القرآن الكريم هو الطريق للإبداع والقيادة والسعادة والنجاح،
والتمسك بالقرآن والمحافظة على تلاوته يؤثر إيجابيا على شخصية الإنسان ويرفع
النظام المناعي لديه ويقيه من الأمراض النفسية، كما ويساعده على
النجاح واتخاذ القرارات الصائبة، حيث تؤكد بعض الدراسات أن
حفظ القرآن قد يقي من الأمراض ويقوي مناعة الجسم، ويزيد المؤمن به إبداعا
وراحة نفسية، وذلك لأن أفضل عمل على الإطلاق يمكن للإنسان المسلم أن يقوم
به هو تلاوة القرآن والعمل بما فيه، وتطبيق ما أمر به الله
تعالى والابتعاد عما نهى عنه الله تعالى.
هذا ويذكر أن أي كتاب يقرأه الإنسان قد يؤثر بشكل أو بآخر على
سلوكه وعلى شخصيته، لأن الشخصية هي نتاج ثقافة الإنسان وتجاربه وما يقرأ ويسمع
ويرى، وهذا طبعا يكون من خلال كتب قام بتأليفها البشر، والتي يبقى تأثيرها
محدودا نسبيا، لكن عندما يكون الحديث عن كتاب الله تعالى الذي خلق الإنسان وهو
أعلم بما في نفسه وأعلم بما يصلحه، فإن كل آية نقرأها ونتدبرها ونحفظها
يمكن أن تحدث تغييرا في حياتنا، فكيف بمن يقرأ القرآن ويحفظه في صدره، فلا شك أن
تلاوة الآيات وتدبرها والإستماع إليها بخشوع، يعيد بناء شخصية الإنسان من جديد،
حيث إن نجد في هذا الكتاب العظيم كل المعلومات التي يحتاجها الإنسان في
حياته وآخرته، كما أنه يحوي القواعد والأسس الثابتة لبناء الشخصية السوية
للإنسان، فهو النور وهو الشفاء وهو الهدى، وفيه نجد الماضي
والمستقبل، وهو الكتاب الذي قال الله تعالى عنه: (لَا يَأْتِيهِ
الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ
حَمِيدٍ) (فصلت 42).
|
أما أفضل طريقة لحفظ القرآن الكريم هي أن نضع القرآن
في أولى إهتماماتنا، فهو كتاب يستحق أن يوضع في المقام الأول لأنه منزَّل من رب
العالمين سبحانه وتعالى، كما أن حفظ القرآن ليس أمرا مستحيلا خصوصاً أن
الأطفال يحفظونه فكيف بالكبار، وبالتالي سيكون الهدف واضح ورئيسي وهو الإصرار
على حفظ القرآن، وبدون هذا الهدف لن نستطيع أن نحفظ شيئا، لهذا يجب أن نعمل دائما
على أن يمتلئ القلب بنور القرآن، كما يجب أن نجلس مع كتاب الله تعالى متأملين
لآياته ومتدبرين لمعانيه ومعجزاته، فتأمل هذه الآيات هو الطريق الأسهل نحو حفظها
وعدم نسيانها، كما وأن نعمل على أن يكون القرآن إلى جانبنا في كل الظروف والأحوال
في حياتنا، حيث أن القرآن كتاب يناسب جميع الظروف، ولأنه في أي مناسبة سوف نجد
آية تذكرنا بالله تعالى، وهذا يزيد من قدرة الإنسان على الحفظ.
كما وإن لم نضع القرآن في أولويات أعمالنا فلن نحفظه أبدا، وهذا هو
السبب الرئيسي في أننا عندما نحاول حفظ القرآن نجد أنفسنا قد نسينا ما حفظناه
بالأمس، ولذلك فإنه يجب إتباع أسلوب في حفظ القرآن نتوجه فيه إلى الله بقلب نقي
ونية صافية ونسأل الله أن يعيننا على حفظه، عندها سيكون أسهل وأمتع عمل نقوم به،
هو عندما نجلس مع هذا الكتاب العظيم ونبدأ بتلاوته وتكرار آياته وحفظها في
صدورنا، لذلك سارع إلى حفظ بعض آيات القرآن لتلقى الله تعالى وأنت حافظ
لكتابه، فهذا أجمل يوم ينتظره كل مؤمن صادق، حيث قال تعالى: (مَن كَانَ يَرْجُو
لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)
(العنكبوت 5).
نصائح ذهبية لحفظ القرآن
- إختر المكان والزمان المناسب للحفظ، لأن الذاكرة ترتبط بالمكان
والزمان.
- إختر الوقت المناسب للحفظ، وحاول أن تختار أفضل الأوقات، ولا تجعل
القرآن على هامش حياتك.
- إختر الصديق المناسب والصالح الذي تحفظ معه القرآن.
