قلب شجاع - Brave Heart  قلب شجاع - Brave Heart
random

آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

الموظف الدولي والنظام القانوني المنظم لعمل الموظف الدولي

الموظف الدولي والنظام القانوني المنظم لعمل الموظف الدولي
الموظف الدولي

وهو الذي يقوم بوظيفة دولية عامة على سبيل الإستمرار والتفرغ،ويستهدف من وراء ذلك صالح المنتظم وتحت إشرافه ويخضع في هذا الشأن لنظام قانوني يضعه المنتظم،ولكن قيام الموظف الدولي في خدمة المنتظم لا يعني بأية حال إنفصاله عن جنسية بلاده،كما لا تعفيه من إلتزماته كمواطن نحوها،ولكن ولائه الوظيفي ينبغي أن ينحصر في المنتظم،وهذا يصدق أيضا في علاقة الموظف الدولي بالدول الأخرى (الأعضاء وغير الأعضاء) في المنتظم الدولي.

كما أنه لا يخل بهذا التصور عند إعارة موظف ما لدولة معينة للعمل في خلال فترة معينة لدى منتظم دولي معين،حيث أنه يعود بعدها لعمله الأصلي في خدمة الدولة التي يحمل جنسيتها،ولكن خلال عمله لدى المنتظم تنقطع صلته بعمله الأصلي ويوجه كل نشاطه لخدمة المنتظم.

ويتميز الموظفون الدوليون عن غيرهم ممن يعملون بصورة أو أخرى في إطار المنتظم الدولي والذين يمارسون نوعا من الإزدواج الوظيفي،حيث أنهم يتميزون عن ممثلي الدول الأعضاء في المنتظم الدولي،من خلال أن هؤولاء يعملون بإسم الدولة التابعين لها ولحسابها ويتلقون التعليمات منها ويتقيدون بها،وهم لا يغادرون هذا الوصف حتى إذا مارسوا إختصاصاتهم ليس بإعتبارهم ممثلين للدول ذات السيادة في علاقاتها المتبادلة مع المنتظم وإنما بإعتبارهم ممثلين لأعضاء في جهاز ما من أجهزة المنتظم،فالقرارات الصادرة من جهاز ما وإن كانت تنسب إلى المنتظم في النهاية إلا أنها تصدر بعد التصويت عليها من جانب ممثلي الدول الأعضاء.

في حين أن الصفة الغالبة على ممثل الدولة هي تبعيته لها،وهذا يؤدي إلى إختلاف مركزه القانوني عن مركز الموظف الدولي من حيث التعيين الذي يتم بواسطة دولته بينما يتم تعيين الموظف الدولي بواسطة المنتظم،أو من حيث المسؤولية الناجمة عن الخطأ في ممارسته لوظيفته،فممثل الدولة مسؤولا عن ذلك أمام دولته بينما تكون مسؤولية الموظف الدولي أمام المنتظم،كما أن ممثل الدولة لا يحتج بالحصانات والإمتيازات التي يتمتع بها في مواجهة الدولة التي يمثلها،بينما يستطيع الموظف الدولي أن يحتج بها في مواجهة الكل.

كما أن الموظفين الدوليين يتميزون عن طائفة الأشخاص الذين يعملون في ذات الوقت لحساب دولتهم من ناحية وفي أداء مهمة أمر بها المنتظم أو تدخل في إطار إختصاصه من ناحية أخرى،ومثال ذلك القوات العسكرية التي تعيرها دولة ما إلى المنتظم الذي تتمتع بعضويته مثل قوات حلف الأطلسي،فهؤولاء العسكريين لا يعتبرون من قبيل الموظفين الدوليين لأن تبعيتهم لدولهم لا تنقطع طوال قيامهم بعملهم تحت علم حلف الأطلسي،حيث أن بقائهم في خدمة هذه القوات منوط بإرادة دولهم.

ولا يعتبر من الموظفين الدوليين من يقوم بأداء مهام مؤقتة أو على غير سبيل التفرغ،لأن الصفة المؤقتة التي تتسم  بها المهام تحول دون إعتبار الموظفين بها من قبل الموظفيين الدوليين،ومثال ذلك أعضاء لجان تقصي الحقائق التي ترسلها بعض المنتظمات الدولية للتحقيق في وقائع معينة وغيرها من الوظائف مثل مندوبي الدول الذين يتم إختيارهم لرئاسة جهاز من أجهزة منتظم دولي ما،حيث إن صفة الدوام في مهمة الموظف الدولي تستوجب تمتعه بمركز قانوني معين تجعل من آدائه لها خاضعا لمجموعة من القواعد التي تحكم ممارسته لوظيفته وتبين حقوقه وإلتزماته .


النظام القانوني للموظفيين الدوليين

ويقصد بذلك مجموعة القواعد القانونية التي تحكم الموظفين الدوليين منذ أن يتولوا مهام مناصبهم إلى أن يتركوها لأي سبب من الأسباب،ويقتضي ذلك بيان القواعد القانونية التي تحكم ممارستهم لأعمال وظيفتهم،خاصة تلك المبينة لحقوق الموظف وإلتزماته تجاه المنتظم.

ويتم تعيين الموظفين الدوليين بإتباع أحد الأسلوبين التاليين:

أ-التدخل المباشر للدول الأعضاء في المنتظم لتعين الموظفين الدوليين (يحكم تدخل الدول من عدمه هو مدى أهمية الموظف الدولي المراد تعيينه).
ب-التعيين عن طريق الموظف الإداري الأكبر في المنتظم.

فعندما يتعلق الأمر بتعيين الموظف الإداري الأكبر في المنتظم الدولي أو كبار الموظفيين في الجهاز الإداري والتنفيذي،فإن ذلك يأتي عن طريق تدخل الدول في عملية التعيين بصورة أو بأخرى،فقد يأتي التدخل مقنّع بالضغط على الجهاز أو الأجهزة المنوط بها عملية التعيين،كما قد يأتي في صورة تدخل مباشر.

أما في حالة الموظفين الآخرين ممن ليسوا على درجة عالية من الأهمية،فإنهم يعينون عادة عن طريق الموظف الإداري الأكبر في المنتظم،والذي يخضع في هذا الشأن لمجموعة من المبادئ والقواعد التي تستلهم معايير معينة تدور في مجموعها حول ضرورة أن يتمتع الموظفون بأعلى قدر من الكفاءة والنزاهة في مجال العمل الذي يقومون به،كما يجب أن يتبع في تعيينهم تمثيلا جغرافيا عادلا للدول الأعضاء في المنتظم وأن تراعى فيها مساهمات الدول الأعضاء في ميزانية المنتظم.

وفي العادة يعد كل منتظم نظاما قانونيا يحدد القواعد المتبعة في تعيين موظفيه وترقيتهم وتوقيع الجزاءات عليهم،وهو قد يأتي متأثرا بصورة أو بأخرى بالنظريات التي تتبعها الدول الأعضاء فيه أو في دولة المقر حول تحديد المركز القانوني للموظف الدولي وما إذا كان في مركز تعاقدي أو تنظيمي.


إستقلال الموظفين الدوليين في أدائهم لعملهم

ويعني ذلك أن الموظف الدولي ينبغي ألا يخضع في ممارسته لعمله بإسم المنتظم ولحسابه لأي نوع من أنواع المؤثرات التي قد تحيد به عن ذلك الطريق،وقد قننت مواثيق المنتظمات الدولية المختلفة ما إستقر عليه الفقه والقضاء،من ضرورة تمتع الموظفين الدوليين بالإستقلال والحياد في أدائهم لأعمالهم.

 وإستقلال الموظفين الدوليين يتخذ مظهرين هما:

1-مظهر سياسي: ويعني إستقلال سياسي من ناحية أن الحكومات المختلفة ينبغي أن تحترم الصفة الدولية للوظيفة الدولية والقائم بها،كما أن عليها أن تمتنع عن التأثير عليه بأي طريق أو أن تحاول ذلك،وهذا يعني أن الموظف الدولي يجب أن يمارس عمله بإتقان وجودة ونزاهة كاملة،وأن لا يمارس عمله تحت تأثير فكرة مذهبية أو موقف سياسي ولو كان أي منهما خاصا بدولته التي يتبعها بجنسيته،كما ينبغي ألا يتوجه ولائه في هذا الشأن إلا لصالح المنتظم وحده.

2-مظهر مالي: ويعني ذلك أن على الموظف الدولي أن يمتنع عن ممارسة أي نشاط ذو طابع إقتصادي أو مالي دون إذن من المنتظم،وفي بعض الحالات يجب الإلتزام بذلك حتى بعد إنتهاء علاقته بالوظيفة الدولية وذلك بداعي إحترام الوظيفة.

وأخيرا فإن مفهوم الإستقلال الذي يتمتع به الموظف الدولي يبدو أثره حتى في مواجهة المنتظم ذاته الذي يعمل فيه ولحسابه متى كانت المهمة التي يضطلع بها تقتضي ذلك.


حقوق الموظفيين الدوليين

1-منح راتب للموظف الدولي لقاء العمل الذي يقوم به في خدمة المنتظم،حيث يقوم الموظف الإداري الأكبر في المنتظم أيا كان بوضع اللوائح الخاصة بذلك،وذلك مع بيان التدرج القائم بين الدرجات المختلفة للموظفيين وفقا لمعايير معينة.
2-صرف معاشات تعطى للموظفيين الذين يقضون مدة معينة في خدمة المنتظم،بحيث تصرف لهم بعد إنتهاء خدمتهم.
3-الحصول على الترقيات والعلاوات بشكل دوري.
4-الحق في تكوين نقابات تدافع عن مصالحهم في مواجهة المنتظم،وهناك من المنتظمات ما يشترط الموافقة على النظام الأساسي للنقابات قبل قيامها،كما أن منها ما يحظر على موظفيه الإلتحاق بالنقابات المهنية مثل إتحاد المواصلات السلكية واللاسلكية.
5-الحصول على إجازات سنوية مدفوعة الأجر،ويعتبر هذا الحق صعبا أحيانا بسبب إختلاف جنسيات الموظفين ودياناتهم بالإضافة إلى الأخذ في الإعتبار بعض العادات والتقاليد المحلية للدول المضيفة للمنتظم.


إلتزامات الموظفين الدوليين

1-إلتزام الحياد والنزاهة في آداء وظائفهم.
2-الولاء للمنتظم الدولي والأهداف التي يراد تحقيقها من خلاله،حيث إن الموظفين الدوليين يقسمون قسما يأخذون على أنفسهم بمقتضاه تحقيق ما سبق من المعاني.

وأخيرا يلاحظ أنه إذا حدث تعارض بين ضرورة إلتزام الموظف الدولي بما سبق ذكره من المبادئ في آدائه لمهام وظيفته وبين مشاعره الوطنية التي تربطه بدولته أو بين صعوبات واقعية يثيرها قيامه بعمله على إقليم دولة المقر،فهنا وعلى جميع الأحوال يجب على الموظف الدولي أن يرجح صالح المنتظم حتى ولو إقتضى ذلك بذل تضحيات معينة (كبيرة ومهمة).

عن الكاتب

HOSNI AL-KHATIB

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

قلب شجاع - Brave Heart