إن النبي عليه الصلاة والسلام كان يأكل بأصابعه وكان يقضي الحاجة في
الخلاء،كما وكان يركب البغلة في تنقلاته وكذلك كان يفعل أهل ذلك الزمان،مسلمين
وكفرة،فقد كان ذلك هو العُرف،وتقليد النبي في هذه الأشياء ليس من السُنّة في شيء،إنما
السُنّة في أن تقلده فيما إنفرد به وتميز،وقد تميز نبينا بمكارم الأخلاق،حيث قال
تعالى: "وإنك لعلى خلق عظيم".
ونلاحظ هنا أن ربنا لم يمتدح سيدنا محمد في لباسه ولكنه إمتدح خُلقه،وهنا مناط الأسوة
والتقليد،فجوهر السُنة أن نقلد النبي في أمانته وفي صدقه وفي كرمه وفي شجاعته وفي حلمه
وفي ثباته على الحق وفي حبه للعدل وكراهيته للظلم،أمّا أن نترك كل هذا ونقيم الدنيا
ولا نُقعدها على تقصير الثوب،ويقول الواحد منا : أقلد ولا أفكر،فأقول له بل تفكر.
فالتفكير في الإسلام أكثر من سُنة (التفكير فرض)،حيث يصف القرآن المؤمنين بأنهم
"يتفكرون في خلق السماوات والأرض" وأنهم يتدبرون القرآن وأنهم ينظرون في
كل شيء،من إختلاف الليل والنهار وفي الإبل كيف خُلقت وفي السماء كيف رُفعت وفي الأرض
كيف سطحت وفي الجبال كيف نُصبت،وهُم ينظرون في أنفسهم كيف خُلِقوا ومما خُلِقوا،وأما
إذا جاء ذكر الثياب في القرآن فيقول ربنا " وثيابك فطهِّر " فالنظافة كانت
نقطة لفت النظر فقط.
مصطفى محمود