قلب شجاع - Brave Heart  قلب شجاع - Brave Heart
random

آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

منهج الإسلام في الحكم

منهج الإسلام في الحكم
قال الحق سبحانه وتعالى: (رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين) وقال جل وعز: (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تُنصرون) وقال سبحانه: (ولا تكن للخائنين خصيما) وقال تعالى: (ولا تجادل عن الذين يختانون أَنفسهم) وقال تعالى: (ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أمّن يكون عليهم وكيلا).
قال الصديق رضي الله عنه في أول خطبه سياسية في الإسلام بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم: أما بعد،أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم،فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني،الصدق أمانة والكذب خيانة،والضعيف منكم قوي عندي حتى أزيح علّته إن شاء الله،والقوي فيكم ضعيف حتى آخذ الحق إن شاء الله،لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل،ولا يشيع قوم قط الفاحشة إلاّ عمهم الله بالبلاء،أطيعوني ما أطعت الله ورسوله،فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم،قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.

وقد قال الصديق هذه الجمل العظيمة في حضرة خيار الصحابة وفي مجمع عام يشملهم،فكان هذا منهج الإسلام الأصيل،لهذا فالواجب على العلماء أن يتفقدوا حال السلطة،فإن هي أقامت العدل في الناس وأوصلت إليهم حقوقهم وعلى رأسها أن يختاروها ويحاسبوها،وإن هي أغنتهم بمال الوطن الذي هو مالهم عن مواقف المهانة ومواطن الذل وأكرمتهم عن الإنتهاك وحفظت لهم ما يجب حفظه وعملت بقوله تعالى: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون) كانوا عونا لها،وإن هي تحولت إلى آلة للظلم والفتن والفسـاد وإستبدت بالجور على العباد،نأوا بأنفسهم أن يكونوا أبواقا لها،فيصيروا أعوانا للظلمة،بل واجبهم أن يقوموا عليها بما يجب على القائمين بالقسـط من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتحرك بما يعيد الأمور إلى نصابها ويحمي الشعوب من الطغيان،وذلك وفق ما جاء في الشريعة العلية في هذا الباب من الميزان،بحيث لا يعقب ذلك ما هو أعظم شرا،وهذا من الجهاد المأمور به شرعا.

كما جاء في الحديث الذي ذكر الطغاة: (إنها تخلف من بعدهم خلوف،يقولون ما لا يفعلون،ويفعلون ما لا يؤمرون،فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن،ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن،ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن،وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل) وفي حديث آخر: (إنَّ الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه،أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه) وفي حديث: (أنصر أخاك ظالما أو مظلوما) وفيه أن المعنى في حالة الظالم منعه وحجزه عن ظلمه،فكل شعب مظلوم تجب نصـرته،وخذلانه إثم مبين ومخالفة عظيمة لفرض الدين،بالإضافة إلى الحديث: (ما من إمرئ يخذل إمرءا مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته،إلا خذله الله تعالى في موطن يحب فيه نصرته،وما من أحد ينصر مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته،إلا نصره الله في موطن يحب الله فيه نصرته) والحديث: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه،من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته،ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة،ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة) ومعنى يسلمه أي يتخلَّى عنه،فيراه يُظلم ولا ينصره،وأي تفريجٍ لكربة أعظـم من إزاحة الظلم،والبغي والطغيان بالسلطة التي تفسد الدين والدنيا،فتغتصب الأعراض وتسفك الدماء وتنتهك الحرمات وتستولي على الحقوق،والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا،وهو حسبنا عليه توكلنا وعليه فليتوكل المتوكلون.

عن الكاتب

HOSNI AL-KHATIB

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

قلب شجاع - Brave Heart