- إذا فشلت في الحفظ، كرر المحاولة مرات عديدة حتى تستمر في الحفظ،
وإياك أن تنقطع عن القرآن.
- علم نفسك كيف تحب القرآن، وتخيل واستحضر الفوائد التي ستجنيها من
حفظ كتاب الله تعالى.
- القرآن هو الشفاء وهو النجاح في الدنيا والآخرة، وهو السعادة وهو
الإتصال مع الله عز وجل.
أفضل طريقة لتأمل القرآن هي أن تحفظ الآية أو السورة ثم ترددها في
صلاتك وقبل نومك، وأنت تسير في الشارع وفي كل مكان، بمعنى آخر أن تجعل القرآن هو
كل شيء في حياتك، وسوف يسخّر الله لك كل شيء لخدمتك، فقد كان الرسول الأعظم عليه
الصلاة والسلام كل شغله وهمّه وحياته القرآن، فليس هنالك أجمل من أن تعيش مع
الكتاب الذي سيكون رفيقك في قبرك وشفيعك أمام الله يوم يتخلى عنك أقرب الناس إليك،
فهذا القرآن لن يتخلى عنك، فلا تتخلى عنه.
كما إن أهم شيء هو أن يكون الحرص على القرآن والعلم من أجل الآخرة
وليس لمتاع الدنيا، فإذا ما جعلت كل هدفك وهمّك هو الله، فإن الطريق الذي سيوصلك
إلى الله هو القرآن، حيث يقال عن أحد الصالحين أنه عندما كان على فراش الموت
قال لابنه: (يا بني ناولني هذا الكتاب، لأنني نسيت مسألة من العلم وأحب أن
أطلع عليها، فقال إبنه: وما تنفعك هذه المسألة الآن يا أبت؟ فقال الأب: لأن ألقى
الله وأنا عالم بهذه المسألة، أحب إلي من أن ألقاه وأنا جاهل بها)، لهذا
يعتبر حفظ القرآن وتدبره من أهم العوامل لتوسيع المدارك وقوة الفهم، وذلك لأن الذي
يفهم كلام الله وهو الكلام الثقيل والعظيم، يسهل عليه أن يفهم كلام البشر من
العلوم وغيرها، وثق أن الله سييسر لك الحفظ والفهم، حيث يقول
تعالى: (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ)
(القمر 17).
هذا وإن التأمل والتفكر في معجزات الخالق هي طريقة رائعة لزيادة
الإبداع لدى الإنسان، وقد وجد العلماء أن التفكر والتأمل في الطبيعة والكون والخلق
يؤدي إلى زيادة في حجم الدماغ وقدرته على معالجة المعلومات بسرعة أكبر وكفاءة
أعلى، لهذا فإذا أردنا أن نطور ونوسع مداركنا فعلينا أن نقرأ في كل معجزات القرآن
الكريم، وأن نتفكر في الكون وننظر في السماء ونتأمل في النجوم، وننظر في عالم
النبات وفي جميع المخلوقات من حولنا، حيث كان النبي الأعظم صلى الله عليه
وسلم ينفق جزءا من وقته في التأمل، وكان يقول قوله تعالى: (رَبَّنَا مَا
خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) (آل عمران 191)،
لهذا يجب أن نقتدي بهذا النبي الرحيم ونعطي جزءا من وقتنا لنتأمل معجزات الخالق
تبارك وتعالى في الكون والأنفس.
كما أن هناك أيضا أسرار كثيرة وعديدة للتأمل والخشوع والدعاء،
حيث أن الخشوع في الصلاة والدعاء وقراءة القرآن يقوي الذاكرة ويزيد من قدرة
الإنسان على الحفظ، ولذلك مدح الله أولئك المؤمنين بقوله: (قَدْ أَفْلَحَ
الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) (المؤمنون 1-2)، لكن
للأسف الخشوع في الصلاة هو أمر نفتقده اليوم، ونادرا ما نجد مؤمنا يطبقه في
صلاته، وذلك لأننا نجد تفكيرنا مشتت وغير مركز، وهناك أيضا أمر عظيم نجد معظم
الناس غافلين عنه ألا وهو الدعاء، فقد كان جميع الأنبياء يدعون ربهم ليلا ونهارا،
وكان الدعاء هو الوسيلة لمواجهة صعوبات الحياة، وبما أننا نتحدث عن قوة الإدراك
لدى الإنسان وهذه القوة هي بيد الله تعالى، فإن الله هو من يهب لك هذه الميزة،
ولكن بشرط أن تخلص في دعائه وتكثر الدعاء ولا تمل، وربما يكون أقوى أنواع الدعاء
أن تدعو الله بأسمائه الحسنى ،حيث يقول تعالى: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى
فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ
مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (الأعراف 180).
