شوكولاتة العبودية
ثروة الكاكاو المشبوهة
سنة 2016 م وصلت تجارة الشوكولاته والكاكاو إلى أعلى مستوياتها،حيث
إقتربت من سقف الـ 100 بليون دولار وتحديدا 98.3 بليون دولار سنويا،وذلك بنسق تضخم متواصل
وصل إلى 2.7 % في أخر 5 سنوات.
كان أول من تسائل حول هذه الثروة وآليات جنيها هي منظمة بريطانية
تسمى - True Vision Entertainment - ووثقت
تساؤلاتها ونتائج أبحاثها في فيلم وثائقي مفزع صدر سنة 2000 م تحت عنوان (Slavery: A Global Investigation) .
تطرق الوثائقي إلى علاقة كبرى الشركات المنتجة للشوكولاتة بمزارع حصد الكاكاو المعتمدة على إستغلال وتشغيل الأطفال،كما يوثق هذا الفيلم ندبات
وجراح وأثار التعذيب على هؤولاء الأطفال،والتي بعضها مازال ينزف،حيث يفتتح الفيلم بمشهد
قاس: (طفل يحمل كيسا ثقيلا من الكاكاو ويظهر عليه التعب).
يقول فيه: بأنه لم يأخذ أجرة عمل سنة كاملة.
ويقول أيضا: يعمل الأطفال من طلوع الفجر إلى المساء،ثم يؤخذون
للنوم داخل كوخ مهترئ ومع كأس واحد للتبول فيه.
ويضيف قائلا: أنه تعرض للضرب خلال أول 6 أشهر بطريقة دورية
- الضرب كان جزءا من حياتي - كما رأيت أطفالا يحاولون الهروب،وعندما يتم القبض عليهم
كانوا يضربون بوحشية،وذلك بعد تجريدهم من ملابسهم وربطهم - يضربون بقبضات الأيدي والقدمين
وبالأحزمة والسياط -.
هذا وأصدرت جمعية العمل العادل (Fair Labor Association - FLA) تقريرا بعد أن أرسلت باحثين ومحققين إلى مزارع الكاكاو
في دولة ساحل العاج،وهي مزارع كانت على ذمة شركة (Nestlé) لمدة شهرين سنة 2014 م،حيث أفاد هذا التقرير بوجود
56 عاملا تحت سن الـ 18 من العمر بينهم 17 طفل أقل من الـ 15 سنة،كما وجد المحققون
أيضا أدلة في إحدى المزارع للعمل القسري (عمل تحت التهديد) لطفل لم يقبض أجرة عمله
منذ سنة.
(بعد 14 سنة من توثيق قصة الطفل الذي ظهر في الوثائقي سنة 2000 تعود منظمة
أخرى لتوثيق قصة مطابقة لها سنة 2014).
وقد أفادت المنظمة بأن الأطفال العاملين متواجدين في 7 %
من المزارع خلال بحث أجروه سنة 2013.
ما هي ظروف العمل بالنسبة للأطفال ؟
وجدت المنظمة أن الأطفال يتعرضون لأنشطة خطيرة جدا وغير ملائمة
لسنهم أو قدرتهم الجسدية،إذ ينقلون أحمالا ثقيلة ويستعملون المناجل ويكلفون بمهام شاقة
مماثلة لمهام الرجال البالغين،لكن للأطفال نسب أكبر بكثير من التعذيب ونصيب أقل من
الأجرة.
هل توجد حلول في الأفق ؟
بعد سنة وحدة من الضجة التي أحدثها الوثائقي وقعت شركة Nestlé)) على إتفاق بتسوية هذه
الأوضاع المشينة والمهينة لها كعلامة تجارية،وقد كان هذا التوقيع سنة 2001 م،لكن بعدها
بـ 4 سنوات عادت منظمة حقوقية أخرى وقامت برفع دعوة قضائية ضدها وضد 3 شركات أخرى.
هذه الدعوة القضائية مدججة بوثيقة تثبت تعذيب وتعنيف وإجبار
أطفال للعمل في مزارع الكاكاو دون أجرة،وقامت نفس الشركة بتعهدات وحلول جديدة للقضاء
على هذه الظاهرة،والتي كان من بينها إرجاع الأطفال إلى المدارس وتوفير مستلزماتهم الدراسية،لكن
وكل مرة بعد سنوات قليلة من تعهداتها الجديدة تثبت إعادة تورطها،مما بعث الشك والريبة
في الكثير من المنظمات الحقوقية التي بدأت تدرك أن وعود الشركات المنتجة للشوكولاته ليست جدية،فبعد سيل من الوعود خلال الـ 14 سنة الماضية تعود هذه الشركات للتورط من
جديد في نفس القضايا.
فيما إستسلم وإقتنع الأطفال في شرق إفريقيا (ساحل العاج)
على أن الشوكولاته لن تصنع إلا بدموعهم وعرقهم ودمائهم لتصبح بطعم العبودية،كما وقد أدركوا
أن المال هو الأهم،وهم بذلك يوفرون المال بطريقتهم الحالية،فهل سيضحي أسياد المال بالمال
في سبيل راحت الأطفال ؟
هل يعرف هؤولاء الأطفال طعم الشوكولاته ؟
سئل أحد الأطفال
خلال الفيلم الوثائقي،ماذا تريد أن تقول للناس الذين يأكلون الشوكولاته حول العالم ؟
فقال: أريد أن أقول أن أغلب الأطفال هنا لم يجربوها أبدا
!
أخيرا تذكر أنه مع كل قضمة لشكولاتتك أنها شوكولاته بطعم العبودية،وتذكر
أنها حملت لك في طياتها قصة معاناة طفل أغتصبت طفولته،وتذكر أن بها دمعا وحزنا وألما،وتذكر
أنها ثروة بـ 100 بليون دولار،لكنها مازلت تستعمل الإستعباد،والأهم أن تتذكر بأنه
يمكن أن نأكل الشوكلاته دون أن نسلب حياة إنسان ودون أن نفتك بطفولته،فمن الممكن أن نأكلها
ويعيش هو طفولته.
فقط تذكر ذلك وأنت تأكل الشوكولاته