قلب شجاع - Brave Heart  قلب شجاع - Brave Heart
random

آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

الطائفة الدرزية - الموحدين -

الطائفة الدرزية - الموحدين -

الدروز هم فرقة إسماعيلية اتسمت بطابع الباطنية، حيث أخفوا عقيدتهم عن غيرهم من الفرق الإسلامية، وقد نشأت إبان العصر الفاطمي، وظل الدروز منطوين على أنفسهم، ينأون بعقيدتهم أن تذاع ويحرصون على اعتقاداتهم أن تشيع وتعرف بين الناس، وقد اختلف المؤرخون في لفظ (درزي) وإلى من ينسب الدروز، فهناك محمد بن إسماعيل الدرزي، وهو أحد الداعيين لتأليه (الحاكم بأمر الله) الخليفة الفاطمي، وقد بشّر بمذهبه في وادي التيم، الموطن الأول للدروز، وكانت له ميول مجوسيه يهودية، ويقال أن الدروز قتلوه وهو المعروف باسم (نشتكين الدرزي)، وهناك آخر اسمه (أبو منصور أنوشتكين) الدرزي، وهو أحد قواد (الحاكم بأمر الله)، ويقال أن الطائفة تنسب إليه، وما زال الدروز حتى اليوم يلعنون (نشتكين) ويجلون (أنوشتكين).


ويسكن الدروز حاليا بعض مناطق جبل لبنان، وفي سورية يكثرون فى جبل حوران وجبل السماق وجبل الأعلى، وبعض قرى أنطاكية وبعض أقاليم فلسطين، وقد لعب الدروز دورا مشرفا إبان المحن التى تعرض لها الوطن الإسلامي، حيث حاربوا الصليبيين والتتار، وواجهوا الفرنسيين أثناء استعمارهم لبلاد الشام، والدروز يفضلون أن يطلق عليهم لفظ (الموحدين)، وذلك على الرغم من أن (نشتكين) كان قد بشّر بألوهية (الحاكم) في وادي تيم، ووجد بعض الأنصار الذين انخدعوا بدعوته، وظل هؤلاء عنصر فساد في صفوفهم، ودعاة بدعة لما تنطوي عليه أهدافهم من سوء الطوية إزاء الإسلام، ولأن الدروز فرقة إسماعيلية باطنية، فهم لا يكشفون عن أمر عقائدهم وأئمتهم، مما شجع الكثيرين من المزيفين أن يخترعوا بعض الرسائل وينسبوها للدروز، ورجال الدين الدروز معروفون بالزهد والتقشف، والزهد عندهم لا يعني التواكل، بل هو هدوء وعفة وصدق ونزاهة، وابتعاد عن الشهوات والمحرمات، وإعراض عن بهارج الدنيا وزخارفها، والبعد عن الحكام والسلاطين، وذلك كله مع إخلاص العبادة، وتوخي كسب الحلال من الرزق الذى يقيم الأود ويسر الرمقة.


هذا وقد كان (حمزة بن علي) مؤسس العقيدة الدرزية، قد وضع ميثاقا ذهب فيه إلى تأليه (الحاكم بأمر الله) وتبعه بعض الناس، كما وقد اتبعوا مصحفا يسمى (مصحف المنفرد بذاته)، والذي ينص على تأليه (الحاكم بأمر الله) مع اقتباس بعض آيات القرآن وتحريف بعض جمله وتقليد إيقاعه، ويعتقد الدروز أن هذا المصحف منزّل من (الحاكم) على وزيره (حمزة بن علي)، والعقيدة الدرزية هي خليط من نظريات الفلاسفة القدامى وأفكارهم، حيث أخذوا من فلسفة الهند والفراعنة وفارس واليونان، ويمتاز مجتمعهم على أنه قائم على النظام الطبقي الإقطاعي الريفي، فالقرى خاضعة لشيخ القرية الذى يختاره الأمير، وشيوخ القرى خاضعون للأمراء الذين يتوارثون الإمارة، ولا يعترف الشعب بسلطة أحد سوى أمرائهم، وأمراء الدروز كان يهمهم دائما المحافظة على وجودهم وسلطانهم، أما من الناحية الدينية فطبقات المجتمع الدرزي تنقسم إلى:


1- المشايخ الروحانيون الذين لهم حق البحث والكلام في الروحانيات أو المذهب لأنهم الملمون به وهم:


- الرؤساء: وهم في أشد العبادة والورع للحاكم، ومنهم من لا يتزوج حتى يموت، ومنهم من لا يأكل اللحم في حياته، ومنهم من يصوم كل يوم حتى المساء.


- الشرّاح: وهم الذين يرخص لهم بالاطلاع على ما كتبه الأمير (التنوخي) وهو أحد مشايخهم.


- الإجاويد: وهم الشريحة الأخيرة، ويعرفون من أسرار دينهم أكثر مما يعرفه الجهال.


2- الجثمانيون: وهم الذين لا حق لهم في البحث في الروحانيات (الأمراء والجهال).


(وهذا التقسيم كله قائم على السرية التامة لمذهب أو عقيدة الدروز حتى عن الغالبية منهم)


العقيدة الدرزية تؤمن بالعقل الأرفع أو الكلي، وهو على حسب قولهم، مصدر انبثاق كل الكائنات، وهو عين بقائها في هذا الوجود، وهو البداية والنهاية، كما وتقوم هذه العقيدة على توحيد (الحاكم بأمر الله) وصدق اللسان والرضى بفعل (الحاكم بأمر الله)، ثم التسليم لأمره فى السر والحدثان، وحفظ الإخوان وترك العدم والبراءة من الأبالسة.


وهذه الفرائض هي بديلة عن الصوم والصلاة والزكاة والحج عند المسلمين، كما وللأعداد أهمية عندهم، وخاصة العدد خمسة وسبعة، هذا ويؤمن الدروز بعقيدة التقمص، وذلك بمعنى أن الإنسان إذا انتهت حياته وصعدت روحه، فإنها لا تذهب للحياة البرزخية لكنها تتقمص مولودا جديدا، والتقمص هو تقلب الروح في شتى الأحوال، كما ويتسنى لها أن تختبر كل هذه الأحوال، والعقاب يكون مختلف الأنواع في حياة الشخص القادم في أدواره التالية، فقد يكون العقاب فقرا أو تشويها أو شقاء أو نعمة وخير، وإذا كان الثواب والعقاب مرتبطين بالجنة والنار، فإن الجنة عند (الموحدين) هي توحيد الخالق وثمارها المعرفة الحقيقية، والجحيم هو الجهل والشر، أما النار الكبرى فهي غلبة الشقوة وهوى النفس الغالب عليها الجهل، ويوم الحساب في العقيدة الدرزية ليس يوم القيامة، بل يتمثل في الأرواح وتطورها بحيث يبلغ التوحيد غايته بالإنتصار على العقائد الشركية، وينتهي بالانتقال والمرور في الأقمصة المادية لتتصل الأرواح الصالحة بالعقل الكلي، كل على قدر تكاملها، أما العقاب فهو العذاب عن التقصير في الوصول لهذه الدرجات.


والدرزية كانت- في رأيهم – مذهبا إسلاميا، ثم تطورت وأصبحت دينا مستقلا، والنبي محمد صلى الله عليه وسلم، له مكانة محدودة عندهم وهو ليس إلا واسطة الرسالة، وللدروز خمسة أقطاب آخرهم (الحاكم بأمر الله)، هذا ولا يقبل الدروز أحد في دينهم ولا يسمحون لأحد بالخروج منه، والدين الدرزي دين صوفي يعتمد على الداخليات والجواهر ولا يهتم بالشكليات، والطهارة الداخلية أي النفسية الروحية هي الأساس، أما الطهارة الخارجية فلا قيمة لها، كما ورفعت عنهم الفرائض واستبدلت بتكاليف أخرى، فالصلاة عندهم خمس صلوات لكن ركعاتها تختلف في العدد، والصوم عندهم معناه الامتناع عن الرفث، وهو عشرة أيام في ذي الحجة تنتهي بالعيد، والزكاة معطلة ولا حدود لها، والحج لا يعتبر فريضة، والحديث والسنة عندهم معطلان لا يؤخذ بهما، والطلاق عندهم مرة واحدة، ولا يجوز للمطلقة أن تعود لزوجها أبدا، والوصية عندهم مطلقة لا يعتد فيها بالثلث وغيره الكثير من الأمور الخاصة بهم.


لكن يجب أن يذكر هنا أن البعض عندهم لا يؤله (الحاكم بأمر الله) إنما يعتبرونه إمام مقدس، ويشهدون بأن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويؤدون الصلوات والزكاة ويصومون ويحجون كباقي المسلمين، ولكن في العصر الحالي فإن معظمهم لديهم (المصحف المنفرد بذاته)، وذلك كبديل عن القرآن والحديث، حتى أن بعضهم يقول بأن القرآن أوحى لسلمان الفارسي، وهم ينكرون جميع الأنبياء والرسل وشرائعهم.


وأخيرا يقول عنهم الإمام أبو زهرة: (هم من الغلاة المتطرفين الذين تجاوزا حدود الإسلام، وهم يستخفون بأعمالهم واعتقادهم من مجاوريهم وعشرائهم، والله أعلم بحالهم)، فيما يقول عنهم ابن تيمية: (هؤلاء الدرزية والنصيرية كفار باتفاق المسلمين، لا يحل أكل ذبائحهم ولا نكاح نسائهم، بل ولا يقرون بالجزية، فهم مرتدون عن دين الإسلام، وليسوا مسلمين ولا يهود ولا نصارى، وكفر هؤلاء مما لا يختلف منه المسلمون، فمن شك في كفرهم فهو كافر، ومثلهم لا هم بمنزلة أهل الكتاب ولا المشركين، بل هم الكفرة الضالون).


هذا ويقول الدكتور محمد الخطيب في كتابه (الحركات الباطنية في العالم الإسلامي): (واضح أن هؤلاء القوم مرتدون عن الإسلام لتركهم عبادة الله تعالى وإنكارهم فرائض الإسلام وشرائعه، ولابد من المطالبة بالعمل على نشر الإسلام بين صفوفهم، وأن يحال بينهم وبين مشايخهم، الذين لا يزالون يصرون على هذه السخافات والضلالات الخرافية، فتزول بذلك الغشاوة عن أعين الكثير منهم، الذين يعيشون فى تخبط لا يجدون له نهاية، وهذا الشيء هو ما طالب به الشيخ محمد رشيد رضا في أحد فتاويه).

عن الكاتب

HOSNI AL-KHATIB

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

قلب شجاع - Brave Heart