إرهاصات الثورة الثقافية في الصين
كما وكانت إحدى العلامات الأولى للعاصفة الوشيكة التي كان من المفترض أن تصبح ثورة ثقافية، هي في أواخر عام 1965، بحيث إن مسرحية تاريخية عن إمبراطور متهور، كتبها شخصية ثقافية بارزة قريبة من عمدة بكين، سرعان ما هوجمت وتبعه مباشرة إطلاق الحركة رسميا تعميم اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني حول الثورة الثقافية البروليتارية في 16 مايو (أيار) 1966، حيث أعلنت هذه الوثيقة صراع شامل ضد ممثلي البورجوازية الذين تسللوا إلى الحزب والحكومة والجيش ومختلف الأوساط الثقافية، وكانوا رجعيين معاديين للثورة، وهدفهم الاستيلاء على السلطة السياسية وتحويل دكتاتورية البروليتارية إلى ديكتاتورية للبرجوازية.
وهكذا بدأت المرحلة التالية من الثورة الثقافية باستيلاء القوى المتمردة على السلطة في ثورة يناير (كانون الثاني) 1967 في شنغهاي، وكان هذا الاستيلاء سلميًا إلى حد كبير من قبل الشخصيات الراديكالية البارزة لهيكل قوة شانغهاي الناشئ، وبعد تجربة موجزة مع هيكل سلطة لا مركزي بشكل جذري يسمى «بلدية شانغهاي» التي رفضها (ماو)؛ لأنها تفتقر إلى السلطة الكافية لقمع الثورة المضادة، ظهرت اللجان الثورية كحكومة جديدة في شانغهاي، وأماكن أخرى، وذلك في غياب بنية حزبية قابلة للحياة تمثل السلطة المحلية.
هذا ولأن الظروف غير العادية في شنغهاي تعني أن القيادة المدنية قد سادت، فإن نموذج اللجنة الثورية الذي أنشئ في بلديات أخرى، والمحافظات، والولاية القضائية ذات المستوى الأدنى، وفي المؤسسات الأخرى من مختلف الأنواع بما في ذلك المدارس والمصانع، عزز تحالف ثلاثي يتكون من ممثلي جيش التحرير الشعبي، وكوادر ثورية من ذوي الخبرة من النظام السابق الذين يمتلكون المهارات الإدارية اللازمة، والممثلين الجماهيريين، وهذا الأخير يعكس فصائل المتمردين المتنازعة في المنطقة.
تكثفت بعد ذلك الشكوك حول الثورة الثقافية، والتي نمت بين الشعب وداخل نخب الحزب خلال المسار المدمر للحركة بشكل لا مفر منه، كما كان (ماو) يدرك تمام الإدراك عدم الرضا على نطاق واسع عن هذه الحركة، سواء من قبل الناس الذين رأوا ذلك على أنه عهد الإرهاب من قبل المسؤولين الذين كانوا عازمين على الانتقام بعد أن هاجمهم المتمردون، أو حتى أولئك الذين شعروا أن أهدافها كانت جيدة، لكن لا يجب القيام بها بطريقة عنيفة وفوضوية، لهذا دعا (ماو) في سبتمبر (أيلول) 1968 إلى وقف الثورة الثقافية، وذلك بسبب الاضطرابات والمقاومة التي خلقها كبار القادة الذين لم يتم إسقاطهم في عام 1966، ومع سيطرة الجيش بشكل عام تم تشكيل اللجان الثورية، والتي تم التنافس عليها بشكل مكثف مع كبار الزعماء الذين شاركوا في جهود للتفاوض على اتفاقيات بين صفوف أناس بينهم معارضة شديدة، وفي بعض الحالات فصائل مستعصية.
الثورة الثقافية في حد ذاتها ظلت مقدسة، كما أصر الرئيس (ماو) في عدة مناسبات من عام 1972 إلى عام 1976 على أنه أنجز إطلاق الثورة الثقافية ولم يقبل النقد بمفهومها، لكنه أقر بأن الكثير قد أخطأ في الممارسة كما توجد بعض أوجه القصور، وخلال السنوات الأخيرة من حياته بذل جهودًا متضافرة لتصحيح الأخطاء، بحيث يمكن توحيد الحركة، حيث وضع (ماو) أهدافًا متناقضة لكل من تصحيح الثورة الثقافية والدفاع عنها، ووضع قوات متنافسة في المكتب السياسي لتحقيق التوازن، فمن ناحية كان هناك قادة رئيسيون من قبل عام 1966، انضم إليهم كوادر شانغهاي الشابة والثورة الثقافية.
صحة الرئيس (ماو) الهشة
أثرت على السياسة في تلك الفترة، بحيث كانت سيئة للغاية في عام 1972، إلا أنها
تحسنت إلى حد ما في 1973 – 1974، لكنها بدأت في التراجع بشكل حاد في عام 1975؛ مما
أدى في النهاية إلى غيبوبة افتراضية في صيف عام 1976، وقد كان خارج بكين لمدة تسعة
أشهر من يوليو (تموز) 1974 إلى أبريل (نيسان) عام 1975، ولكن حتى في العاصمة كان
الوصول إليه مقيدًا للغاية؛ مما أدى إلى وجود سلطة كبيرة للقادة والأقارب الذين
رأوه وأمكنهم نقل وجهات نظره.
رابط المقال في ساسة
بوست:
https://www.sasapost.com/opinion/the-harbingers-of-the-cultural-revolution-in-china/