أحاديث ظلمت المرأة
(النساء خلقن من ضلع أعوج)
لقد تم التركيز على هذا الحديث من الذين يروجون للإسرائيليات من جهة، ومن أجل إظهار المرأة بالمرتبة الدونية لاضطهادها من جهة اُخرى، وذلك كله من أجل إثبات أن في المرأة عيبًا في أساس تكوينها ولا يمكن إصلاحه مع أنها إنسانة كاملة، حيث يقول الله تعالى: (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) (التين 4) ولم يقل سبحانه – ما عدا المرأة -.
الحديث رواه النيسابوري في المستدرك ويقول: … حديث بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: (المرأة خلقت من ضلْعٍ أعوج وإنك إن أقمتها كسرتها وإن تركتها لم يزل أعوج) وهذا الحديث جاء من الإسرائيليات التي يقول صاحب (البداية والنهاية) في الصفحة / 5 / عنها: (فهو محمول على الإسرائيليات المسكوت عنها عندنا).
وفعلاً هذا ما ورد في التوراة البابلية التي كتبها الكاتبان (عزرا ونحميا) والتي هي منقولة عن أساطير بلاد ما بين النهرين (دجلة والفرات)، فقد جاء في الأسطورة السومرية: (في جنة الآلهة السومرية (دلْمون)، جاء الابن الإلهي (أنكي) أو (إله الأرض) وعندما مرض، خلقت الآلهةُ إلهةً اُنثى اسمها (نن تي) أو (السـيدة الضلع) من ضلعـه كي تمرضه وتعالجه، ومن هنا ذكر الكاتب التوراتي أن المرأة خلقت من ضلع الرجل بعد عملية جراحية أجراها الله لآدم عليه السلام، مع أن الله تعالى يقولها صراحةً أن المرأة خلقت من نفس الرجل وليس من جسمه؛ حيث قال تعالى: (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها) (النساء 1) ولم يقل خلقكم من جسم واحد.
(النساء ناقصات عقْل ودين وأكثر أهل النار)
الحديث الأول ورد في صحيح مسلم الحديث رقم / 1472 _ صلاة العيدين /: …عن داوود بن قيس عن عياض بن عبد الله بن سعد عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم كان يخرج يوم الأضحى ويوم الفطر، فيبدأ بالصلاة فإذا صلى صلاته وسلّم، قام فأقبل على الناس وكان يقول: تصدقوا تصدقوا تصدقوا، وكان أكثر من يتصدق النساء ثم ينصرف) وفي ابن ماجة رقم 1278 نجد: (… تصدقوا تصدقوا فأكثر من يصدق النساء بالقرط والخاتم والشيء …).
نلاحظ أن الرسول يقول: (تصدقوا وليس تصدقن) وقد ورد هذا الحديث في الكتب التالية:
صحيح مسلم 1472 – النسائي 1558 / 1561 – ابن ماجة 1278 – أمد 10954 / 10889 / 11084 ، صحيح ابن خزيمة 2 / 605 – صحيح ابن حبان 8 / 114 – المستدرك 1 / 436 – المسند 2 / 472- سنن البيهقي 3 / 297 – السنن الكبرى 1 / 546 _ 1 / 553 – مسند أبي يعلى 2 / 498.
لكن هذا الحديث بهذه الصيغة التي يمتدح فيها صاحب الخلق العظيم كرم النساء دون الرجال، لم يرق لكثيرين من أصحاب المجتمع الذكوري، فتم التعتيم شـبه الكامل على هذا الحديث وظهر مكانه الحديث التالي:
يرجى الانتباه جيدًا أنه تم استبدال راوي واحد، فقد حل (زيد بن أسلم) بدل (داوود بن قيس)، فأصبح الحديث كما يلي: … أخبرني زيد هو ابن أسلم عن عياض بن عبد الله عن أبي سعيد الخدري قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلّم في أضحى أو فطـر إلى المصلى فمر على النساء فقال: (يا معشر النساء تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار فقلْن: وبم يا رسول الله؟ قال: تكثرن اللعن وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن، قلن وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل، قلن بلى، قال: فذلك من نقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم، قلن بلى، قال: فذلك من نقصان دينها).
فأنظروا بربكم كيف أن تغيير راوي واحد قد قلب الحديث الشريف رأسًا على عقب، حيث ورد هذا الحديث في الكتب التالية:
صحيح البخاري 293 / 1369 / 1815 / 2464 – صحيح مسلم 114 – أبو داوود 4059 – صحيح ابن حبّان 13 / 54 – المسند 1 / 158- سنن البيهقي 1 / 308 _ 3 / 297 _ 4 / 178 – الإيمان لابن مندة 2 / 680.
وفي حديث البخاري رقم 993 يضيف (زيد بن أسلم) عبارة: (ورأيت أكثر أهلها من النساء) ولم يكتف (بناقصات عقل ودين).
فمن هو (زيد بن أسلم) الذي قلب رواية الحديث: هو مولى عمر بن الخطّاب رضي الله عنه، وجاء مرسلاً عن أبي هريرة رضي الله عنه، وأستاذ زيد هو عطاء بن يسار راوي الإسرائليات المعروف، وهكذا فإن تبديل راوي حديث واحد، قلب مفهوم الحديث الشريف رأسًا على عقب، وبدأت هذه الأمة تروج الحديث الثاني وأهملت الحديث الأول بالرغم من وروده في كل كتب الحديث.
لكن وبمناقشة موضوعية ومنطقية، فإن النساء لسن ناقصات عقْل لأن العقل هو صنفين:
1 _ عقْل تفكير: وفيه يتساوى النساء مع الرجال في المدارس والجامعات والأبحاث العلمية، وهذا ما نراه واضحًا من أن من يدرس أكثر سوف يتفوق أكثر سواء أكان ذَكرًا أم أنثى.
2 _ عقْل تدبير: وهذا يتعلّق بطبيعة الذكور والإناث، فالذكور ومنْذ الصغَر يهتمون بألعاب (السيارات والأسلحة وألعاب المعارك) ذات الطبعة الذكورية، بينما الإناث لهن ميول إلى الألعاب ذات الطبيعة الأنثوية مثل ألعاب (المطبخ وتربية اللعبة وإطعامها) إذن ففي عقْل التدبير لا يوجد تفضيل للذكور على الإناث.
أما شهادة امرأتين مقابل رجل واحد، فهذا الموضوع ورد فقط في الشهادة في الأمور المالية والأرقام والحسابـات، حيث قال تعالى: (إذا تداينتم بدين إلى أجـل مسمى) (البقرة 282) أما باقي الشهادات فالنساء متساويات في العدد مع الذكور، حيث قال تعالى: (واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعةً منكم) (النساء 15) ولم يقل أربعة رجال أو ثمانية نساء.
كما قد جاء في القرآن بالنسبة إلى فرعون الذكر، حيث قال تعالى : (قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى) (غافر 29) بينما بلقيس الأنثى فقد طبقت أرقى أسس الشورى: (ما كنت قاطعة أمرًا حتى تشهدون) (النمل 32) فهل بلقيس المرأة ناقصة عقل عن فرعون الرجل؟
وأخيرًا فإذا كانت المرأة بشكل عام ناقصة دين، وذلك لطبيعتها الفيسيولوجية التي فرضها الله عليها، فكيف كانت السيدة مريم رضي الله عنها (من القانتين) (التحريم 12) وإذا كانت المرأة ناقصة عقل بشكل عام، فكيف طبقت ملكة سـبأ أرقى أنواع الشورى في التاريخ (يا أيها الملؤا أفتوني في أمري ما كنتُ قاطعةً أمرًا حتّى تشهدون) (النمل 32)،ويرجى الانتباه أن كلمة (الملؤا) قـد كتبت الهمزة على حرف (واو) وليس على حرف (ألف) أي أن الأشخاص الذين كانوا حولها كانوا محترمين جدا من قبلها.
رابط المقال
في ساسة بوست:
https://www.sasapost.com/opinion/speeches-wronged-woman/