تعريفات ومداخل الإتصال السياسي
الإتصال السياسي
إن الإتصال السياسي هو إحدى ثلاث عمليات سياسية متداخلة
(القيادة السياسية،التنظيمات السياسية،الإتصال السياسي) ويقصد بذلك الوسائل التي
تعمل على إحداث التأثيرات السياسية والتفاعل ما بين المؤسسات الحكومية والسلوك
السياسي لدى المواطنين،وهنا ينبغي التفرقة بين الإتصال السياسي بإعتباره أحد أشكال
الإتصال الإجتماعي وبين الإتصال السياسي بإعتباره علما له نظرياته ومجالاته
الدراسية،حيث أن الإتصال السياسي هو العلم الذي يدرس مجموعة الأنشطة والفعاليات
التي يزاولها القائمون بالعملية الإتصالية من أجل تحقيق أهداف سياسية،وهو بذلك
ينصب جوهره على إحداث التأثيرات وتغيير الإتجاهات والآراء لدى الجمهور المستقبل،وذلك لتحقيق أهداف محددة يسعى لها القائم بالعملية الإتصالية.
أما تعريف الإتصال السياسي بإعتباره نشاطا إتصاليا،فتعددت
التعريفات بشأنه ومنها:
- عرّف شودسون الإتصال السياسي بأنه أية عملية نقل
لرسالة يقصد بها التأثير على إستخدام السلطة أو الترويج لها في المجتمع.
- عرّف جون ميدو الإتصال السياسي بأنه الطريقة التي تؤثر
بها الظروف السياسية على تشكيل مضمون الإتصال وكمياته أو أنه الطريقة التي تقوم
فيها ظروف الإتصال بتشكيل السياسة .
- عرّف ماكنير الإتصال السياسي بأنه إتصال هادف حول
السياسة،بحيث يتضمن هذا التعريف ما يلي:
1-كل أشكال الإتصال التي يقوم بها الفاعلون السياسيون
لتحقيق أهداف معينة.
2-الإتصال الموجه إلى السياسيين من غير المشتغلين
بالسياسة،كالناخبين وكتاب الأعمدة الصحفية وغيرهم.
3-الإتصال الذي يتناول الساسة وأنشطتهم،كما تتضمنها
التقارير الإخبارية والإفتتاحيات وغيرها مما تتناوله وسائل الإعلام للسياسة.
ويؤكد ماكنير من خلال ما سبق أن تعريفه للإتصال السياسي
يشمل جميع أنواع الخطاب السياسي،حيث أنه أخذ في الإعتبار من خلال التعريف ليس فقط
الرسائل المكتوبة أو المنطوقة بل أيضا المظاهر المرئية التي تعطي دلالة مثل شكل
الوجه والملبس،لأن هذه الأشياء وغيرها من الرموز الإتصالية قد تشكل وتكون الهوية
السياسية.
ولقد تعددت المداخل النظرية لدراسة الإتصال السياسي
متأثرة بعاملين أساسيين هما:
أ-تعقد الظاهرة السياسة وإرتباطها القوي بالعديد من
الأنشطة والظواهر الأخرى في المجتمع.
ب-إختلاف المنظور البحثي للظاهرة السياسية بين الباحثين،حيث تركت الخلفيات العلمية تأثيراتها على الكيفية التي نظر بها الباحثون إلى
الظاهرة السياسية بوجه عام والإتصال السياسي بوجه خاص.
مداخل الإتصال السياسي
1-مدخل العملية: وهو مدخل يركز على فكرة التغيير الدائم في السلوك
الإتصالي السياسي إستنادا إلى المفاهيم السائدة عن العملية،وينظر أصحاب هذا
المدخل إلى الإتصال السياسي بإعتباره جزءا من عملية دائمة التغيير يصعب تحديد
بدايتها أو نهايتها أو تتبع جزئياتها المختلفة.
كما وتسيطر على
هذا المدخل 5 مفاهيم أساسية تمثل التراث التقليدي لأصحاب هذا الإتجاه وهي:
أ-أن التاريخ يعيد نفسه في تكرارات محددة.
ب-أن التاريخ والتغيير السياسي لا يتمان في دوائر منتظمة
عبر الزمن،وإنما يتمان عبر دوائر متعاقبة،وهذا يعني أن التاريخ لا يعيد نفسه
تماما وأن التغيرات السياسية ليست متطابقة عبر الزمن.
ج-تطور حركة التاريخ،حيث أن العملية السياسية تؤدي إلى
تغيرات نحو الأفضل عبر المراحل التاريخية.
د-عكس عملية تطور حركة التاريخ،بحيث أنه يمكن
ملاحظة العمليات السياسية الرئيسية والتعرف عليها ولكن ليس في إطار نموذج تاريخي
تطوري.
ه-أن العملية السياسية عملية عشوائية لا تنتظم في نموذج
ولا تتبع التطور،وهذا المفهوم هو الأقل إنتشارا في دراسات هذا المدخل.
2-مدخل الإستخدمات والإشباعات: وينتمي هذا المدخل إلى النظرية الوظيفية في علم
الإجتماع التي تطورت في القرن التاسع عشر في فرنسا وذلك في مواجهة نظريات المنفعة
الإقتصادية،ويولي هذا المدخل أهمية خاصة للوظائف التي يؤديها الإتصال السياسي
بالنسبة للجمهور المشارك في عملية الإتصال في ضوء ما لديه من دوافع أو توقعات أو
إشباعات،وعلى الرغم من أن هذا المدخل قد تطور تاريخيا في إطار البحوث السياسية
وبحوث الرأي العام،إلا أنه تحول سريعا من القضايا السياسية إلى القضايا التجارية
والترفيهية.
وتتركز إستخدمات هذا المدخل في دراسة الإتصال السياسي في
مجالين هما:
أ-الكيفية التي يدرك بها أفراد الجمهور الموضوعات
والقضايا التي تعرضها الوسائل على أنها قضايا وموضوعات سياسية.
ب-الإهتمام بتحليل التأثيرات الناتجة عن التعرض لوسائل
الإعلام وعلاقتها بالسلوك السياسي في المجتمع.
3-مدخل نشر المعلومات: وهو مدخل يعنى بالكيفية التي تنساب فيها المعلومات
السياسية عبر قنوات الإتصال في المجتمع،وقد إهتم أصحاب هذا المدخل بالإجابة على
عدت تساؤلات من أبرزها :
أ-هل يؤدي إنتشار الرسائل إلى تأثيرات في السلوك
الإنساني ؟
ب-ما النتائج والآثار الكامنة الناتجة عن أنماط إنتشار
المعلومات السياسية ؟
ج-هل يمكن تطبيق نموذج الإنتشار على كل أشكال المعلومات
السياسية ؟
4-المدخل البنائي: ويعد هذا المدخل من المداخل الحديثة في دراسة الإتصال
السياسي،حيث أنه يفتح مجالا لمزيد من الفهم للأسئلة البحثية المسيطرة على دراسات
الإتصال السياسي ومن أهمها كيفية فهم الأفراد للرسائل السياسية،ومنه يقترح هذا
المدخل العديد من الوسائل النافعة لمعالجة العديد من القضايا المهمة في هذا المجال،وذلك مثل تأثير الإتجاهات السياسية على السلوك والوسائل التي يمكن بها لخصائص
الرسائل السياسية أن تؤثر على فهم الأفراد للأحداث والشخصيات السياسية.