الموارد الإقتصادية للدولة
1-الموارد الزراعية
إن أهم الأسس الجغرافية لقوة أي دولة هي توفر الثروات الطبيعية و التي تتنوع من حيث وجودها فمنها ما هو موجود فوق سطح الأرض ومنها ما هو موجود في باطنها أي تحت سطح الأرض ومنها ماهو موجود تحت البحار والمحيطات والأنهار،فالإنسان يعتمد على ما ينتجه سطح الأرض من مواد، وتعتمد إنتاجية هذه المواد على خصوبة التربة التي تعتمد على مدى توفر المياه فيها ،فبتوفر المياه للزراعة والتربة الخصبة فإن الدولة سوف تحقق الإكتفاء الذاتي من الموارد الضرورية لإطعام سكانهاو بذلك فإنها لاتواجه المشاكل الإقتصادية الناجمة عن نقص الغذاء،وإن أي نقص في المياه والتربة الخصبة سوف يجعل الدولة تطلب المساعدة من الدول الغنية وسكانها سوف يطلبون المعونة من الدول المجاورة مما يجعلها في موقف ضعيف بين باقي الدول المجاورة والقريبة .
لهذا فإن أول مسؤولية للدولة هي توفير الغذاء لشعبها في حالتي السلم والحرب وهذا يجعل العديد من الدول تعمل على تخزين كميات من المواد الغذائية لحالات الحرب الطارئة في صوامع تكفي شعبها لفترة من الزمن، والحقيقة هنا أنه لاتوجد دولة لديها إكتفاء ذاتي في المواد الزراعية لأن الظروف الطبيعية لا تتوفر جميعها في دولة واحدة ولكن كل دولة تتميز بإنتاج نوع واحد أو أكثر من الغذاء بما يفوق حاجتها فتعمل على تصديره لدول أخرى تحتاجه وهكذا مع كل الدول ،ولكن توجد دول تقترب من تحقيق الإكتفاء الذاتي مثل فرنسا وروسيا وأمريكا وذلك لإتساع مساحاتها وتعدد أنواع المناخ والظروف الطبيعية فيها ومع ذلك فإنها تحتاج لإستيراد بعض أنواع غذاء غير متوفرة عندها من دول أخرى و الدول التي تستطيع أن تعيش دون أن تستورد وأن تستغني عن العالم الخارجي هي قليلة جدا .
وإن معظم دول العالم تعتمد على الغذاء المستورد ولكن بدرجات متفاوتة فمثلا بريطانيا تستورد نصف حاجاتها من الغذاء على الرغم من إستغلالها لجميع أراضيها الزراعية إستغلالا تاما وتحذو دول مثل بلجيكا وسويسرا والسويد وغيرها الحذوا نفسه في الإستيراد ولكن بنسب مختلفة وبذلك فإننا نلاحظ أن جميع دول العالم صغيرة أو كبيرة تحتاج لإستيراد الغذاء وهذا لامشكلة فيه مادام في أوقات السلم ولكن المشكلة تظهر في أوقات الحروب كما حصل في الحربين العالميتين عندما منع كل من المعسكرين المتقاتلين وصول إمدادات الغذاء لكل من الطرف الأخر، لهذا تبذل الدول كل الجهد لإقامة مشاريع زراعية عملاقة تعطيها نوع من الإكتفاء الذاتي ولكن هذا لا يتحقق بسهولة بسبب إختلاف الظروف الطبيعية والمناخية وبسبب الإختلاف في مستوى المعيشة بين الدول.
2-الموارد المعدنية
وهي ما تحتويه القشرة الأرضية من معادن على إختلاف أنواعها وأشكالها ويعتمد عليها الإنسان في رفاهيته والدفاع عن نفسه ووطنه وتضم المعادن الحجارة والحصا والرمل والطمي وغيرها من المواد التي يستعملها الإنسان للبناء إبتداءا من الكوخ إلى ناطحات السحاب ومن المعادن أيضا الفوسفات والبوتاس والتي تستخدم لتسميد الأرض، وهناك أيضا الفحم والبترول ومشتقاته وهو الذي قامت عليها المدن الصناعية في القرنين التاسع عشر والعشرين،و كل هذه المعادن المختلفة تعتمد عليها الدول في تحديد قوتها وعظمتها لأن كل الصناعات الحديثة وخاصة صناعة الأسلحة تعتمد على هذه المعادن وهناك معادن أهم من غيرها مثل اليورانيوم والذي يعتبر من المعادن الإستراتيجية المهمة والتي تلعب دورا مهم في قوة الدولة.
وتختلف المعادن عن المواد الغذائية على أنها تتوزع توزيع غير عادل ولا يوجد دولة على سطح الأرض سواء كانت متقدمة إقتصاديا أو متأخرة تنتج جميع إحتياجاتها من المعادن أي لايوجد دولة مكتفية ذاتيا من المعادن فمثلا الحديد متوفر بشكل كبير على سطح الأرض وفي معظم الدول تقريبا ولكن النيكل والمنغنيز والقصدير والنحاس والألمنيوم لا يتواجد إلى في دول قليلة،ولهذا تختلف الثروة المعدنية عن الزراعية في جانبين 1-إن الأراضي الزراعية إن توفرت لها العناية الكافية فإن إنتاجها سوف يستمر إلى أجل غير محدود 2-أما المعادن فإنه مايؤخذ من الأرض يصعب أن يعود إليها حيث أن المناجم مهددة بالنضوب يوما ما وهذا يؤدي إلى عدم الإستقرار والطمائنينة لدى الدول التي تعتمد على معدن واحد في إقتصادها.
وإن الفحم والبترول يتوزع على عدد من دول العالم فيوجد دول تستطيع أن تعتمد على إنتاجها المحلي من الفحم مثل أمريكا وروسيا والصين ودول أخرى لاتستطيع مثل دول الشرق الأوسط وأفريقيا ويسري ذلك على النفط أيضا حيث أنه متوفر بكثرة في منطقة الشرق الأوسط والبحر الكاريبي وهذا ما يجعل أوروبا وأمريكا تعتمد بشكل كبير على إستيراده منهما وبذلك تحافظان على علاقات خاصة ومتميزة مع هذه الدول المنتجة لأن النفط يعتبر من أهم مقومات الدولة وقوتها لأنه مصدر للصناعة والموصلات .
وترتفع أهمية المعادن في أوقات الحروب بسبب الحاجة الماسة لإنتاج كميات كبيرة من العتاد الحربي ويعتبر وقوع المعادن الإستراتيجية في يد الأعداء أمرا خطيرا حيث أنه يعمل على تغيير في ميزان القوى بين الدول وقد وقعت معظم الحروب في القرنين الماضيين من أجل الحصول على المعادن ،وإن الدول الصناعية الكبرى تتسابق من أجل الحصول على المعادن الإستراتيجية الكامنة في أراضي الدول النامية والفقيرة حتى لا يحصل خلل في التوازن بين القوى العالمية وتعتبر أمريكا من أهم الدول التي تستأثر بإنتاج المعادن حيث أنها المنتج الرئيسي لخمس معادن أساسية وتليها روسيا أما ألمانيا وبريطانيا واليابان فإنها لاتنتج كثير من المعادن الرئيسية بل إنها تستهلك الكثير منها لأغراض صناعية .
وتحتاج المعادن إلى أجهزة دقيقة ومعقدة لطحنها ووتنقيتها وتشكيلها وتحتاج إلى وسائل تنقلها إلى مناطق تصنيعها وهذه الوسائل تحتاج لمعادن أيضا ونظرا لهذه الأهمية الكبرى للمعادن فإن أي قرار لأي دولة للقيام بعمليات حربية يحتاج إلى تأييد من مصادر الثروة في البلاد ودون هذا التأييد يستحيل تحقيق النصر لأن الحروب تستوجب توفر هذه المواد بأقصى سرعة ممكنة.
3-رؤوس الأموال
تعتبر رؤوس الأموال من مصادر الثروة الإقتصادية وكثيرا ما أستغلت هذه الأموال للضغط على الدول النامية والفقيرة ،والدول الصغيرة التي تعتمد على رؤوس الأموال الأجنبية في بناء كيانها الإقتصادي غالبا ما تفقد مركزها السياسي وقوتها أمام تلك الدول الكبرى وإذا ماتهددت مصالح الدولة القوية في البلاد النامية فإنها تقوم بغزوها عسكريا وهذا ما حصل مع مصر عام 1956 عندما غزتها كل من إسرائيل وفرنسا وبريطانيا نتيجة لتأميم قناة السويس،فالدول الكبرى تستغل رؤوس الأموال التي تملكها حتى تحقق ما يسمى بالإستعمار الإقتصادي للدول النامية والفقيرة ومثال ذلك إندونسيا التي لم تخضع لهولندا إلى بعد خضوعها لرؤوس أموال شركة الهند الشرقية الهولندية وكذلك الهند لم تخضع للإستعمار البريطاني إلا بعد خضوعها لرؤوس أموال شركة الهند التجارية.
وتعتبر الولايات المتحدة وبريطانيا من أكبر الدول التي تستثمر أموالها في الدول الأجنبية فمعظم الأموال الأمريكية تعمل في أمريكا اللاتنية وإفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا والشرق الأقصى ،وقد قامت الولايات المتحدة بإعادة بناء أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية بواسطة مشروع مارشال ومشروع النقطة الرابعة وذلك بهدف ربط إقتصاد الدول النامية بإقتصاد الدول الرأسمالية بصفة عامة وبالإقتصاد الأمريكي بصفة خاصة وبهذا تصبح هذه الدول حليفة لأمريكا،وهناك دول أخرى لها رؤوس أموال تعمل في الدول الأجنبية مثل بريطانيا وفرنسا وهولندا وبلجيكا وسويسرا واليابان غير أن معظم هذه الرؤوس الأموال المستغلة لا يمكن مقارنتها برؤوس الأموال الأمريكية،ويعتبر لرؤوس الأموال هذه تأثير سياسي كبير على كيان الدول وأمنها وقوتها.
4-وسائل الموصلات.
5-الموارد
الصناعية.
رابط المقال في مجلة تحت المجهر: