الأخطاء
عندما نسمع كلمة أخطاء فإن أول ما يتبادر إلى أذهاننا هو كل الأخطاء التي أرتكبت في حقنا من جميع من نعرفهم ومن لا نعرفهم،وذلك إبتداءا من أول ما كنا صغار،حيث إننا نعتبر أن آبائنا وأمهاتنا إرتكبوا أخطاء عديدة في تربيتهم لنا،كما نذكر كل ما تعرض له كل واحد منا من أخطاء إرتكبها أشقائه الأكبر أو الأصغر في حقه،بالإضافة إلى أخطاء أصدقائنا ومعليمينا وبعد ذلك أزواجنا وزوجاتنا وأولادنا وصولا إلى مدرائنا في العمل وحتى حكامنا،فالكل إذن أخطأ معنا بطريقة أو بأخرى.
ولكننا ننسى أو نتناسى المخطىء الأكبر وهو طبعا وبلا شك أنا وأنت ونحن،أي أنفسنا فكل منا لا يرى أخطائه وعيوبه لأنه مشغول بأخطاء الآخرين وعيوبهم،وهذا التصرف بعينه خطأ حيث إنّ لدى الإنسان القدرة على مراقبة الآخرين في أخطائهم لكنه ليس لديه القدرة على أن يراقب نفسه ويكتشف أخطاءه،فنحن نرى أنفسنا دائما على أننا المظلومون وغيرنا هو الظالم وأننا الملائكة وغيرنا الشياطين،وهذا هو أعظم أخطائنا لأننا ننسى أننا كلنا بشر نخطئ أحيانا ونصيب أحيانا أخرى ولا أحد منا معصوم عن الخطأ، فالخطأ فطرة بشرية خلقنا الله بها ولا يتحقق كمالنا كبشر إلى عندما نخطيء،لهذا يجب أن تكون لدينا ما يسمى بثقافة الخطأ أي أنّ كل منا معرض لإرتكاب الأخطاء،فيجب عند ذلك الإعتراف بالخطأ والعمل على تصحيحه إذا أمكن دون إنكار أو مكابرة،حتى لا نكون كمن أخذته العزة بالإثم هذا من جهة،أما من جهة أخرى فيجب على الأشخاص المحيطين بهذا الشخص المخطيء من مجتمع ومصلحين وعلماء،القيام بمهمة مساعدة هذا الإنسان الذي عثر على النهوض من جديد وأن لا يستسلم لخطئه وأن يعملوا أيضا على التخفيف عنه،وذلك دون الضغط عليه والزيادة في يأسه وقنوطه،ويكون هذا بإختيار الوقت والأسلوب المناسبين لتقديم النصح له دون فضح الأمر لأن النصيحة على الملاء فضيحة،ومن خلال ذلك يمكن لنا أن نقلل من أخطائنا وفي نفس الوقت نلتمس العذر لمن أخطأ في حقنا، لأنه لا أحد منا معصوم عن الوقوع في الأخطاء،لأننا قد نكون في يوم ناصحين وفي آخر مخطئين (يقدم لنا النصح)،وبهذه الطريقة سوف نحقق التعاون فيما بيننا عن طريق تكاملنا الذي بدوره يؤدي إلى نشر معاني التسامح والمحبة والمودة في مجتمعاتنا.