أسباب وأنواع الشلل الدماغي
الشلل الدماغي هو عبارة عن شللٍ يحدث نتيجة لتلف أو تشوّه في خلايا الدماغ المسؤولة عن الحركة، مُسبِّباً عدم تناسُق الحركة أو الشلل في بعض أجزاء الجسم، ويُعتَبر هذا من أنواع الشلل النمائي الذي يُصيب الطفل أثناء أو بعد الولادة وقبل أن تكتمل القشرة الدماغية ولذلك يُسمّيه البعض (الشلل الدماغي القشري).
هذا ومن المهم أن نعرف أن أسباب حدوث الشلل الدماغي قد يكون بعضها معروفاً أو غير معروف، حيث أنه يتم تصنيفها لأسباب فطرية ومُكتسبة ومنها أسباب قبل حدوث الولادة كالوراثة والتي نادراً ما تحدث، كما أن أبرز أسباب الإصابة بالشلل الدماغي هي الالتهابات الرحميّة التي تُصيب الأمّ الحامِل وتعرّضها للإشعاعات وخاصة في الأشهر الثلاثة الأولى، وإصابة الأمّ الحامِل بالحصبة الألمانية واليرقان وارتفاع ضغط الدم أو ما يُعرف بتسمّم الحوامل، والسكري وتضخّم الغدّة الدرقيّة ووجود خللٍ في القلب، وتعرّض الأمّ الحامِل للحوادث والأزمات الصحية التي تُسبّب لها الاختناق، وبالتالي ضعف وصول الأوكيسجين إلى الجنين مُسبّباً تلَف بعض خلايا الدماغ وموتها، إضافة إلى حدوثِ النزيفِ المُتكرّرِ للأمّ الحامِل وإصابتها بفقرالدم الحاد وسوء التغذية.
أما الأسباب التي تؤدّي إلى حدوث الشلل الدماغي أثناء الولادة، فهي عدم توافق دم الأمّ مع دم الطفل وخاصة عندما يكون دم الأمّ سالباً والطفل موجبأً ما يُسبّب تكوين أجسام مُضادّة في دم الأمّ تؤدّي إلى تكسّر الكُريات الحمراء في دم الطفل وترسّب المادة الصفراء في حجرات الدماغ للطفل، ما يُسبّب ارتفاع مادة (التليروتين) والإصابة باليرقان الولادي، كما أن تعسّر الولادة ومنها النزيف الداخلي للأمّ أو الضغط على رأس الطفل عند سحبه باستخدام الملقط أو تأخّر عملية الولادة، فإن كل ذلك يُسبّب قلّة في وصول الأوكيسجين للجنين، وبالتالي تلف خلايا الدماغ، إضافة إلى أن نزول رجليّ الطفل قبل رأسه وتعرّضة للرضوض أو الإصابات في دماغه نتيجة للضغط وانفصال المشيمة قبل موعدها قد يُسبّب انقطاع الأوكيسجين عن الطفل لوجودِ انسدادٍ في المجرى التنفّسي للطفل ما يؤدّي إلى اختناقه، وعدم التدخّل المُبكِر في هذه الحالات قد يُسبّب الشلل الدماغي بدرجاتٍ متفاوتةٍ بسبب نَقْصِ الأوكيسجين وتلف وموت خلايا الدماغ.
وهناك أسباب ما بعد الولادة تؤدّي إلى الإصابة بالشلل الدماغي منها حوادث السقوط من أماكن مُرتفعة، أو حوادث السيارات أو الضرب العنيف الذي قد يؤدّي إلى تلف خلايا الدماغ، وقد يكون الشلل الدماغي ناتجاً من الإصابة بالأورام الخبيثة والأمراض الفايروسية كالسحايا أو إصابة الطفل بالإسهال الشديد والسريع، مُسبّباً الجفاف وفقدان السوائل ما يؤدّي إلى انتفاخ في أنسجة الدماغ وبالتالي تلفها بسبب ضغط عظام الجمجمة عليها. كما ويؤثّر انخفاض نسبة السكر بالدم بشكلٍ حاد إلى إعاقة وصول الأوكيسجين للدماغ، مُسبّباً حدوث تلف في خلايا الدم ليُصاب الطفل بالشلل الدماغي، بالإضافة إلى أن الإصابة بأمراض تنفسيّة حادّة أو نشأة الطفل في بيئةٍ غير صحية (التسمّم) يُعتَبر من العوامل الرئيسة لإصابة الأطفال بالشلل الدماغي، وذلك من خلال استنشاق مواد سامة كأول أوكسيد الكاربون أو تناول أدوية وعقاقير فيها نسبة عالية من الرصاص أو الزئبق.
هذا ويتفرّع الشلل الدماغي إلى الأنواع التالية:
أ- الشلل
التشنّجي: وقد تم اكتشافة أول مرة من قِبَل الدكتور ليتل عام 1961م، وأعراضه هي
فُقدان التوازُن وظهور حركات لا إرادية بسبب تشنّجات عضليّة مختلفة نتيجة
للإستجابة المُبالغة للتميّز الحركي جرّاء تلف الخلايا الحركية القريبة من القشرة،
ما يؤدّي إلى تيبّس حركي بمرور الوقت وزيادة في التصلّب للجسم، وبسبب هذه الحركات
اللاإرادية والتشنّجات والحركة غير الهادِفة ستضعف حركة المُعاق ما يؤدّي إلى ضمور
العضلات وتحديد المفاصل، وإن استطاع المقاومة واستمرار المشي سيكون المشي على رؤوس
الأصابع لتشنّج سمانة الساق عند الحركة.
أما أنواع الشلل التشنّجي فتشمل: 1- الشلل التشنّجي الرُباعي: وهو شلل يشمل الأطراف العُليا والسُفلى وقد يكون أشد في العُليا مُسبّباً صعوبة التحكّم بتحريك الرأس وصعوبة التعبير عن الحاجات وعدم التوازن، ما يؤدّي إلى عدم استقلاليّة حركة المُصاب، وهو بحاجة إلى رعاية مستمرة لتلبية حاجاتة الأساسية. 2- الشلل التشنّجي السُفلي: ويكون بشكلٍ أكبر في الأطراف السُفلى مما هو في الأطراف العُليا، إضافة إلى وجودِ ضعفٍ بسيطٍ في حركات العينين وذلك حسب شدّة إصابة مراكز الحركة بالدماغ. 3- الشلل التشنّجي النصفي: ويُسمّى الشلل الشقّي وهو يُصيب النصف الأيمن أو الأيسر من الجسم بسبب إصابة الجزء الأمامي الأوسط من الدماغ، مُسبّباً عدم تناسق بالحركة بين شقّي الجسم، ما يؤدّي إلى حركات التوائية وحركات دورانية خاطئة بحيث تكون مشيته كأنها حركات راقصة، وغالباً ما تُصاحب ذلك صعوبة في النطق. 4- الشلل التشنّجي الطرفي: وهو يُصيب طرفاً واحداً من الجسم بسبب إصابة بسيطة في الجزء الأمامي من الدماغ، بحيث يمكن للمُصابين به القيام بالحركات الدقيقة، وبوجود وسائل مساعدة يتمكّنون من المشي بشكلٍ طبيعي، وغالباً ما يكون هذا النوع من الشلل خالياً من إعاقة مُزدوجة.
ب- الشلل
الالتوائي: سبب الإصابة بهذا الشلل هو تلف العقد القاعدية في الدماغ الأوسط بسبب
ارتفاع المادة الصفراء (اليلبروبين)، وذلك عند إصابة الطفل بما يُعرَف بمرض أبو
صفار (اليرقان الولادي)، ومن الأعراض المُصاحِبة لهذا النوع من الشلل ظهور حركات
لا إرادية بسبب أوامر الدماغ الخاطئة، ما يؤدّي إلى عدم التحكّم بالعضلات المسؤولة
عن الرأس والفم والكلام، ومهما كان التوتّر عالياً في حال الحركة فإن العضلات تعود
لتستعرض بمرونة وليونة ويكون الرأس مُرتخياً للخلف والتواء الأطراف للداخل.
ج - الشلل الدماغي التخلّجي: وينتج هذا الشلل بسبب إصابة المُخيخ مؤدّياً إلى الترنّح وعدم التوازن وعدم التناسق بالحركة وصعوبة السيطرة على عضلات الرقبة، بحيث يميل الطفل إلى الزحف بشكلٍ أكبر من المشي وبخاصة عند غياب البرامج الحركية المُلائمة لهذا النوع من الشلل بوقتٍ مُبكرٍ، وقد تصاحبه إعاقة بصرية أو صعوبة بالنطق وعدم تقدير المسافات أو الارتفاعات وصعوبة الجلوس أو المشي.
د - الشلل الدماغي التيبّسي: وهو عبارة عن تصلّب جميع عضلات أطراف الجسم بسبب التشنّجات المستمرة نتيجة التوتّر العضلي الحاد، مُسبّباً تقلصاً مستمراً يتطوّر ليكون تيبّساً، وعند قيام الطفل بالحركات الإرادية فإنها تكون محدودة بسبب مقاومة العضلات الشديدة للحركة وتُصاحبها غالباً إعاقة عقلية.
هـ – الشلل الدماغي المُختلط: وفيه يكون السبب إصابة الدماغ الأوسط والمُخيخ، ويكون المُعاق به مصاباً بأكثر من نوع من أنواع الشلل الدماغي.
وطبقاً لموقع الإصابة بالدماغ من الممكن تصنيف الشلل الدماغي وفقاً للأطراف المُصابة إلى:
الشلل
الكلّي: وهو إصابة الأطراف الأربعة بالشلل وغالباً ما تصاحبه صعوبة النطق والإعاقة
العقلية، ويكون شلل الأطراف العُليا واضحاً أكثر من الأطراف السُفلى.
الشلل
النصفي الجانبي: وهو شلل يُصيب النصف الأيمن من الجسم أو النصف الأيسر من الجسم،
وهو ما يُسمّى بالشلل الشقّي.
الشلل
التشنّجي الكلّي السُفلي: وهو شلل يُصيب الأطراف الأربعة، ولكنه يكون أكثر في
الأطراف السُفلى.
الشلل
التشنّجي الثُلاثي أو الأحادي: وهو شلل يُصيب ثلاثة أطراف فقط، وهو نادر الحدوث
لوجود طرف واحد علوي أو سُفلي يكون بحال جيّدة، ومن الحالات النادرة أيضاً أن
يُصاب طرف واحد فقط وسلامة الأطراف الثلاثة الأخرى، ولذلك يُسمّى الأحادي أو الشلل
التشنّجي الطرفي.
رابط المقال
في موقع الميادين: