا مراعاة بعض الأخلاقيات المتعلقة بنا وبالآخرين في ما نصوره.
البعض يعتقد أن تسويق الذات هو مشاركة كل ما يدور حولك مع الآخرين، وهذا خطأ، لأن تسويق الذات هو عبارة عن إبراز قدراتنا وإنجازاتنا فقط، وكلنا لدينا لحظات جوهرية في حياتنا يمكننا مشاركتها مع الآخرين، وذلك عبر نقل بعض الصور ومقاطع الفيديو إلى منصات التواصل الاجتماعي، لكن لا تشارك كل شيء في حياتك، ولا تتطفل على خصوصيات الآخرين، كن شخصا له بصمة وأثر جميل يصنعه على منصات التواصل الاجتماعي من خلال المحتوى الذي تنشره، ومن خلال مراعاتك للقيم والأخلاق في ما تقوم بمشاركته مع الآخرين.
المسوق لذاته يجب أن يكون مستعدا لاقتناص الفرص، متأهبا دائما لأي حدث مهم مباغت، ومستعدا لنشر اللحظات المهمة على منصات التواصل الاجتماعي، ومن أهم أدوات تسويق الذات هي استخدام ما يسمى بالسرد القصصي، والسرد القصصي هو أن ينشر المسوق لذاته أمورا يعيشها وأشياء يحس بها ومشاعر تسيطر عليه بشكل مستمر ومترابط، حيث أن كثير من الدراسات تؤكد على أنه إذا نجحت في رواية قصتك بامتياز، ستنجح في صنع قاعدة جماهيرية جيدة، وستكون شخصا مميزا على مختلف منصات التواصل الاجتماعي.
هذا ويكمن سر التميز على مواقع التواصل الاجتماعي من بين ملايين المستخدمين لها في المشاركة المستمرة لكل ما هو مفيد ومميز مع الآخرين، وهذه النوعية من المهارات يهتم كثير من المتابعين بها، وللراغبين في التسويق لذاتهم أن يركزوا على مسائل تنتمي إلى دائرة اهتماماتهم الشخصية (رسم، عزف، كمبيوتر، رياضة... وغيرها)، كذلك يمكن التسويق للذات من خلال التجارب الشخصية في ميدان العمل اليومي الذي تذهب إليه، والمواقف الكثيرة التي تتعرض لها أثناء العمل وطريقة تعاملك معها، وعرضها بشكل يساعد الآخرين على معرفة كيفية التعامل مع نفس المواقف إذا صادفتهم في يوم من الأيام.
أما بشأن ما يتعلق بالهواية والخبرة والتجربة، فشارك دائما بما يؤثر في الآخرين ويترك بصمة في حياتهم لتكون موضوع حديثهم على الإنترنت، فالبعض يتصور خطأ أنه يسوق لذاته من خلال نشر الكثير من الطرائف على صفحته الشخصية، والبعض ينتج مقاطع فيديو مضحكة، وهذا شيء قد يستطيع من خلاله كسب بعض المتابعين، ولكن هل هذه فعلا هي حياته الواقعية؟ وهل هو شخص فكاهي على أرض الواقع؟ لهذا يجب ألا تختلف حياتنا الافتراضية عن حياتنا الواقعية، والمحتوى الرقمي الموجود على الصفحة الافتراضية يجب أن يطابق الشخصية الحقيقية (إلى حد ما).
مجرد نقلك للمعلومات ومشاركتها مع المتابعين على منصات التواصل الاجتماعي ليس كافيا في تسويق ذاتك، لذلك على المسوق لذاته أن يتابع الخبراء في المجال الذي يسوق لذاته فيه، وهذه المتابعة لا تعني مجرد الضغط على زر المتابعة على صفحاتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، وإنما تعني المتابعة الشاملة، كمتابعة المؤتمرات التي يشاركون فيها والكتب التي يؤلفونها والبرامج والكتابات التي ينشرونها عبر وسائل الإعلام المختلفة، بل حتى يمكن للمسوق لذاته أن يسافر ليلتقي بأحد الخبراء كي يستفيد من خبرته وتجربته إذا كان فعلا يرغب في أن يتميز في المجال الذي يسوق لذاته من خلاله، كما وبإمكاننا جميعا أن نقوم بذات الأمر، وهو أن نتواصل مع الأشخاص المميزين في مختلف المجالات ونتابعهم ونحاول أن نتأثر بهم، ونستفيد من تجاربهم لنصبح متميزين مثلهم.
هذا ويعتبر الاعتماد
على النفس والمجهودات الشخصية من أهم وسائل النجاح في تسويق الذات، وذلك من خلال
أن تكون جزءا من الحدث الذي تنشره، وكن أنت الذي تسوق لذاتك، فتسويق الذات عملية
لا تكتفي فقط بنشر محتوى متميز، بل يجب أن تكون أنت جزء من هذا المحتوى، فلو كنت
رساما على سبيل المثال وترغب في أن توضح للناس كيف يمكنهم أن يرسموا لوحة زيتية في
ثلاثة دقائق، سيكون عليك أن ترتب أفكارك وتجهز الكاميرا وأدوات الرسم والألوان،
وسيكون في ذلك نوعا من تسويق الذات حين تكون أنت الذي تصور وتتكلم وتقوم بعملية
المونتاج ورفع الفيديو، حيث سيلفت ذلك انتباه المتابعين، وقد يقومون بدعاية غير
مباشرة لصفحتك حين يبدؤون بالتحدث عن ما يتابعونه عليها لأصدقائهم، وستكتسب بذلك
سمعة إلكترونية، وسوف تكون مرجعا مهما لهواة الرسم على كل منصات التواصل
الاجتماعي، وسيستفيد المتابعون من تجربتك وتوجيهاتك، ويشاركون في المعارض التي
تعرض من خلالها لوحاتك.
رابط المقال في مجلة تحت المجهر: