ﻓﺎﺣﻤﺮ ﻭﺟﻬﻬﺎ ﻭابتسمت
ﺫﻫﺐ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻌﺎﺹ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺒﻲ صلى ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺒﻌﺜﺔ، وﻗﺎﻝ ﻟﻪ: ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﺗﺰﻭﺝ إﺑﻨﺘﻚ زينب.
فقال ﻟﻪ ﺍﻟﻨﺒﻲ: ﻻ ﺃﻓﻌﻞ ﺣﺘﻰ ﺃﺳﺘﺄﺫﻧها.
فدخل ﺍﻟﻨﺒﻲ صلى ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭ ﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺯﻳﻨﺐ وقال ﻟﻬﺎ: ﺍﺑﻦ ﺧﺎﻟﺘﻚ ﺟﺎﺀﻧﻲ ﻭﻗﺪ ﺫﻛﺮ ﺍﺳﻤﻚ، ﻓﻬﻞ ﺗﺮﺿﻴﻨﻪ ﺯﻭﺟﺎ ﻟﻚ ؟
ﻓﺎﺣﻤﺮ ﻭﺟﻬﻬﺎ ﻭابتسمت، فخرج ﺍﻟﻨﺒﻲ عليه الصلاة والسلام.
وﺗﺰﻭﺟﺖ ﺯﻳﻨﺐ ﺃﺑﺎ ﺍﻟﻌﺎﺹ ﺑﻦ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ، ﻟﻜﻲ ﺗﺒﺪﺃ ﻗﺼﺔ الحب بين هذين الزوجين، وﺃﻧﺠﺒﺖ ﻣﻨﻪ (علي) و(ﺃﻣﺎﻣﺔ)، ﺛﻢ ﺑﺪﺃﺕ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻛﺒرى، ﺣﻴﺚ ﺑُﻌث رسول الله وﻛﺎﻥ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻌﺎﺹ ﻣﺴﺎﻓﺮﺍ، وﺣﻴﻦ ﻋﺎﺩ ﻭﺟﺪ ﺯﻭﺟﺘﻪ ﺃﺳﻠﻤﺖ، فدﺧﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺳﻔﺮﻩ.
ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﻪ: ﻋﻨﺪﻱ ﻟﻚ ﺧﺒﺮ ﻋﻈﻴﻢ.
فقام ﻭﺗﺮﻛﻬﺎ، فكان قد علم بذلك، ﻓﺎﻧﺪﻫﺸﺖ ﺯﻳﻨﺐ ﻭﺗﺒﻌﺘﻪ ﻭﻫﻲ ﺗﻘﻮﻝ: ﻟﻘﺪ ﺑُﻌث ﺃﺑﻲ ﻧﺒﻴﺎ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺳﻠﻤت.
ﻓﻘﺎﻝ: ﻫﻼ ﺃﺧﺒﺮﺗﻨﻲ ﺃﻭلا ؟ (وﺗﻄﻞ ﻓﻲ ﺍﻷﻓﻖ هنا ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺧﻄﻴﺮﺓ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ، وهي ﻣﺸﻜﻠﺔ العقيدة)
ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻪ: ﻣﺎ ﻛﻨﺖ لأكذب ﺃﺑﻲ، ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺃﺑﻲ ﻛﺬﺍﺑﺎ، إنه ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ الأﻣﻴﻦ، ﻭﻟﻘﺪ ﺃﺳﻠﻤﺖ ﺃﻣﻲ ﻭﺃﺳﻠﻢ ﺇﺧﻮﺗﻲ، ﻭﺃﺳﻠﻢ ﺍﺑﻦ ﻋﻤﻲ (ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ)، ﻭﺃﺳﻠﻢ ﺍﺑﻦ ﻋﻤﺘﻚ (ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﻋﻔﺎﻥ)، ﻭﺃﺳﻠﻢ صديقك (الصديق ابو بكر).
فقاﻝ: ﺃﻣﺎ ﺃﻧﺎ ﻻ ﺃﺣﺐ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻟﻮﺍ ﺧﺬﻝ ﻗﻮمه ﻭكفر ﺑﺂﺑﺎﺋﻪ ﺇﺭﺿﺎﺀ ﻟﺰﻭﺟﺘﻪ، ﻭﻣﺎ ﺃبوﻙ ﺑﻤتهم.
ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﻟﻬﺎ: ﻓﻬﻼ ﻋﺬﺭﺕِ ؟
فقاﻟﺖ: ﻭﻣﻦ ﻳﻌﺬﺭ ﺇﻥ ﻟﻢ ﺃﻋﺬﺭ ﺃﻧﺎ ؟ ﻭﻟﻜﻦ ﺃﻧﺎ ﺯﻭﺟﺘﻚ ﺃﻋﻴﻨﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻖ ﺣﺘﻰ ﺗﻘﺪﺭ ﻋﻠﻴﻪ.
ﻭﻭﻓﺖ ﺑﻜﻠﻤﺘﻬﺎ ﻟﻪ 10 ﺳنوات.
فقد ظل ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻌﺎﺹ ﻋﻠﻰ ﻛﻔﺮه، ثم ﺟﺎﺀﺕ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ، ﻓﺬﻫﺒﺖ ﺯﻳﻨﺐ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻭﻗﺎﻟﺖ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ، ﺃﺗﺄﺫﻥ ﻟﻲ ﺃﻥ ﺃﺑﻘﻰ ﻣﻊ ﺯﻭﺟﻲ.
فقاﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ: اﺑﻖِ ﻣﻊ ﺯﻭﺟﻚ ﻭﺃﻭلاﺩﻙ، وﻇﻠﺖ ﺑﻤﻜﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺣﺪﺛﺖ ﻏﺰﻭﺓ ﺑﺪﺭ، وﻗﺮﺭ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻌﺎﺹ ﺃﻥ ﻳﺨﺮﺝ ﻟﻠﺤﺮﺏ ﻓﻲ ﺻﻔﻮﻑ ﺟﻴﺶ ﻗﺮيش.
ﺯﻭﺟﻬﺎ ﻳﺤﺎﺭﺏ ﺃﺑﺎﻫﺎ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺯﻳﻨﺐ ﺗﺨﺎﻑ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ، ﻓﺘﺒﻜﻲ ﻭﺗﻘﻮﻝ: ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﻲ ﺃﺧﺸﻰ ﻣﻦ ﻳﻮﻡ ﺗﺸﺮﻕ ﺷﻤﺴﻪ ﻓﻴﻴﺘﻢ ﻭﻟﺪﻱ ﺃﻭ ﺃﻓﻘﺪ ﺃﺑﻲ.
وﻳﺨﺮﺝ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻌﺎﺹ ﺑﻦ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﻭﻳﺸﺎﺭﻙ ﻓﻲ ﻏﺰﻭﺓ ﺑﺪﺭ، وﺗﻨﺘﻬﻲ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﻓيؤسر ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻌﺎﺹ اﺑﻦ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ، ﻭﺗﺬﻫﺐ ﺃﺧﺒﺎﺭﻩ ﻟﻤﻜﺔ، ﻓﺘﺴﺄﻝ ﺯﻳﻨﺐ: ﻭﻣﺎﺫﺍ ﻓﻌﻞ ﺃﺑﻲ ؟
ﻓﻘﻴﻞ ﻟﻬﺎ: ﺍﻧﺘﺼﺮ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ.
فتسجد ﺷﻜﺮﺍ لله.
ﺛﻢ ﺳﺄﻟﺖ: ﻭﻣﺎﺫﺍ ﻓﻌﻞ ﺯﻭﺟﻲ ؟
ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ: ﺃﺳﺮﻩ ﺣﻤﻮﻩ.
ﻓﻘﺎﻟﺖ: إذا ﺃﺭﺳﻞ ﻓﻲ ﻓﺪﺍﺀه.
وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﺪﻳﻬﺎ شيء ثمين ﺗﻔﺘﺪﻱ ﺑﻪ ﺯﻭﺟﻬﺎ، ﻓﺨﻠﻌﺖ ﻋﻘﺪ ﺃﻣﻬﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻧﺖ تزين ﺑﻪ ﺻﺪﺭﻫﺎ، وأﺭﺳﻠﺖ ﺍﻟﻌﻘﺪ ﻣﻊ ﺷﻘﻴﻖ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﻌﺎﺹ ﺑﻦ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﺇﻟﻰ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ صلى ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، وﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺟﺎﻟﺴﺎ ﻳﺘﻠﻘﻰ ﺍﻟﻔﺪﻳﺔ ﻭﻳﻄﻠﻖ ﺍلأﺳﺮﻯ، ﻭﺣﻴﻦ ﺭﺃﻯ ﻋﻘﺪ ﺧﺪﻳﺠﺔ رضي الله عنها ﺳﺄﻝ: ﻫﺬﺍ ﻓﺪﺍﺀ ﻣﻦ ؟
ﻗﺎﻟﻮﺍ: ﻫﺬﺍ ﻓﺪﺍﺀ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻌﺎﺹ ﺑﻦ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ.
فرقّ قلبه صلى الله عليه وسلم وبكى ﻗﺎئلا: ﻫﺬﺍ ﻋﻘﺪ ﺧﺪيجة، ﺛﻢ ﻧﻬﺾ ﻭﻗﺎﻝ: ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻣﺎ ﺫﻣﻤﻨﺎﻩ ﺻﻬﺮﺍ، ﻓﻬﻼ ﻓﻜﻜتوا ﺃﺳﺮﻩ ؟ وﻫﻼ ﻗﺒﻠﺘﻢ ﺃﻥ ﺗﺮﺩﻭﺍ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻋﻘﺪﻫﺎ ؟
ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ: ﻧﻌﻢ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ.
ﻓﺄﻋﻄﺎﻩ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺍﻟﻌﻘﺪ، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﻟﻪ: ﻗﻞ ﻟﺰﻳﻨﺐ ﻻ ﺗﻔﺮﻃﻲ ﻓﻲ ﻋﻘﺪ ﺧﺪﻳﺠﺔ، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﻟﻪ: ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﺍﻟﻌﺎﺹ، ﻫﻞ ﻟﻚ ﺃﻥ ﺃﺳﺎﺭﺭﻙ ؟
ﺛﻢ ﺗﻨﺤﻰ ﺑﻪ ﺟﺎﻧﺒﺎ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ: ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﺍﻟﻌﺎﺹ، ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻣﺮﻧﻲ ﺃﻥ أفرق ﺑﻴﻦ ﻣﺴﻠﻤﺔ ﻭﻛﺎﻓﺮ، ﻓﻬﻼ ﺭﺩﺩﺕ ﺇلي ﺍﺑﻨﺘﻲ ؟
ﻓﻘﺎﻝ: ﻧﻌﻢ.
ﻭﺧﺮﺟﺖ ﺯﻳﻨﺐ ﺗﺴﺘﻘﺒﻞ ﺃﺑﺎ ﺍﻟﻌﺎﺹ ﻋﻠﻰ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﻣﻜﺔ،
ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻬﺎ ﺣﻴﻦ ﺭﺁﻫﺎ: ﺇﻧﻲ ﺭﺍﺣﻞ.
ﻓﻘﺎﻟﺖ: ﺇﻟﻰ ﺃﻳﻦ ؟
ﻗﺎﻝ: ﻟﺴﺖ ﺃﻧﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻴﺮﺗﺤﻞ، ﻭﻟﻜﻦ ﺃﻧﺖ ﺳﺘﺮﺣﻠﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺃﺑﻴﻚ.
ﻓﻘﺎﻟﺖ: ﻟما ؟
ﻗﺎﻝ: ﻟﻠﺘﻔﺮﻳق ﺑﻴﻨﻲ ﻭﺑﻴﻨﻚ، ﻓﺎﺭﺟﻌﻲ ﺇﻟﻰ ﺃﺑﻴﻚ.
ﻓﻘﺎﻟﺖ: ﻓﻬﻞ ﻟﻚ ﺃﻥ تسلم وﺗﺮﺍﻓﻘﻨﻲ يا أبا العاص ؟
ﻓﻘﺎﻝ: ﻻ.
ﻓﺄﺧﺬﺕ ﻭﻟﺪﻫﺎ ﻭاﺑﻨﺘﻬﺎ ﻭﺫﻫﺒﺖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ، ﻭﺑﺪﺃ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﻳﺘﻘﺪﻣﻮﻥ ﻟﺨﻄﺒﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﻯ 6 ﺳﻨﻮﺍﺕ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﻓﺾ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﻞ ﺃﻥ ﻳﻌﻮﺩ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺯﻭﺟﻬﺎ.
هذا وأقام أبو العاص في مكة بعد فراق زوجته زمنا، حتى إذا كان قبيل الفتح بقليل، خرج إلى الشام في تجارة له، فلما قفل راجعا إلى مكة ومعه عيره التي بلغت مئة بعير، ورجاله الذين نيفوا على مئة وسبعين رجلا، برزت له سرية من سرايا الرسول صلوات
الله وسلامه عليه قريبا من المدينة، فأخذت العير وأسرت الرجال، ولكن أبا العاص أفلت منها فلم تظفر به.
فلما أرخى الليل سدوله واستتر أبو العاص بجنح الظلام، دخل المدينة ومضى حتى وصل إلى زينب، واستجار بها فأجارته.
ولما خرج الرسول صلوات الله وسلامه عليه لصلاة الفجر، واستوى قائما في المحراب، وكبر تكبيرة الإحرام وكبر الناس بتكبيره، صرخت زينب من صفة النساء وقالت: أيها الناس، أنا زينب بنت محمد، وقد أجرت أبا العاص فأجيروه.
فلما سلم النبي من الصلاة، التفت إلى الناس وقال: (هل سمعتم ما سمعت؟!).
قالوا: نعم يا رسول الله.
قال: والذي نفسي بيده، ما علمت بشيء من ذلك حتى سمعت ما سمعتموه، وإنه يجير من المسلمين أدناهم.
ﻓﻮﻗﻒ ﺍﻟﻨﺒﻲ صلى ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠم وقاﻝ: ﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻣﺎ ﺫﻣﻤﺘﻪ ﺻﻬﺮﺍ، وﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺣﺪﺛﻨﻲ ﻓﺼﺪﻗﻨﻲ ﻭﻭﻋﺪﻧﻲ ﻓﻮﻓﻰ ﻟﻲ، فإﻥ ﻗﺒﻠﺘﻢ ﺃﻥ ﺗﺮﺩﻭﺍ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﺎﻟﻪ ﻭﺃﻥ ﺗﺘﺮﻛﻮﻩ ﻳﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ قومه، ﻓﻬﺬﺍ ﺃﺣﺐ ﺇﻟﻲ، ﻭﺇﻥ ﺃﺑﻴﺘﻢ ﻓﺎلأﻣﺮ ﺇﻟﻴﻜﻢ ﻭﺍﻟﺤﻖ ﻟﻜﻢ ﻭلا ﺃﻟﻮﻣﻜﻢ ﻋﻠﻴﻪ.
ﻓﻘﺎﻝ الناس: ﺑﻞ ﻧﻌﻄﻪ ﻣﺎﻟﻪ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ.
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ: ﻗﺪ ﺃﺟﺮﻧﺎ ﻣﻦ ﺃﺟﺮﺕ ﻳﺎ ﺯﻳﻨﺐ، قد أجرنا من أجرت يا زينب.
وﻗﺎﻝ ﻟﻬﺎ: ﻳﺎ ﺯﻳﻨﺐ ﺃﻛﺮﻣﻲ ﻣﺜﻮﺍﻩ، ﻓﺈﻧﻪ ﺍﺑﻦ ﺧﺎﻟﺘﻚ ﻭﺇﻧﻪ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻌﻴﺎﻝ، ﻭﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻘﺮﺑﻨﻚ، ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﺤﻞ ﻟﻚ.
ﻓﻘﺎﻟﺖ: ﻧﻌﻢ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ.
ﻓﺪﺧﻠﺖ ﻭﻗﺎﻟﺖ ﻷﺑﻲ ﺍﻟﻌﺎﺹ ﺑﻦ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ: ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﺍﻟﻌﺎﺹ ﺃﻫﺎﻥ ﻋﻠﻴﻚ ﻓﺮﺍﻗﻨﺎ، وهل ﻟﻚ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺗسلم وﺗﺒﻘﻰ ﻣﻌﻨا.
ﻗﺎﻝ: ﻻ، وﺃﺧﺬ ﻣﺎﻟﻪ ﻭﻋﺎﺩ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺔ.
وﻋﻨﺪ ﻭﺻﻮﻟﻪ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺔ ﻭﻗﻒ وﻗﺎﻝ: ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻫﺬﻩ ﺃﻣﻮﺍﻟﻜﻢ، ﻫﻞ بقي ﻟﻜﻢ عندي ﺷﻲﺀ ؟
ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ: ﻭﻓﻴﺖ ﺃﺣﺴﻦ ﺍﻟﻮﻓﺎﺀ.
ﻗﺎﻝ: ﻓﺈﻧﻲ ﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇلا ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺃﻥ ﻣﺤﻤﺪﺍ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ.
ﺛﻢ ﺩﺧﻞ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻓﺠﺮﺍ ﻭﺗﻮﺟﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺒﻲ عليه الصلاة والسلام، وﻗﺎﻝ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﺟﺮﺗﻨﻲ ﺑﺎلأﻣﺲ ﻭأنا ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻻ ﺇﻟﻪ إلا ﺍﻟﻠﻪ
ﻭﺃﻧﻚ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ، كما ﻭﻗﺎﻝ أبو ﺍﻟﻌﺎﺹ ﺑﻦ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻫﻞ ﺗﺄﺫﻥ ﻟﻲ ﺃﻥ ﺃﺭﺍﺟﻊ ﺯﻳﻨﺐ ؟
فأخذﻩ ﺍﻟﻨﺒﻲ صلى الله عليه وسلم بيده، وﻭﻗﻒ ﻋﻠﻰ ﺑﻴﺖ ﺯﻳﻨﺐ ﻭﻃﺮﻕ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻭﻗﺎﻝ: يا ﺯﻳﻨﺐ ﺇﻥ ﺍﺑﻦ ﺧﺎﻟﺘﻚ جأني ﺍﻟﻴﻮﻡ مسلما.
ففرحت زينب رضي الله عنها بإسلامه فرحا شديدا، ثم قال صلى الله عليه وسلم: وﻳﺴﺘﺄﺫﻧﻨﻲ ﺃﻥ ﻳﺮﺍﺟﻌﻚ ﻓﻬﻞ ﺗﻘﺒﻠﻴﻦ ؟
فاﺣﻤﺮ ﻭﺟﻬﻬﺎ ﻭﺍﺑﺘﺴﻤﺖ.
ﻭﺑﻌﺪ ﺳﻨﺔ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﻣﺎﺗﺖ ﺯﻳﻨﺐ، ﻓﺒﻜﺎﻫﺎ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻌﺎﺹ ﺑﻦ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﺑﻜﺎﺀ ﺷﺪﻳﺪﺍ ﺣﺘﻰ ﺭﺃﻯ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﻤﺴﺢ ﻋﻠﻴﻪ ﻭيهوﻥ ﻋليه، فيقوﻝ ﻟﻪ: ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﻋﺪﺕ ﺃﻃﻴﻖ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﻐﻴﺮ ﺯﻳﻨﺐ، وماﺕ ﺑﻌﺪ ﺳﻨﺔ ﻣﻦ ﻣﻮﺕ ﺯﻳﻨﺐ.
والله إن في تاريخنا قصص رائعة، ونحن غافلون عنها تعلما وتعليما، كما أن قلبا لا يخشع لهذه القصة لقلب قاس، وإن عينا لا تدمع احتراما لهذا اﻷب الكريم صلى الله عليه وسلم والزوج الوفي والزوجة الصالحة لعين متحجرة.