بالنظر للطبيعة المعقدة للظاهرة الإتصالية فقد تعددت
تقسيمات مستويات الإتصال،بحيث إرتبط تقسيم مستويات الإتصال بعدد الأفراد المشاركين
في عمليات الإتصال من جانب وهذا ما ذهب إليه تشارلز رايت،بينما ذهب آخرون إلى
تقسيم مستويات الإتصال بحسب إتجاه الرسائل الإتصالية وموقع أطراف العملية
الإتصالية في البناء الإداري أو السياسي،فيما ذهب آخرون إلى تصنيف قنوات الإتصال
بحسب درجة الرسمية التي تحظى بها.
وهذه التصنيفات
وإن كانت تستهدف الإتصال بصرف النظر على محتواه،فإنه يمكن تطبيق هذه التصنيفات عل
الإتصال السياسي،حيث أن الإتصال السياسي يستخدم كافة أشكال وقنوات ومستويات الإتصال
السائدة داخل المجتمع،ومن ثم يخضع في تصنيفه لمثل ما يخضع له تصنيف الإتصال بوجه
عام،وأخيرا فإنه يجدر الإشارة إلى أن الظاهرة الإتصالية بتعقدها لا تقبل التصنيف
الفاصل من حيث النتائج المترتبة على النشاط الإتصالي،فالعلاقة بين المستويات
المختلفة للإتصال أقوى من أن يتم تقسيمها أو الفصل بينها.
-مستويات الإتصال السياسي
حسب عدد المشاركين
1-الإتصال الذاتي: وهوعملية شخصية بحتة يقصد بها إتصال الفرد مع نفسه،حيث
يرتبط هذا المستوى الإتصالي بالبناء المعرفي والإدراكي والشعوري للفرد ويشمل كافة
العمليات العقلية،وذلك في محاولة لتنظيم إدراكه عن الأشخاص والأشياء والأحداث أو
المعلومات والأفكار والأراء بإعتبارها منبهات أو مثيرات تتطلب منه إستجابة ما في
إتجاه ما،ومن هنا فإن الإتصال الذاتي سمة عامة بين جميع البشر وأساس تفاعلهم مع
الآخرين ومع الظروف المادية والطبيعية والإجتماعية والسياسية من حولهم،وفي سياق
هذا التفاعل يتولد المعنى والتفسير وتتم الإستجابة من خلال العملية الإدراكية.
2-الإتصال الشخصي: وهي العملية الإتصالية التي يتبادل خلالها شخصان أو
أكثر رسائل شفهية وجسدية تساهم في إستحداث وبناء علاقات فيما بينها،ويتيح هذا
النوع من الإتصال إمكانية التفاعل بين المرسل والمستقبل،وبالتالي تكون فرصة تأثير
المرسل أو القائم بالإتصال أكبر من خلال تعرفه المباشر على درجة تأثير الرسالة
وقدرته على تعديلها وتوجيهها لتصبح أكثر فاعلية وإقناعا.
وهناك نوعان من الإتصال الشخصي هما :
أ-الإتصال الشخصي المباشر الرسمي: وهو يتم من خلال الدوائر الرسمية المسؤولة،ويكون عادة
مقصودا وموجها والغرض منه إقناع المتلقي بالفكرة المعروضة.
ب-الإتصال الشخصي الطبيعي: وهو يتم بين الأفراد العاديين في حياتهم اليومية،ويشمل
التعامل بين الأصدقاء والزملاء في العمل،وبالتالي فإن أطروحات الأفراد في هذا
الإتصال هي نتاج طبيعي لرؤيتهم للقضايا والموضوعات في المجتمع،وهو بذلك أكثر
تأثيرا من الأول بحكم تلقائيته.
ويعد الإتصال الشخصي مصدرا مهما من مصادر المعلومات،كما
أن له دور كبير في زيادة حجم تأثير وسائل الإعلام على الناس،وتتميز العلاقات في
الإتصال الشخصي بأنها تقوم على جوانب عديدة سواء كانت سياسية أو إجتماعية أو
إقتصادية أوغيرها،وتختلف العلاقة بحسب طبيعة إنتماء الفرد والأدوار المتوقعة منه
في المجتمع،فإنتماء الشخص إلى نظام سياسي معين أو حزب أو جماعة والدور السلوكي له
في المجتمع يحكمان نوعية علاقة الأفراد الآخرين به.
3-الإتصال الجمعي: و يحتل هذا النوع من الإتصال مكانا وسطا بين الإتصال
الشخصي والإتصال الجماهيري،ويتميز الإتصال الجمعي بالتفاعل بين أعضائه ووحدة
الإهتمام والمصلحة وإرتفاع مستوى الوعي بين أفرده،وذلك مثل لقاءات المرشحين
السياسيين مع الدوائر الإنتخابية،حيث يظهر التأثير بطريقة مباشرة وهو ما يميز
السلوك الجمعي.
