سيد العبيد يحب عبد المنزل ويكره عبد الحقل
لقد خضع (عبد المنزل) لنفس الظلم الذي وقع على (عبد الحقل)، بحيث كان
كلاهما مجردين من الحرية الخارجية، وهكذا فقد كانا معا واقعين تحت عبودية خارجية، ولكن
بينما كره (عبد الحقل) ذلك الظلم وتلك العبودية، فقد استسلم (عبد المنزل) لها
وتوحد مع سيد العبيد وقبل بعبوديته، حيث كان أعمى البصيرة وعقله مغسولا لدرجة أنه أصبح تابعا مخلصا لسيد العبيد، كما كان
جاهزا دائما لخدمة هذا السيد كيفما تطلب الأمر وفي أي وقت احتاجه فيه.
ولهذا كان عندما يمرض سيد العبيد، كان (عبد المنزل) يشعر بآلام سيده
ومعاناته، ويقول لسيده: نحن مريضان!!، حيث كان (عبد المنزل) عبدا من الداخل ومن الخارج،
وأصبح جزءا من نظام العبودية الذي كرسه كعبد بامتياز، ولهذا كان يكافئ سيد العبيد (عبد المنزل) دائما لقاء خدماته الوفية له.
أما (عبد الحقل) فقد كان عبدا فقط من الخارج ولكنه داخليا كان رجلا حرا، وبسبب
تلك الحرية الداخلية فقد كان لدى (عبد الحقل) القدرة على الرؤيا والإحساس، وبالتالي
إدراك ظلم وخبث سيد العبيد، ولقد كره ذلك منه ملئ قلبه وروحه، كما لم يستسلم (عبد
الحقل) أبدا للظلم والضرب، بل على العكس فلقد كان في شوق دائم لاستعادة حريته
وتفكيك وإزالة نظام العبودية القائم على أكتافه، وهكذا فقد قام (عبد الحقل) دوما بالاستجابة
للظلم والعبودية الواقعة عليه، بنمط رافض ومناهض ومحارب للنظام بكل الأشكال والطرق.
لقد كان سيد العبيد شخصا متكبرا وظالما لأقصى الحدود، وكان (عبد الحقل) يعتبره عدوا له ولا يمكن أن يشاركه في شيء، كما إنه عندما كانت تشب النار في حقل ومنزل مالك العبيد، فقد كان (عبد الحقل) يصلي ويدعو الله أن يرسل رياحا قوية على حقل ومنزل هذا السيد الظالم حتى يحترق كل شيء بالكامل، ولهذا كان سيد العبيد يبغض (عبد الحقل) ويزدريه، كما كان يجعله يدفع الثمن غاليا لقاء عدم إستسلامه له، وعدم رغبته في أن يكون مطيعا مثل (عبد المنزل)، ويصبح جزءا فاعلا في استمرار نظام العبودية.