أكدت دراسة سعودية بأنه كلما إرتفع مقدار حفظ القرآن الكريم إرتفع
مستوى الصحة النفسية، وقد تكونت عينة الدراسة التي أجراها الأستاذ الدكتور صالح بن
إبراهيم الصنيع، أستاذ علم النفس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض من
مجموعتين:
1-مجموعة طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز في جدة وعددهم 170
طالبا وطالبة.
2-مجموعة طلاب وطالبات معهد الإمام الشاطبي للدراسات القرآنية التابع
للجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في جدة وعددهم 170 طالبا وطالبة.
وقد حدد الباحث تعريف الصحة النفسية بأنها: (الحالة التي يتم فيها
التوافق النفسي للفرد من خلال أربعة أبعاد رئيسة هي: البعد الديني أو الروحي
والبعد النفسي والبعد الاجتماعي والبعد الجسمي)،
ولقياسها استخدم الباحث مقياس للصحة النفسية مكون من 60 عبارة وحصل على
معامل ثبات جيد، وتوصلت الدراسة إلى وجود علاقة موجبة بين إرتفاع مقدار الحفظ
وإرتفاع مستوى الصحة النفسية لدى عينتي الدراسة، وأن الطلاب الذين يفوقون نظرائهم
في مقدار الحفظ كانوا أعلى منهم في مستوى الصحة النفسية بفروق واضحة.
كما أن هناك أكثر من 70 دراسة أجنبية وإسلامية، جميعها تؤكد على أهمية
الدين بشكل عام وقراءة القرآن بشكل خاص في رفع المستوى النفسي للإنسان
وإستقراره وضمان الطمأنينة له، كما توصلت دراسات أجريت في السعودية إلى نتيجة تؤكد
دور القرآن الكريم في تنمية المهارات الأساسية لدى طلاب المرحلة الابتدائية،
والأثر الإيجابي لحفظ القرآن الكريم على التحصيل الدراسي لطلاب الجامعة، حيث بينت
هذه الدراسات وجود صورة واضحة للعلاقة بين التدين بمظاهره المختلفة (أهمها حفظ
القرآن الكريم)، وآثاره في الصحة النفسية للأفراد وعلى شخصياتهم، وتمتعهم بمستوى
عال من الصحة النفسية، وبعدهم عن مظاهر الإختلال النفسي قياسا مع الأفراد الذين لا
يلتزمون بتعاليم الدين عموما أو لا يحفظون شيئا من آيات القرآن الكريم أو يكون
حفظهم لعدد يسير من الآيات والسور القصيرة.
وقد أوصت هذه الدراسات بالاهتمام بحفظ القرآن الكريم كاملا
لدى الدارسين والدارسات في مؤسسات التعليم العالي للأثر الإيجابي لهذا الحفظ على
كثير من مناحي حياتهم وتحصيلهم العلمي، والامتثال لأوامره ونواهيه، وذلك
لأنه من أهم أسباب الوصول إلى مستوى عال من الصحة النفسية، كما أوصت
بضرورة اهتمام المعلمين والمعلمات برفع مقدار الحفظ لدى طلابهم
وطالباتهم حتى لو كان خارج إطار المقرر الدراسي، بحيث يكون إضافيا لما له من أثر
إيجابي على تحصيلهم وصحتهم النفسية.
وأخيرا فإن كل من يحفظ شيئا من كتاب الله ويداوم
على الاستماع إلى القرآن يشعر بتغيير كبير في حياته،
حيث قال تعالى: (بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ
الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ)
(العنكبوت 49)، كما إن حفظ القرآن يؤثر على الصحة الجسدية أيضا، حيث ثبت من
خلال التجربة والمشاهدة أن حفظ القرآن يرفع النظام المناعي لدى الإنسان ويساعده
على الوقاية من الأمراض، وهذه بعض الفوائد المادية الدنيوية، ولكن هناك فوائد
أكبر بكثير في الآخرة، وهي الفرح بلقاء الله تعالى، والفوز بالرضوان والنعيم
المقيم، والقرب من الحبيب الأعظم صلى الله عليه وسلم، فتوكل على الله وإبدأ
الحفظ، حيث يقول تعالى: (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ
اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (آل عمران 159).
|
بعض فوائد حفظ القرآن
- صفاء الذهن.
- قوة الذاكرة.
- الطمأنينة والاستقرار النفسي.
- الفرح والسعادة الغامرة التي لا توصف.
- التخلص من الخوف والحزن والقلق.
- قوة اللغة العربية والمنطق والتمكن من الخطابة.
- القدرة على بناء علاقات اجتماعية أفضل وكسب ثقة الناس.
- المساعدة في التخلص من الأمراض المزمنة التي يعاني منها الإنسان.
- تطوير المدارك والقدرة على الاستيعاب والفهم.
- الإحساس بالقوة والهدوء النفسي والثبات.