قلب شجاع - Brave Heart  قلب شجاع - Brave Heart
random

آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

الجدار العازل في فلسطين المحتلة

 الجدار العازل في فلسطين المحتلة
كافة أسس المطالبة الفلسطينية

إن محكمة العدل الدولية تعطي رأيها الإستشاري إذا صدر الطلب من جهاز له صفة طلب ذلك الرأي،بشرط أن يتعلق الأمر بمسألة قانونية،ولكن تم تقديم العديد من الحجج ضد إختصاص المحكمة بإعطاء الرأي الإستشاري وهي:

1-تجاوز الجمعية العامة سلطتها بطلب الرأي الإستشاري،لأن المسألة تتعلق بحفظ السلم والأمن الدولي،كما أن مجلس الأمن هو صاحب المسؤلية الرئيسية في هذا المجال ولا يمكن للجمعية العمومية أن تصدر توصيات بخصوص مسألة يناقشها مجلس الأمن ويمارس وظائفه فيها،كما أن الجمعية قدمت طلبا للرأي الإستشاري وهذا ليس توصية في ذاتها.

2-إن الإستناد إلى قرار الإتحاد من أجل السلم لعقد الدورة الإستثنائية للجمعية العامة التي تبنت فيها طلب الرأي الإستشاري غير سليم،لأن مجلس الأمن لم يتم طرح قرار أمامه ليطلب رأيا إستشاريا بخصوص المسائل التي طرحت أمام المحكمة،كما أن المجلس بإقراره لخارطة الطريق قبل صدور قرار الجمعية العامة الخاص بطلب الرأي الإستشاري،يعني أن المجلس أستمر في ممارسة مسؤليته في حفظ السلم والأمن الدولي،وبالتالي ليس من حق الجمعية العامة أن تحل محله،كما أنه من المعلوم أن قرار الإتحاد من أجل السلم تحكمه قواعد أربعة هي:

أ-أن يفشل مجلس الأمن في ممارسة وظيفته الرئيسية في حفظ السلم والأمن الدولي.
ب-أن يكون ذلك راجعا إلى إستخدام حق الفيتو بواسطة واحد أو أكثر من الأعضاء الدائمين.
ج-أن يكون هناك تهديد للسلم أو خرق للسلم أو عمل من أعمال العدوان.
د-إذا تحقق ما سبق من الشروط السابقة،فيكون للجمعية العامة النظر فورا في المسألة لكي تصدر توصيات مناسبة للأعضاء فيها للقيام بإجراءات جماعية.

وبذلك وجدت المحكمة أن مجلس الأمن لم يتبنى مشروع قرار بخصوص الجدار بتاريخ 14/10/2003 بسبب الفيتو الأمريكي وبالتالي يمكن للجمعية العامة أن تتبنى مثل هذا القرار بما في ذلك طلب رأي إستشاري بخصوصه أو أن تتبنى أي قرار يقدم إليها،بغض النظر عما إذا كان لم يتم تقديم طلب للرأي الإستشاري إلى مجلس الأمن.

3-إن طلب الرأي الإستشاري الصادر عن الجمعية العامة لم ينصب على مسألة قانونية،لأنه وجب أن يكون محددا بطريقة معقولة وهو ما لا يتوفر في الطلب الحالي،ومنها ردت المحكمة على أن السؤال المطروح ذو طبيعة قانونية ويتعلق بالأثار القانونية التي نجمت عن موقف واقعي وهو بناء الجدار،كما قالت المحكمة أنه حتى إذا إتضح أن السؤال غامض وغير محدد فإن ذلك لا يمنعها من إعطاء الرأي الإستشاري،حيث يمكنها في هذه الحالة أن توسع وتفسر وحتى أن تعيد صياغة السؤال،وقد أكدت المحكمة أيضا أنه حتى إذا كان السؤال ذو طبيعة مجردة فإنها تستطيع أن تعطي رأيا إستشاريا حول أي مسألة قانونية مجردة أو غير ذلك،كما وجدت المحكمة أن طلب الرأي الحالي يتعلق بمسألة واقعية وليست مجردة.

4-إن السؤال المطروح ذو طبيعة سياسية،وقد رفضت المحكمة ذلك أيضا إستنادا إلى قضائها الثابت والسابق في هذا الخصوص.

5-أن السؤال المطروح أمام المحكمة يتعلق بنزاع بين إسرائيل وفلسطين،ولم توافق بخصوصه إسرائيل على ممارسة المحكمة لإختصاصها وبالتالي على  المحكمة رفض  إعطاء الرأي المطلوب،وهذا ما فعلته المحكمة الدائمة للعدل الدولي في قضية كارليا الشرقية،أي أن هذه الحجة ترى أن الملائمة القضائية تحتم على المحكمة ذلك،ولكن المحكمة ردت على ذلك  بأن إشتراط موافقة الدولة هو أمر ضروري وأن هذا لا ينطبق في حالة الرأي الإستشاري،كما قررت المحكمة أن طلب الرأي الإستشاري يتعلق بمسألة لا تخص فقط علاقة ثنائية بين إسرائيل وفلسطين وإنما يجب إعتبارها داخلة في إهتمام الأمم المتحدة.

6-إن إعطاء الرأي الإستشاري يعوق التوصل إلى حل سياسي عن طريق التفاوض للنزاع الإسرائيلي-الفلسطيني،خصوصا المفاوضات التي قررتها خريطة الطريق،وبالتالي على المحكمة أن تمنتنع عن الإجابة عن السؤال المطروح أمامها،وقد رفضت المحكمة هذه الحجة كما سبق أن فعلت ذلك في آراء سابقة،لأن رأي المحكمة يمكن أن يساعد على تحقيق المفاوضات لغاياتها وليس تعويقا لها.

7-أن السؤال المطروح على المحكمة هو جانب واحد من النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني،فلا يمكن بالتالي التصدي له في الإجرءات الحالية،وقد رفضت المحكمة أيضا هذه الحجة.

8-أن المحكمة عليها أن ترفض ممارسة إختصاصها لأنه لا يوجد تحت بصرها الوقائع والأدلة اللازمة للتوصل إلى رأي بخصوص السؤال المطلوب منها،وقد رفضت المحكمة أيضا هذه الحجة وقالت أن أمامها وتحت بصرها معلومات كافية لإعطاء الرأي الإستشاري.

9-أن الرأي الإستشاري لن يكون له أي غرض مفيد لأن الجمعية العامة قامت بما يلي:

أ-أعلنت أن بناء الجدار غير مشروع،وقررت الآثار القانونية بأن طلبت من إسرائيل وقف بناء الجدار وإزالته.
ب-لم توضح ماذا تريد من إستخدام الرأي الإستشاري المطلوب.

ولكن ردت المحكمة على ذلك بأمرين:

أ-إن إعطاءها لرأي إستشاري هو مساعدة المنظمة في ممارسة نشاطها.
ب-أن المحكمة ليس لها أن تقدر ماذا ستقوم به الجمعية العامة من إستخدام للرأي الإستشاري،وإنما لهذه الأخيرة أن تقرر ذلك.

10-تقول إسرائيل أن فلسطين مسؤلة عن أعمال العنف ضد إسرائيل وسكانها والتي يهدف الجدار إلى تلافيها،وبذلك لا يمكن أن تطلب من المحكمة أن تقرر علاجا لخطئها بالتطبيق لقاعدة (لا يجوز للشخص أن يستفيد من خطئه) الأمر الذي يعني في نظر إسرائيل أن على المحكمة رفض إعطاء الرأي الإستشاري،وقد رفضت المحكمة هذه الحجة لأن الرأي الإستشاري طلبته الجمعية العامة وليس موجها إلى أي دولة أو كائن ما.


القواعد والمبادئ الموجودة في القانون الدولي الخاصة بالإجراءات التي إتخذتها إسرائيل

1-عدم شرعية ضم الأراضي بالقوة أو عن طريق التهديد بها

أكدت المحكمة أن المبادئ الخاصة بإستخدام القوة الواردة في الميثاق هي من قواعد القانون الدولي العرفي وأن ذلك يسري أيضا على عدم مشروعية إكتساب الأراضي عن طريق إستخدام القوة أو التهديد بها.

2-حق تقرير المصير

أكدت المحكمة على حق تقرير المصير الوارد في ميثاق الأمم المتحدة والقرار 2625  عام (1970) والعهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية وللحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية.

3-مدى إنطباق قواعد القانون الدولي الإنساني على الأراضي الفلسطنية المحتلة

لقد أكدت المحكمة أن لوائح لاهاي الملحقة بإتفاقية لاهاي الرابعة لعام 1907 تعتبر جزء من القانون العرفي،أما بخصوص إتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 ترى إسرائيل على خلاف الغالبية الساحقة من الدول عدم إنطباقها على الأراضي الفلسطنية المحتلة لسببين هما:

أولا: عدم وجود إعتراف بالسيادة على إقليم قبل ضمه بواسطة الأردن،إذ لم تكن الأراضي الفلسطينية قبل عام 1967 خاضعة للسيادة الأردنية.
ثانيا: أنها لا تشكل إقليما لأحد الأطراف المتعاقدة كما تتطلب ذلك الإتفاقية.

ولم توافق المحكمة على ذلك للأسباب التالية:

1-إن إسرائيل والأردن صدقتا على الإتفاقية دون أي تحفظات ذات صلة بهذه المسألة.
2-إن فلسطين تعهدت من جانب واحد في 7/6/1982 بتطبيق إتفاقية جنيف الرابعة.
3-إن المادة 2 المشتركة لإتفاقات جنيف الرابعة لعام 1949 تنص على إنطباقها على كل حالات الحرب المعلنة أو أي نزاع مسلح آخر ينشأ بين طرفين أو أكثر من الأطراف المتعاقدة،حتى ولو لم يعترف أحدهم بحالة الحرب،وعلى إنطباقها على كل حالات الإحتلال الجزئي أو الكلي لإقليم تابع لأحد الأطراف السامية المتعاقدة،حتى ولو لم يواجه هذا الإحتلال مقاومة مسلحة،وهذا الأمر يدل على إنطباقها على أي إقليم محتل.

4-إنطباق العهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية والحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية 1966 على الأراضي الفلسطنية المحتلة

لقد قالت إسرائيل بعدم إنطباق هذين العهدين في تلك الأراضي،لأن معاهدات حقوق الإنسان مقصود بها حماية المواطنين ضد حكومتهم في وقت السلم وأن القانون الدولي الإنساني يحكم ما يجري في حالات النزاع المسلح أو الأعمال العدائية،ولكن المحكمة رفضت ذلك وقالت بإنطباق العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على الأقاليم المحتلة وخارج إقليم الدولة القائمة بالإحتلال،وذلك إستنادا إلى الأعمال التحضرية للعهد والتي تبين بوضوح أن واضيعيه لم يقصدوا السماح للدول بالتحلل من إلتزماتها حينما تمارس إختصاصا خارج إقليمها الوطني،كما إستندت المحكمة أيضا إلى تأكيد لجنة حقوق الإنسان إنطباق العهد على الأراضي الفلسطنية المحتلة.

5-العلاقة بين القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان

لقد قال البعض أن معاهدات حقوق الإنسان تطبق وقت السلم وأن المسائل الخاصة بالفقد غير المشروع للحياة خلال الأعمال العدائية،يحكمها القانون المطبق أثناء النزاع المسلح (القانون الدولي الإنساني)،ولكن محكمة العدل الدولية رفضت هذا القول.

6-عدم شرعية المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطنية المحتلة

بما أن سلطة الإحتلال تسيطر على المستوطنات فقط من الناحية الفعلية وأن الإحتلال بطبيعته مؤقت لأنه يشكل واقعة غير مشروعة دوليا،يجب وضع نهاية سريعة لها،لذلك لا يجوز إقامة مستوطنات في الأراضي المحتلة أو نقل السكان إليها،وهذا ما أكدته المادة 49/6 من إتفاقية جنيف الرابعة 1949 وكذلك قرارات مجلس الأمن 446 - 452 - 465،ومنه إنتهت المحكمة إلى عدم شرعية المستوطنات التي أقامتها إسرائيل في الأراضي الفلسطنية المحتلة.

7-عدم شرعية بناء الجدار

إن الجدار الذي تقيمه إسرائيل وهو في جزء كبير منه في الأراضي الفلسطنية المحتلة،بلا شك غير مشروع لأنه يترتب عليه خلق أمر واقع وتأييدا للإحتلال وإستمراره،وهذا الأمر يمكن إعتباره من قبيل الضم الواقعي للإقليم المحتل،وهذا من شأنه أن يعوق ممارسة الشعب الفلسطيني لحقه في تقرير المصير،كما أنه يشكل إنتهاكا لهذا الحق،بحيث أنه يترتب عليه تدمير أو الإستيلاء على الممتلكات،وهو مخالفة للمادتين 46 و 52 من لوائح لاهاي لعام 1907 وللمادة 53 من إتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949،كما ويترتب على ذلك تعويق تنقل السكان الفلسطينيين في المنطقة وحصولهم على الخدمات الصحية التعليمية والمياه بالإضافة لتدمير ومصادرة ما يقارب 10000 هكتار من أخصب الأراضي الزراعية الفلسطنية،وقد أكدت المحكمة أنه إذا كان يمكن أخذ الإعتبارات العسكرية في بعض الأحوال كسبب للخروج عن أحكام الحماية المقررة،فإن ما دمرته إسرائيل لم يكن ضروريا لعملياتها العسكرية.

8-بناء الجدار لا يمكن إعتباره مشروعا بالتطبيق لحق الدفاع الشرعي أو لحالة الضرورة

لقد ذهبت إسرائيل إلى أن بناء الجدار يتفق والمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة والتي تنص على الحق الطبيعي لكل دولة في الدفاع الشرعي،وكذلك قراري مجلس الأمن  1268 و 1273 لعام 2001 اللذان نصا على حق الدولة في الدفاع عن نفسها ضد الهجمات الإرهابية،ويتضمن حقها في إستخدام الإجراءات غير القسرية لهذا الغرض،ولكن المحكمة رفضت هذه الحجة أيضا قائلة أن المادة 51 تنص على حق الدفاع الشرعي في حالة الهجوم المسلح من دولة ضد دولة أخرى،بينما الأفعال التي تستند إليها إسرائيل لتبرير بناء الجدار مصدرها نابع من داخل الأراضي التي تحتلها وليس من خارجها،لذلك رأت المحكمة أن المادة 51 من الميثاق لا يمكن الإستناد إليها في هذا الخصوص،كذلك قالت المحكمة أن شروط تطبيق حالة الضرورة كسبب مانع للمسؤلية غير متوفر في هذه الحالة .

وآخيرا فإن جميع الأسباب التي ذكرتها المحكمة إنتهت إلى أن بناء الجدار العازل يخالف القانون الدولي


الحكم الصادر بشأن النزاع

قسمت المحكمة الأحكام الصادرة عنها إلى نوعين:

1-بالنسبة لإسرائيل

-بما أن إسرائيل قامت ببناء الجدار بطريقة غير مشروعة فإنه يترتب عليها:

أ-إحترام حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإحترام الإلتزمات المقررة وفقا للقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان.
ب-وضع نهاية لإنتهاك إلتزماتها الدولية الناجمة عن بناء الجدار،وبالتالي هدم الأجزاء الموجودة منه داخل الأراضي الفلسطينية.
ج-تعويض الأشخاص التي أصابها ضرر جراء بناء الجدار.

2-بالنسبة للدول الأخرى:

تأكيد المحكمة على أن مخالفات إسرائيل تدخل في إهتمامات الدول الأخرى،لأنها من قبيل الإلتزمات التي تسرى تجاه الكافة،ومن بين هذه الإلتزمات ما يلي:

1-عدم الإعتراف بالوضع القانوني الناجم عن بناء الجدار.
2-عدم تقديم أية مساعدة للإبقاء على ذلك.
3-إنهاء أي عوائق تقف في سبيل ممارسة الشعب الفلسطيني لحقه في تقرير المصير.
4-على الدول الأطراف في إتفاقية جنيف الرابعة الإلتزام بكفالة إحترام إسرائيل لنصوصها.

وأخيرا فقد قررت المحكمة أن على الأمم المتحدة خصوصا مجلس الأمن والجمعية العامة إتخاذ أي عمل لإنهاء الوضع غير القانوني الناجم عن بناء الجدار،آخذا بعين الإعتبار هذا الرأي الإستشاري.

عن الكاتب

HOSNI AL-KHATIB

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

قلب شجاع - Brave Heart