قصة الحوثيين في اليمن
الحوثيين هم
حركة أنصار الله (كانت تسمى بحركة الشباب المؤمن) وهي حركة سياسية دينية مسلحة
تأسست عام 1992 نتيجة لما كانوا يشعرون
أنه تهميش وتمييز ضدهم،وتتخذ من صعدة شمال اليمن مركزا رئيسيا لها،وقد عرفت بإسم
الحوثيين نسبة إلى مؤسسها حسين الحوثي الذي قتل على يد القوات اليمنية عام 2004
والذي يعد الأب الروحي للجماعة.
وتنتمي
قيادة وأعضاء الحركة إلى الطائفة الزيدية الشيعية القريبة من المذهب السني والتي
يشكل أتباعها أغلبية في شمال اليمن وأكثر من ثلث سكان البلاد،إلا أنهم متهمون
بالتقارب عقائديا مع المذهب الشيعي الإثني عشري الذي يسود في إيران والعراق
ولبنان.
تملك الحركة
الحوثية جذورا حقيقية في المجتمع اليمني،فقد بدأت القصة في محافظة صعدة (على بعد 240
كم شمال صنعاء)،حيث يوجد أكبر تجمعات الزيدية في اليمن،وفي عام 1986م تم إنشاء
(إتحاد الشباب) على يد صلاح أحمد فليته وهي هيئة تهدف إلى تدريس المذهب الزيدي
لمعتنقيه،وكان بدر الدين الحوثي وهو من كبار علماء الزيدية آنذاك من ضمن المدرسين
في هذه الهيئة بالإضافة إلى مجد الدين المؤيدي.
وفي عام
1990م حدثت الوحدة اليمنية،وفُتح المجال أمام التعددية الحزبية،ومن ثَم تحول
(إتحاد الشباب) إلى حزب الحق الذي يمثِّل الطائفة الزيدية في اليمن،وظهر حسين بدر
الدين الحوثي وهو إبن العالم بدر الدين الحوثي كأحد أبرز القياديين السياسيين
فيه،ودخل مجلس النواب في سنة 1993م وكذلك في سنة 1997م.
تزامن مع
هذه الأحداث حدوث خلاف كبير جدا بين بدر الدين الحوثي وبين بقية علماء الزيدية في
اليمن حول فتوى تاريخية وافق عليها علماء الزيدية اليمنيون وعلى رأسهم المرجع مجد
الدين المؤيدي،والتي تقضي بأن شرط النسب الهاشمي للإمامة صار غير مقبولا اليوم،وأن
هذا كان لظروف تاريخية،وأن الشعب يمكن له أن يختار من هو جدير لحكمه دون شرط أن
يكون من نسل الحسن أو الحسين رضي الله عنهما.
إعترض بدر
الدين الحوثي على هذه الفتوى بشدة،خاصة أنه من فرقة (الجارودية) وهي إحدى فرق الزيدية
التي تتقارب في أفكارها نسبيا مع الإثني عشرية.وتطور الأمر أكثر مع بدر الدين
الحوثي،حيث بدأ يدافع بصراحة عن المذهب الإثني عشري،بل إنه أصدر كتابا بعنوان
(الزيدية في اليمن) يشرح فيه أوجه التقارب بين الزيدية والإثني عشرية،ونظرا
للمقاومة الشديدة لفكره المنحرف عن الزيدية،فإنه إضطر إلى الهجرة إلى طهران حيث
عاش هناك عدة سنوات.
وعلى الرغم
من ترك بدر الدين الحوثي للساحة اليمنية إلا أن أفكاره الإثني عشرية بدأت في
الإنتشار،خاصة في منطقة صعدة والمناطق المحيطة،وهذا منذ نهاية التسعينيات وتحديدا
منذ سنة 1997م،وفي نفس الوقت إنشق إبنه حسين بدر الدين الحوثي عن حزب الحق وكون
جماعة خاصة به،وكانت في البداية جماعة ثقافية دينية فكرية،بل إنها كانت تتعاون مع
الحكومة اليمنية لمقاومة المد الإسلامي السني المتمثل في حزب التجمع اليمني
للإصلاح،ولكن الجماعة ما لبثت أن أخذت إتجاها معارضا للحكومة إبتداء من سنة
2002م،وفي هذه الأثناء توسط عدد من علماء اليمن عند الرئيس علي عبد الله صالح
لإعادة بدر الدين الحوثي إلى اليمن،فوافق الرئيس وعاد بدر الدين الحوثي إلى اليمن
ليمارس من جديد تدريس أفكاره لطلبته ومريديه،ومن الواضح أن الحكومة اليمنية لم تكن
تعطي هذه الجماعة شأنا ولا قيمة،ولا تعتقد أن هناك مشاكل ذات بالٍ يمكن أن تأتي من
ورائها .
وقد إتخذ الحوثيين منذ 2002 شعار (الله أكبر -
الموت لأميركا - الموت لإسرائيل - اللعنة على اليهود - النصر للإسلام) الذي يردده
عقب كل صلاة،وتشير بعض المصادر إلى أن منع السلطات أتباع الحركة من ترديد شعارهم
بالمساجد كان أحد أهم أسباب إندلاع المواجهات بين الجماعة والحكومة اليمنية.
وهكذا فإن حركة الحوثيين ظهرت دعوية في البدء قبل أن تتحول إلى حركة مطلبية جمعت بين الإجتماعي والسياسي،بحيث يتهمهم خصومهم عموما بالسعي إلى عودة الإمامة الزيدية في اليمن خصوصا مع تأكيد آل الحوثي دائما إنتماءهم إلى آل البيت وإنتسابهم الى إرث أئمة الممالك الزيدية التي حكمت شمال اليمن طوال 1000 عام تقريبا حتى العام 1962 حين أطاحت بالإمام البدر ثورة تهيمن عليها شخصيات سنية،وإستمر الصراع في السبعينات بين أنصار الزيدية والجمهوريين السنة،إلاّ أن الحوثيين ينفون ذلك ويقولون أنه لا يشكل جزءا من خطابهم السياسي المرتكز على تمكين (إرادة الشعب) و(محاربة الفساد والمفسدين) و(محاربة التطرف السني).
رابط المقال في مجلة تحت المجهر: