من يحكم العالم ويسيطر عليه اليوم؟
الكواليس الحقيقية التي تسيطر على هذا العالم تعتمد على مبدأ أن الحكم والسيطرة دائما تعود إلى من يحوز ويملك الثروة، لأنك إذا كنت تملك المال، فأنت بالتأكيد تمتلك القدرة على تمويل المشاريع الكبيرة والأحزاب السياسية ووسائل الإعلام، وصولا إلى إقراض البلدان والشعوب والسيطرة عليهم من خلال الديون، إضافة إلى تمويل الانقلابات والحروب والمظاهرات والفوضى.
يحدث كل ذلك طبعا من خلال البنوك التي تمول كل شيء، وأهمها تمويل ميزانيات الدول وسداد العجز في هذه الميزانيات، وبالتالي فإن معظم دول العالم مدينة بالمال لهذه البنوك العملاقة، وفي الواقع فإن أكثر دول العالم مديونية هي أغنى دولة، الولايات المتحدة الأمريكية، حيث إن ديونها تتجاوز 20 تريليون دولار، والتي في أغلبها ديون إلى الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، لكن هل تعتقد أن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي هي جهة حكومية؟ الجواب لا.
الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي هو وكالة مستقلة، وهذا يعني في الأساس أنه لا توجد وكالة أخرى في الولايات المتحدة يمكن أن تلغي الإجراءات التي يتخذها رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، ولا حتى رئيس الولايات المتحدة، علما بأن هذا هو الحال أيضًا مع البنوك المركزية الكبرى حول العالم، حيث إنها بنوك خاصة تملكها عائلات غنية جدا، وهذه البنوك هي التي تحتكر إصدار العملات وليس حكومات الدول كما يعتقد الكثيرون.
البنوك المركزية هي في الواقع العملي (كارتالات) مصرفية دخلت في شراكة مع الحكومات المعينة بشكل مباشر أو غير مباشر في البلدان المختلفة على مستوى العالم، وهم يعملون بتنسيق مستمر، كما تم منحهم سلطة احتكارية على إصدار الاحتياجات المالية لكل دولة على حدة، فالسياسيون سلموا أصحاب البنوك سلطة المال، وفي المقابل وعد المصرفيون السياسيين بخلق المال من لا شيء، وبما أن لديهم السلطة للقيام بذلك وقتما يريدون، فالحكومات تظل مدينة لهم، ولقد حاول الرئيس (جي إف كينيدي) تحدي مجموعة النخبة المصرفية هذه، وذلك بإعطاء الخزينة الحكومية الرسمية الحق في طباعة الدولار من خلال الأمر الرئاسي (11110)، إلا أنه حذا حذو أسلافه الذين تحدوا نفوذ هذه النخبة، فاغتيل مثل (أبراهام لينكولن) وغيره الكثيرون.
هذا وقد ثبت أن هذه العائلات المصرفية المهيمنة، مولت كلا الجانبين في جميع الحروب من زمن نابليون إلى الحرب العالمية الثانية، فهم يستفيدون من هذه الحروب عن طريق زيادة مبلغ الدين العام للدول، مما يؤدي إلى تأثير أكبر على القرارات السياسية والاقتصادية والعسكرية، وحتى على المعاهدات الدولية التي تضمن من خلالها سلطاتها بل وتعززها قانونيا، كما تمول هذه المجموعة أيضا الجامعات الكبرى في العالم مثل هارفارد وأكسفورد وكامبريدج، إضافة إلى أن وكالات الأنباء الأكثر شعبية مملوكة لهم، حيث تمتلك عائلة روتشيلد وكالة رويترز و(AP)، فيما يمتلك آخرون من هذه المجموعة النخبة شركة ((Warner Bros و(CNN) بالإضافة إلى هوليوود وديزني وغيرها، كما أن منظمات سوروس ومردوخ ذات الشهرة العالمية، تمتلك عددًا كبيرًا من القنوات التلفزيونية والصحف حول العالم (الأكثر شهرة وتأثيرًا).
كما وتسيطر هذه المجموعة النخبة على موارد الطاقة حول العالم وشركات النفط مثل شل وبي بي وإكسون موبيل، وتعمل أيضا هذه النخبة على تمول الحزبين السياسيين الرئيسيين في أمريكا وبريطانيا والأحزاب الكبرى في أماكن أخرى، فضلا عن تمويل الحملات لكلا المرشحين في الانتخابات، حتى أن هذه المجموعة تسيطر أيضا على المنتديات الماسونية والمنظمات السرية التي ينضوي تحتها العديد من الرؤساء والسياسيين والمشاهير المؤثرين، وشاه إيران المخلوع، أحد أكبر وكلاء الولايات المتحدة في المنطقة، كان أحد الشهود على هذه المجموعة في العديد من تصريحاته ومقابلاته، كما أن حقيقة عجيبة بخصوص وعد بلفور تذكر هنا، وهو أنه تم توجيهه إلى أحد أشهر القادة من هذه المجموعات المخفية، اللورد روتشيلد.
وهكذا نرى كيف تعتمد الهيمنة على العالم على عدة ركائز أساسية أهمها، الرقابة المالية وإنشاء التنظيمات السرية ومراقبتها مثل الماسونية، المتنورين، الجمجمة والعظام وغيرها الكثير، إضافة إلى السيطرة السياسية على الحكومات من خلال التلاعب بالأشخاص الرسميين والمؤثرين، وذلك إما بأن يصبحوا أعضاء في هذه المنظمات السرية أو عن طريق الديون الشخصية أو بدفع أجورهم، والعمل على ضبط موارد الطاقة ومصادر المياه والشركات الزراعية وكذلك شركات الأسلحة والأدوية، كما أن عملهم جاد ومستمر للسيطرة على أهم مصدرين للمعلومات للناس، التعليم والإعلام، والتي من خلالها يمكن السيطرة على عقول الناس لتغيير الأفكار والأديان وقناعات المنظمات ومبادئ التجمعات، وكل ذلك بوسائل الدمار الموجهة كالحروب، الثورات، الانقلابات والاغتيالات… إلخ.
أخيرًا يذكر هنا أن
إنشاء المنظمات العالمية مثل منظمة التجارة العالمية، منظمة الصحة العالمية، صندوق
النقد الدولي والبنك الدولي وحتى الأمم المتحدة نفسها، والتي أقامت بناءها على أرض
قدمها روكفيلر، ما هي إلا جزء من هذه المنظومة والقوة الخفية، حيث سلط الباحث
الأمريكي، فوستر جامبل، الضوء على آلية عمل هذه المجموعات قائلًا إننا نحن الشعوب
في المستوى الأدنى نعيش حياتنا اليومية، وفوقنا الحكومات وهم الذين يحتكرون القوة
ويستخدموها لفرض ضرائب علينا ومراقبتنا سواء وافقنا أم لا، ولكن من يسيطر عليهم في
المستوى التالي هي الشركات وليس الدول القومية التي حكمت العالم قديما، حيث إن
نظام الشركات هذا يعمل للحصول على موارد العالم والسيطرة على الأسواق، كما أن هذه
الشركات الكبرى تحصل على قروضها بأسعار خاصة من البنوك الكبرى، مما يعني أن أولئك
الذين يسيطرون على البنوك الكبرى، وهي النخبة المالية، تسيطر في النهاية على
الشركات، وهذه النخبة هي مجموعة من العائلات المصرفية فائقة الثراء مثل عائلة
روتشيلد، وروكفيلر، ومورجان والشيف واربورغ.
رابط المقال في ساسة
بوست:
https://www.sasapost.com/opinion/who-rules-and-controls-the-world-today/