إرث ابن تيمية القاتل
فتاوى إبن تيمية التي ترجع للقرن الثالث عشر الميلادي عن
التكفير وما إستمده منه الشيخ محمد بن عبد الوهاب صاحب الفكر الوهابي الذي عاش في
القرن الميلادي الثامن عشر،وراء إقدام الشبان على التشدد والإنضمام إلى جماعة داعش
الإرهابية والتي تعتنق فكرة التكفير للآخر أيا كان،وذلك إستشهادا بآراء لإبن تيمية
تبيح دم الكفار والخارجين عن الدين حتى لو كانت هناك صلة قرابة،وهذا ما تقوم به
داعش في طول الأرض وعرضها بدءا بقتل أفراد من أسرهم بعد أن إعتبروهم خارجين عن
الدين.
والوهابية المنسوبة لـ (محمد بن عبد الوهاب) هي الحركة
أو المذهب التي تتبنى أفكار شيخ الإسلام الأموي (إبن تيمية) الذي يؤمن بالتشبيه
والتجسيم،وذلك تحت شعار التوحيد ومن ثم رمي باقي المسلمين (الأكثرية) بشتى مذاهبهم بالشرك والردة بما يجب قتلهم وسفك
دمائهم وسبي نسائهم ونهب أموالهم إذا لم يتوبوا ويؤمنوا بفكر إبن تيمية ويقروا
بالولاء له.
هذه الأمور إلى جانب ممارسات مثل تنفيذ أحكام الإعدام
بحد السيف دفعت الكثير من المعلقين الغربيين والعرب لإتهام السعودية بأنها هي من
وراء داعش ومن قبلها القاعدة وغيرها من الجماعات الإرهابية،وذلك لأن حكامها
يعتنقون الفكر الوهابي والذي يعتبر أن الشيخ إبن عبد الوهاب كان إصلاحيا ونهجه هو
النهج الإسلامي الصحيح،على الرغم من أنه لا يقبل الآخر جملة وتفصيلا ويعادي
الأفكار الحداثية،لكن السعودية من جهتها ترفض أي حديث يربط بينها وبين المتشددين
وتعتبر داعش والقاعدة جماعتين إرهابيتين حرفتا رسالة الدين.
أحد رجال الفكر البارزين الدكتور عبد السلام الوايل
أستاذ علم الإجتماع بجامعة الملك سعود كتب على تويتر،متحدثا عن إبن تيمية الذي نشأ
في دمشق وأودع السجن بسبب أفكاره: (يغضب البعض إن أشير لدور ما لتراث إبن تيمية في
نازلة العنف الديني التي تجتاحنا) وأضاف: (شيخ الإسلام يسترخص الروح البشرية وتراثه
يوضح هذا)،وقد أشار إلى أن فتاوى إبن تيمية تتنافى مع جوهر الإسلام ومنها مثلا ما
تبيح للإبن قتل أبيه إن كان كافرا أو خارجا عن الدين،وأخرى تقول بإستتابة من يستحل
أكل الحيات وقتله إن لم يتب،وهذا المستوى من الإستخفاف بالنفس صادم،فلا غرابة إذا أن
يولد تراث كهذا أنفس وأفراد لا تحفل بحرمة الدم.
كما وفي خطوة نادرة تدخل وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف
والدعوة والإرشاد صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ في الجدال الدائر قائلا: إن
فتوى إبن تيمية التي تبيح للإبن قتل أبيه الكافر إنتزعت من سياقها،حيث نقل الشيخ
راشد الزهراني نائب رئيس مجلس إدارة جمعية الأكاديمية الإسلامية الإلكترونية عن آل
الشيخ: (قول شيخ الإسلام: وإذا كان مشركا جاز للولد قَتله،وفي كراهته نزاع بين
العلماء،يقصد إذا تواجها في الحرب،هذا في فئة المؤمنين والوالد في فئة الكافرين).
لكن عددا من الكتاب وأصحاب الفكر في السعودية قالوا بأنه
آن الأوان لحذف مثل هذه الأجزاء من النصوص الدينية التي تبيح إتيان أفعال كهذه،لأن
ما كان مناسبا في العهود القديمة لا يكون بالضرورة مناسبا للعصر الحديث،حيث دعا
الكاتب محمد آل الشيخ على تويتر قائلا: (علينا أن نعيد قراءتنا لتراث إبن تيمية
الفقهي ونتعامل معه على أساس أنه مرتبط بزمن آخر وظروف أخرى لا علاقة لها
بزمننا،وإلا فلن ينتهي الإرهاب)،كما قال الكاتب محمد علي المحمود: (إن الخطوة
الأولى صوب التصدي للفكر المتشدد تتمثل في فتح الباب أمام النقاش بشأن تراث إبن
تيمية،وأضاف أن المطلوب الآن تجفيف المستنقع من الأصل عن طريق فتح الباب على
مصراعيه لنقد التراث،وذلك بمعنى أن تؤخذ الكتب والمقولات التاريخية على أنها
مقولات قابلة للمراجعة).
وهذا ما يذهب إليه العديد من المفكرين والمثقفين والأحرار
من مسلمين وغير مسلمين في هذا العالم،وذلك من خلال عملية إستقصاء ورصد علمي لجذور
الفكر الوهابي الدموي التكفيري الذي تتبناه السعودية وجعلته مطية عقدية لتوسيع
نفوذها ونشر خطابهم المتخلف بإسم الإسلام والسلف والتوحيد (كذبا)،بالإضافة إلى
ماكنة إعلامية ضخمة جعلت الإرهابي جهاديا وثائرا والمقاوم إرهابيا.