ويمتلك هذا النوع من الإتصال بعض خصائص الإتصال المواجهي
وذلك بسبب قلة عدد المتلقين للرسالة،وعادة ما يكون المشاركون فيه من ذوي ثقافة مشتركة
ومرتبطون بإتصال شخصي (وهذا الإتصال قد لا يكون محكم البناء)،كما أن له بعض خصائص
الإتصال الجماهيري من حيث عدم تجانس أفراد الجمهور وإمكانية الإتصال بينهما عن بعد،الإضافة إلى إمكانية إستقبال نفس الرسالة في أماكن متعددة بإستخدام قنوات إتصالية
قد تكون مكلفة ماديا مثل الهاتف أو الأفلام.
4-الإتصال الجماهيري: وهو الذي يتم بواسطة وسائل الإعلام الجماهيرية
(التلفزيون،الراديو،الإنترنت)،ويتميز بقدرته على توصيل الرسائل في آن واحد وبسرعة
فائقة إلى جمهور عريض غير معروف لدى القائم بالإتصال من المتلقين المنتشرين
متبايني الإتجاهات والمستويات،وهذا النوع من الإتصال هو إتصال خطي في إتجاه واحد،حيث ينعدم إحساس القائم بالإتصال برجع الصدى أو التغذية العكسية المباشرة،لذلك
فإن رجع الصدى يعد عملية مؤجلة لا يمكن قياسها بشكل فوري.
-مستويات الإتصال
السياسي من حيث إتجاه الرسالة
1-الإتصال الصاعد: وفيه تتجه الرسائل الإعلامية من المستويات الأدنى إلى
المستويات الأعلى حسب طبيعة التنظيم السياسي في المجتمع،ويوفر هذا المستوى من
الإتصال الكثير من المعلومات الضرورية وغير الضرورية للمستويات العليا في التنظيم
الإداري والسياسي،كما ويستخدم هذا المستوى الإتصالي في التعرف على ردود الأفعال تجاه
القرارات السياسية والتعرف على إتجاهات الرأي العام،فيما تعتبر كفاءة هذا المستوى
من الإتصال دليل عل حيوية وفاعلية النظام السياسي في المجتمع،ففي المجتمعات
الديموقراطية يتطلب الأمر وجود قنوات إتصال صاعد فاعلة حتى يمكن متابعة آراء
الناخبين وإتجاهاتهم،وأخيرا فإن مستويات الإتصال الشخصي والجمعي والجماهري تسهم في
هذا النوع من الإتصال من خلال الشكاوى والتقارير واللقاءات المفتوحة بين القيادات
السياسية والمواطنين والندوات والمظاهرات ومقالات الرأي وغيرها.
2-الإتصال الهابط: وهو إتصال من أعلى إلى أسفل،كالإتصال من رؤساء
الأنظمة السياسية إلى وزرائهم ومرؤوسيهم أو من مستوى سياسي أعلى إلى مستوى سياسي
أدنى،ويعد هذا النوع من الإتصال الأكثر شيوعا حيث يتم من خلاله نقل القرارات
الرسمية والتوجيهات والأخبار والمعلومات من صانعي السياسة الرئيسيين إلى مرؤوسيهم
لتنفذيها وتعميمها عل مختلف الجهات الأخرى الأدنى مستوى،وذلك عبر تسلسل هرمي من القيادة
إلى القاعدة،وبهذا يتم خدمة السلطة السياسية.
3-الإتصال الأفقي: ويكون بين المستويات السياسية التي تقع في نفس المستوى
مثل الإتصال بين وزراء الحكومة أوالإتصال بين أفراد الجمهور،ويهدف هذا الإتصال
إلى التعاون والتنسيق وتبادل الأخبار والمعلومات والأفكار حول مختلف الموضوعات
السياسية وحل المشكلات وتبادل وجهات النظر والخبرات بين المسؤولين من المستوى نفسه
أو الجماعات الحزبية أو الأفراد،وغالبا ما يكون هذا الإتصال شفويا وبطريقة مباشرة
دون أي تعقيدات،وذلك من خلال اللقاءات وتبادل الزيارات والإجتماعات وغيرها.
-مستويات الإتصال السياسي حسب
رسمية القنوات
1-قنوات الإتصال الرسمية: وتتم عادة في إطار تنظيم معين يسير وفق أساليب
وإجراءات وقواعد رسمية محددة وموثقة،ويكون سير المعلومات هنا بما يتماشى والتنظيم
الرسمي للسلطات والإختصاصات والوظائف العامة للنظام السياسي،ويسير الإتصال الرسمي
من أعلى إلى أسفل أو العكس أو بشكل أفقي،فيما يقصد بالرسمي هنا المؤسسات حكومية أو
شبه حكومية أو تحت تأثير ونفوذ الحكومة مثل (التلفزيون،الإذاعة،الصحافة،...) .
2-قنوات الإتصال غير الرسمية: وهي لا تخضع لقواعد وإجراءات وقوانين سياسية مثبتة
ورسمية كما هو الحال في الإتصال الرسمي،ويتم غالبا الإتصال هنا عبر قنوات خارجة
عن القنوات الرسمية ومن خلال مستويات إجتماعية وسياسية مختلفة متخطيا بذلك خطوط
السلطة السياسية،وقد يكون هذا الإتصال غير الرسمي عبر جماعات داخل تنظيم معين مثل
جماعات الضغط والأحزاب أو من خلال جماعات خارج التنظيم من خلال الإتصالات الشخصية واللقاءات
والإجتماعات غير رسمية.