حرمة دم الإنسان
قال
تعالى: (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ
فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا)
النفس
التي يتحدث عنها القرآن هنا وفي مواضع كثيرة هي النفس المحترمة وهي مطلق النفس،لذلك
وردت نكرة،والنكرة هنا هي للعموم والإطلاق كما يقول علماء التفسير والبلاغة والذوق
القرآني،ولم يقصد المشرع جلا في علاه نفسا تنتمي إلى دين أو قومية أو مذهب أو
طائفة أو جهة أو منطقة،فتعالى الله علوا كبير أن يمنح الحصانة لنفس دون نفس،وقد
ورد في الأثر أن أول ما يحكم فيه يوم القيامة هو حق بني آدم،حيث بقف إبني آدم
فيفصل بينهم ثم الذين يلونهم من أصحاب الدماء حتى لا يبقى منهم أحد ثم الناس بعد
ذلك،فيأتي المقتول بقاتله يشخب دمه في وجهه،فيقول هذا قتلني فيقول أنت قاتله ولا
يستطيع أن يكتم الله حديثا.
نعم
سينهض المذبوحون كل المذبوحين ويحتجون في حضرة الله تعالى على أتباع حزب الشيطان
الطلقاء الذين باتوا يذبحون ويجزون الرقاب من الوريد إلى الوريد بإسم الله ورسوله
والمؤمنين،وشعارهم ذبح الجميع من المسلمين والمسيحيين،حتى أن الحيوانات باتت تشكو
إلى الله منهم،فحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فمن
قال من الأولين أو المتأخرين أن الله أو محمد أو أهله أو صحابته أجازوا ذبح
المسيحي و التقرب إلى الله بفصل رأسه عن جسده،فقد ورد في الأثر: (أن أعتى الناس
على الله من قتل غير قاتله ومن ضرب غير ضاربه) كما وثبت عن النبي صلى الله عليه قوله:
(لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما) كما وقال رسول الله: (أوحى الله عز وجل إلى موسى
عليه السلام،قل للملأ من بني إسرائيل إياكم وقتل النفس الحرام بغير الحق فمن قتل
منكم نفسا في الدنيا قتله الله في النار مائة قتلة مثل قتلته صاحبه).
فأيها
القتلة... أيها الذابحون... أيها العابثون بالأرواح والأعراض... أعقلوا قول الله
تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ
وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ
مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) ولم يقل وذبحنا بني آدم في
البر والبحر،إسمعوا يا من تقتلون أتباع عيسى عليه السلام ماذا قال رسولنا الكريم:
(آلا من قتل نفسا معاهدة له ذمة الله وذمة رسوله،فقد أخفر بذمة الله،فلا يُرح
رائحة الجنة وأن ريحها ليوجد على مسيرة سبعين خريفا) وقال أيضا لنصارى نجران: (ولنجران
وحاشيتها جوار الله وذمة محمد النبي رسول الله،على أموالهم وأنفسهم وأرضهم وملتهم
وغائبهم وشاهدهم وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير).
وأخيرا فقد كان الرسول الكريم يمشي في
جنائز اليهود والنصارى،حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم مرت به جنازة فقام،فقيل له
إنها جنازة يهودي،فقال أليست نفسا،كما وأوصى الرسول الكريم بالقبط خيرا،حيث قال رسول الله صلى الله عليه: (إذا ملكتم القبط فأحسنوا إليهم فإن لهم ذمة
وإن لهم رحما) فأيها الذابحون أنتم تنتمون للشيطان وليس للرحمان.
حسبنا
الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله