قلب شجاع - Brave Heart  قلب شجاع - Brave Heart
random

آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

الإخوان المسلمون أداة تغيير الأنظمة العربية

الإخوان المسلمون أداة تغيير الأنظمة العربيةImage result for ‫تغيير الأنظمة العربية‬‎
يقول مدير المخابرات الخارجية الروسية، ميخائيل فرادكوف، أن الفريق الأمني الاستراتيجي الذي يصيغ السياسة الخارجية الأمريكية بعيدا عن الإدارات الأمريكية مهما كانت هذه الإدارة جمهورية أو ديمقراطية، يرى في الإخوان المسلمين قوة منضبطة يجب الرهان عليها للقيام بالتغيير في العالم العربي، وذلك بعد أن شاخت الأنظمة الحليفة وخوفا من انقلابات داخلية عليها تكون خارج النفوذ الأمريكي، فبالنسبة للأمريكان فإن أنظمة العائلة والأفراد والأحزاب الشمولية قد شاخت ولابد للتغيير في العالم العربي دون استثناء أي دولة، وخاصة دول الخليج، أما أدوات التغيير فستكون من خلال جماعة الإخوان المسلمين، لأنها قوة رئيسية ومنتشرة في كافة البلدان العربية، فمثلا إذا حدث حدث ما في مصر، فالإخوان قادرون على نقله إلى بلدان أخرى لأنهم قوة مناهضة للقومية التي كانت قادرة على توحيد العرب، فالإخوان قادرون الآن على نفس التأثير في البلدان العربية تحت شعار الإسلام هو الحل، لذلك سارت الإدارات الامريكية المختلفة والمتعاقبة، سواء جمهورية أو ديمقراطية، على ما رسمه الفريق الأمني الاستراتيجي الأمريكي.
هذا ويقول مدير المخابرات الروسية أنه في بداية أحداث ما يسمى بالربيع العربي وبالتنسيق الكامل بين الإخوان والأمريكان، كانت الحلقة الأضعف والأسهل هي تونس، ففي الوقت الذي بدأت تتحرك فيه الحركات الشعبية العفوية في تونس بسبب حدث بسيط ضخمت هذه الأحداث واستغلت، وكانت أمريكا هي وراء هذا التضخيم، وذلك بالرغم من أن بن علي هو أحد أدواتها في المنطقة، ولكنها أرادت أن تبدأ حالة التغيير من الحالة الأضعف والحالة الأكثر قوة وانفتاحا للإخوان وهي تونس راشد الغنوشي، والذي كان مع بداية أحداث تونس ومنذ انطلاقتها الأولى يعد العدة للعودة إلى تونس، دون أن يكون هناك أي توقعات لتصعيد هذه الأحداث في تونس.
لم تصل مرحلة الأحداث في تونس بالمواجهات بين الشعب والنظام إلى مرحلة دامية كبيرة، ولكنها كانت في إطار الانتفاضات المتناثرة غير المرتبطة ببرنامج وقيادة، فكل ولاية من ولايات تونس كان لها مطالبها المعيشية البسيطة والتي كانت لا تنذر بتفجير ثورة شاملة، ومن هنا بدأ الأمريكان خطواتهم بالإعلان فجأة عن مغادرة الرئيس التونسي وفق عملية خداع كبرى قام بها مقربون من بن علي بالتنسيق مع الأمريكان بضرورة مغادرة البلاد والتوجه للعربية السعودية، حيث رتبت أمريكا ذلك مع العربية السعودية التي لم تكن في تلك اللحظة شريكا أو على علم بما يجري ويعد له في المنطقة، وغادر ابن علي تونس بخدعة وشكلت حكومة انتقالية تتولى الحكم في البلاد كمرحلة انتقالية لتولي النهضة الحكم بشكل واضح ومباشر، على أن تشكل تونس في المرحلة القادمة عنوانا للتغيير في المنطقة وبالذات باتجاه المشرق العربي وخصوصا مصر وسوريا، دون إغفال الدور التونسي لما سيحدث في ليبيا.
ومع نجاح ما يسمى بالثورة التونسية، كانت الأنظار مباشرة تتجه إلى مصر، حيث تم خلق بيئة من خلال الإعلام الموجه لذلك لدرجة أن الجميع في العالم العربي كانت أنظاره تتجه إلى مصر، وقد كان الرئيس مبارك آخر من يعلم بما يجري حتى أنه كان يرد باستهزاء على ظروف تونس، وأن ما حصل في تونس لا يمكن أن يتكرر في مصر، ويبدو أن الرجل كان يعتقد أنه ما زال رجل أميركا المطلوب في مصر، فبدأت الأحداث الصغيرة في مصر تضخم في الإعلام وفق مخطط إخواني أمريكي مدروس.
فمنذ الأيام الأولى لأحداث مصر، كان الخطاب الأمريكي يضخمها ويوجه الرسائل لنظام مبارك، حيث فهم الشارع المصري أن الدعم الأمريكي لمبارك قد انتهى، فتصاعدت التحركات الشعبية مراهنة على أن الجيش المصري لن يتدخل ولن يقمع، لأن أمريكا لا تريد ذلك، وأن مبارك قد فقد قوته وتأثيره بعد تخلي الأمريكان عنه منذ الأيام الأولى، حيث كان الأمريكان مشغولين في ترتيب الأوراق المصرية مع الإخوان المسلمين، وعندما فوض مبارك صلاحياته للمجلس العسكري، مارس الأمريكان ضغوطا كبيرة في تلك المرحلة على المجلس العسكري لسرعة التخلي عن السلطة وإجراء انتخابات ديمقراطية، لأن الأمريكان كانوا يدركون بالمسبق أن القوة المنظمة الوحيدة القادرة على الفوز هم الإخوان، ولم تكن ترى بالحزب الوطني الذي كان يتزعمه مبارك إلا حزبا للفاسدين لن يكون له مكان في الخارطة السياسية المصرية، أي أنهم على قناعة مطلقة بأن الانتخابات ستأتي بالإخوان، ولذلك مارسوا أقصى الضغوط على المجلس العسكري من أجل الانتخابات تحت عنوان الاحتكام للديمقراطية.
هنا يوضح فرادكوف أنه في تلك الفترة وضمن سلسلة الحلقات بدأت الأحداث في ليبيا الجارة لتونس، والتي بدأت بتحركات شعبية وعنوانها إسلاميا بحتا، وكان التقدير الأمريكي في تلك المرحلة أن ثورة شعبية لن تنجح في ليبيا لما يملكه القذافي من أسلحة وقدرات عسكرية، لن يتردد في استخدامها لمواجهة الثوار، فكانت الخطة أن تقوم قوات الناتو بملاحقة النظام الليبي ورموزه ودعم الثوار، وللأسف كان عمرو موسى، أمين عام الجامعة العربية، في تلك الفترة والذي أدرك المعادلة جيدا وتعامل مع قطر لتحقيق حلمه في الرئاسة المصرية، حيث قرأ موسى بالسياسة أن العصر القادم هو عصر الإخوان، بالرغم من أنهم كانوا يعلنون في تلك المرحلة أن لا مرشح لهم للرئيس، وقد سهل عمرو موسى الطلب القطري في الجامعة العربية للموافقة لدول الناتو بغزو ليبيا.
وكان في تلك الفترة وزير الخارجية نبيل العربي الذي وافق على مشروع قطر وعمرو موسى، ولكن كشف فيما بعد أن المشير الطنطاوي والمجلس العسكري كانوا معارضين لمثل هذا القرار، ولكن العربي وعمرو موسى كانوا مدعومين أمريكيا وبإلحاح قطري متواصل، ولقد كان المجلس العسكري عاجزا عن مواجهة ذلك، وأخبر الطنطاوي عمرو موسى صراحة أن هذا القرار المتخذ في الجامعة العربية من قلب القاهرة يمس الأمن القومي المصري بالذات، قبل أن يمس الليبيين وأن الجامعة العربية شرعت الاعتداءات على الدول العربية.
وهكذا نجح الغرب في ليبيا حيث كان هدفهم الرئيسي هو العمل على تجميع معظم القوى والتنظيمات الإرهابية المنتشرة في جميع أنحاء العالم في ليبيا وتحويلها إلى مخزون إرهاب في المنطقة ينطلق إلى دول مجاورة وفق الحاجة، وكل ذلك كان بالتنسيق المباشر بين الإخوان من خلال تركيا والأمريكان، حيث إنه ومنذ الأيام الاولى لضرب ليبيا أحكم الإخوان سيطرتهم بالكامل على ليبيا وذلك بدعم أمريكي واضح.
كما نمت وتطورت قوة الإخوان في العالم الإسلامي عندما وصل إلى الحكم أردوغان في تركيا، وكان الأمريكان يهدفون بوصول أردوغان للحكم إلى إيجاد قوة إقليمية مشتركة بينهم وبين الإخوان تكون قادرة على الدعم والتبني السياسي لأي تغيير في المنطقة، وفي نفس الوقت كان هناك هدف آخر وهو بروز قطب إسلامي قوي على علاقة بالولايات المتحدة في مواجهة قوى إسلامية أخرى كانت في ماليزيا وأندونيسيا وبالذات في ماليزيا مع مهاتير محمد، الذي امتنع أن يكون حليفا للولايات المتحدة.
هذا وأوضح المسؤول الروسي أن الأمريكان وبإيحاء من أردوغان قرروا فتح الجبهة السورية وأن الأمور قد نضجت في سوريا، وأن هناك فرصة للتغيير وللقضاء على النظام الحالي، فالأتراك أبلغوا الأمريكان بأن الأمور مهيأة بالكامل داخل الأراضي السورية من جميع فئات الشعب السوري من تنظيمات وقوى وأحزاب وقادة كبار في الجيش لانطلاق الثورة، وأن المعركة ستكون سهلة، في حين كانت التقديرات الاستخباراتية الأمركية والإسرائيلية تعطي عكس التصورات التركية.
وقد كان الأمريكان يركزون في تقديراتهم على أن التقدير التركي لقوة الأسد غير دقيق، وأن وصفهم للتركيبة الاجتماعية والطائفية غير صحيحة أيضا، لأن أردوغان كان قد أطلق على الثورة السورية عنوان ثورة السنة، وهذا ما كانت تدحضه التقارير الأمنية الأمريكية التي كانت تقول إن نسبة الولاء للأسد في الطائفة السنية وخاصة في الجيش كبيرة جدا، كما وأغفل الأتراك بشكل غبي الدور الإيراني ودور حزب الله والدور الروسي في هذه المعركة، ونظروا إليها بنسخة طبق الأصل عما جرى في مصر.
وخلال مرحلة الجدل التي كانت دائرة بين الأمريكان وأردوغان بشأن سوريا، أوعز أردوغان للإخوان المسلمين في سوريا ببداية التحرك لفرض سياسة الأمر الواقع على الأمريكان الذين كانوا حتى اللحظة مترددين ومربكين بكيفية التصرف بشأن سوريا، وهنا فرض أردوغان قراره على الأمريكان واضطر الأميركان والغرب لمسايرته، وكان أردوغان والإخوان يراهنون على انقلاب عسكري داخل الجيش يقوده السنة، بعد أن كان عنوان الثورة من أرض سنية خالصة هي محافظة درعا، وهنا أوقع الأتراك والإخوان السعودية ودول الخليج بالفخ السوري وزجوهم فيها، وذلك عندما بادر شيوخ من رموز السنة بالاتصال مع السعوديين طالبين المدد والعون في القضاء على "الطاغية العلوي".
ولأسباب تاريخية تكمن في الكرامات والإهانة الشخصية وبالذات عند السعوديين، وجد السعوديون الفرصة المناسبة للانتقام من بشار الأسد الذي أهانهم كثيرا، ولكن حسابات الأتراك لم تأت كما رسموها في سوريا، فكل رهاناتهم فشلت ولم تحدث الانقلابات والانشقاقات التي كانوا يتحدثون عنها، وشعر الأمريكان أنهم دخلوا في ورطة كلما طال زمن الأزمة السورية، كما ولم يجد أردوغان من بديل إلا بفتح الحدود التركية أمام كل التنظيمات الإرهابية الموجودة في ليبيا وغيرها ليدخلوا إلى سوريا لتأزيم الموقف وارتكاب مزيد من الجرائم لدفع الولايات المتحدة إلى التدخل بثقل عسكري وتحسم المعركة لتصبح سوريا من خلال الإخوان، إحدى الولايات التابعة للإمبراطور العثماني الجديد أردوغان.
هذا وأفشلت عوامل دولية وإقليمية كبيرة المشروع التركي، وثبتت نظام الأسد، وذلك بعد أن كان أردوغان قادرا على زج دول الخليج بهذه المعادلة، حيث لم يدرك الخليجيون أن ما بعد إسقاط سوريا حسب المخطط التركي الإخواني سيستهدفهم فيما بعد، وكان تقدير الإخوان والأتراك أنه لا يمكن لهم عمل أي إنجاز أو تقدم في دول الخليج، إلا بعد ضمان موقف سوريا ومصر وضرورة تغيير الأنظمة الموجودة فيها لتأتي أنظمة من الإخوان أو موالية لها لتسهيل مهمتهم في دول الخليج.
كما وهزأ بوتين كثيرا عندما حضر إليه الأمير بندر في أوج الأزمة السورية ليرشيه أو يهدده من أجل تغيير مواقفه الداعمة لسوريا، حيث قال بوتين فيما بعد: "لو يعلم هذا"، على حد وصف بوتين، "أنه سائر في مخطط تدمير بلاده وطرده وعائلته وأن هؤلاء الغافلين، يهيجهم الأمريكان ويحفرون قبورهم بأيديهم، فالمشروع ليس مشروعهم هم أدوات في مشروع الآخرين".

عن الكاتب

HOSNI AL-KHATIB

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

قلب شجاع - Brave Heart