حقيقة إمامة
علي بن أبي طالب
يجب أن
يعرف الشيعة وزن نظرية الإمامة من ناحية النقل ومن ناحية العقل ومن ناحية التراث
الشيعي نفسه.
قال
الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (دعوني وإلتمسوا غيري،فإنا مستقبلون أمرا
له وجوه وألوان،لا تقوم له القلوب ولا تثبت عليه العقول،وإن الآفاق قد أغامت والمحجة
قد تنكرت،وإعلموا أني إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم،ولم أصغِ إلى قول القائل وعتب
العاتب،وإن تركتموني فأنا كأحدكم،ولعلي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أُموركم،وأنا
لكم وزيرا،خير لكم مني أميرا).
لقد كان
هذا القول موجها لمن طلب البيعة بعد مقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان،وهذا يدل
على أنه ـ رضي الله عنه - لم يطلب الإمامة السياسية أبدا ولم تكن في ذهنه بل كان
ينفر منها،وذلك على الرغم من أن الساحة كانت خالية أمامه ليتولى إمامة
المسلمين،وقد كان معنى كلامه (أتركوني وإبحثوا عن غيري فالخير أن أكون فيكم ناصحا
آمرا بالمعروف وناهيا عن المنكر من أن أكون لكم أميرا أتولى الإمامة السياسية)،ومن
ذلك قوله لعبد الله بن عباس ـ رضي الله عنه - عندما دخل عليه فوجده يخصف نعله،فعجب
إبن عباس من أن يخصف أمير المؤمنين نعله بنفسه،فقال لإبن عباس: (ما قيمة هذه ؟) ـ
مشيرا إلى نعله ـ قال: لا قيمة لها،فقال سيدنا علي: (والله لهي أحب إلي من إمرتكم
ـ هذه النعل أحب إلي من الإمارة - إلا أن أقيم حقا أو أدفع باطلا).
أما قوله: (إني لم
أرد الناس حتى أرادوني،ولم أبايعهم حتى بايعوني) وقوله: (والله ما كانت لي في
الخلافة رغبة،ولا في الولاية إربة ولكنكم دعوتموني إليها وحملتموني عليها)،فهذه
الأقوال مروية في كتب الشيعة بل وفي أهم مصادر تراثهم،ولا يوجد في هذه الروايات ما
يدل على أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم- نص على إمامة سيدنا علي ـ رضي الله عنه.
كما ولا يعقل
أن يظل سيدنا علي صامتا فترة خلافة أبي بكر وعمر وعثمان -رضي الله عنهم - وهي مدة
25 سنة ثم يدب خلاف بينه وبين معاوية بسبب نظرية الإمامة،فهذا كلام ينقض بعضه
بعضا،ومن هنا جاءت إعتراضات كثير من الشيعة على هذه النظرية،حيث أن السيد علي
الأمين أحد فضلاء الشيعة لا يرى أن الإمامة من أصول الدين وكثيرون منهم لا يرون
ذلك،وقد إستدل على ذلك بنصوص مفادها أن نظرية الإمامة ليست محل إتفاق بين علماء
الشيعة الإمامية،مؤكدا في كتابه (أعيان الشيعة) أن الإمامة ليست من أصول الدين كما
يقول أهل الشيعة وإنها من الفروع وليست من أصول الدين،كما أكد في هذا الكتاب أن
إمامة شخص بعينه ليست من أصول الإسلام وأن الشيعة لم يتفق جميعهم على أن الإمامة
من أصول الدين،وحتى الذين يقولون إن الإمامة من أصول الدين يجرون أحكام الإسلام
على من ينكر ذلك،وبالتالي يلزمهم أنها فرع من فروع الدين وليست أصلا من أصوله.