اضطرابات اللغة والكلام
هذا وتختلف مظاهر اضطرابات اللغة باختلاف الحالات والفئات العُمرية وبتعدّد الأسباب المؤدّية إليها، والتي ترتبط بأسباب عضوية أو نفسية أو عصبية وأخرى إجتماعية وتربوية وغيرها، وعلى هذا الأساس يمكن تقسيم الاضطرابات اللغوية إلى ما يلي:
1 – اضطرابات النطق، وتشمل الحذف والإبدال والإضافة والتشويه.
2 – اضطرابات الصوت، ومنها إنخفاض أو إرتفاع الصوت والبحّة الصوتية والخنف.
3 – اضطرابات الكلام، ومنها تأخّر الكلام والتأتأة (الفأفأة) والتلعثُم في الكلام، كما وتظهر في صورة التكرار أو الإطالة للحروف أو الكلمات، وكذلك السرعة الزائدة في الكلام.
4 – اضطرابات اللغة نفسها، ومنها تأخّر نمو اللغة وفقدان القدرة على فَهْم اللغة، وهي ما يُطلق عليها الحبْسة الكلامية، ومنها صعوبات فَهْم الكلمات والجُمَل والقراءة والكتابة والتعبير، وقد تكون حتى اضطرابات مرتبطة بالشًلًل الدماغي.
التفاعل الإنساني يقوم على أساس اللغة، أما التواصل فهو جزء من التفاعُل بين العضويات المختلفة، ويتّضح هذا من جهة نظر المُستمِع، حيث إن أيّ طفل يتكلّم بشكلٍ يختلف عما يُقال عنه طبيعي، وذلك من خلال أسلوب إنتاجه للكلام، فإن هذا يمكن أن يُعدّ عيباً كلامياً، كما يُعتبر الكلام غير سويّ عندما ينحرف بشكلٍ ما عن كلام الناس الآخرين، بحيث يستدعي الانتباه له والتدخّل في تصويبه أو حتى عندما يُسبّب عدم الارتياح للمُتكلّم أو المُستمِع، إضافة إلى ذلك فإنه يمكن أيضاً أن يصنّف الكلام مُعيباً (غير سويّ) عندما لا يُلفَظ أو لا يُسمَع بسهولةٍ من قِبَل المُستمِع، بحيث يكون على غير المسار اللفظي الصحيح وغير ملائم للفرد بالنسبة لعُمره الزمني أو العقلي أو لجنسه أو لنموّه الجسمي.
وهكذا يبدو واضحاً مما سبق أن كلام الفرد يكون مُضطرباً عندما يكون مقدار الشذوذ فيه كافياً كي يجعل من الصعب بالنسبة له أن يتواصل بشكلٍ جيّدٍ مع المُستمعين العاديين، وإن كان مقدار الشذوذ ودرجة العيب وأهميتها قد تختلف كثيراً من فرد إلى آخر.
أما أهم أسباب اضطرابات النُطق واللغة فهي:
1- الأسباب العصبية: وترتبط بوجود خَلَل أو تلف في الجهاز العصبي المركزي نتيجة حدوث إصابة قبل أو أثناء أو بعد الولادة، لأنه هو الجهاز المسؤول عن النُطق واللغة، لذلك فإن أيّ خَلَل فيه سيؤدّي إلى اضطرابات في اللغة والكلام، مثل الديسلكسيا وهي صعوبة القراءة والكتابة وفَهْم الكلمات والجُمَل وترتيبها من حيث قواعد اللغة، وكما هي الحال أيضاً في إصابات الشَلَل الدماغي والتي ترجع إلى مشكلات في الدماغ.
2- الأسباب العضوية التكوينية: وترجع إلى وجود عيوب في كل من الحنجرة وأوتارها ومزمار الحلق والفكّين وتشوّهات الحلق والأنف والشفتين واللسان والشفة المشقوقة وعدم تناسق الأسنان وغيرها، كما وقد ترجع هذه الاضطرابات أيضاً إلى عدم نُضج أنسجة الحلق والشفاه أو غيرها أو لقصر القطعة اللحمية المربوطة باللسان أو إلى تعرّض أجهزة اللفظ إلى صَدَمات.
3- أسباب ترجع إلى الجهاز الحسّي: ومن أهمّها: أ- وجود نقص في قدرة الفرد على السمع. ب- صعوبة في تمييز الأصوات. ج- فقدان البصر أو ضعفه.
4- التخلّف العقلي: والمُتمثذل في ضعف الذكاء وتركيز الانتباه.
5- الأسباب النفسية: وترتبط بأساليب التنشئة الأُسرية المُتمثّلة في الدلال والحماية الزائدة والرفض والتمييز بين الإخوة والعقاب الجسدي والنفسي وغيرها.
هذا ويواجه الأفراد ذوو العيوب الكلامية عدداً من المشكلات في الحياة اليومية، لأن فَقْد النطق جزئياً قد يعني فَقْداً في السمع أيضاً وفي التمييز السمعي، وبالتالي فإن صعوبات اللفظ تتداخل مع تمييز الكلمات وتهجئتها، فبعضهم قد لا يستوعب حتى الجُمَل البسيطة كما ويجد صعوبة في لفظ كلمات كثيرة، ما يؤدّي إلى عدم الإستيعاب والتفسير الصحيح للتعليمات، إضافة إلى عدم القدرة على التعبير ووصف الناس والأماكن والأشياء بوضوح، حيث أنهم ضعيفو التحصيل في المدرسة بالمقارنة مع الأفراد العاديين خصوصاً في ما يتعلّق بالقراءة.
لهذا نجد
الأفراد من ذوي العيوب الكلامية قليلي الكلام إجمالاً إلا إذا بادر الآخرون
بالكلام معهم، كما أنهم عندما يتحدّثون فهم يتكلّمون بصوتٍ غير مسموع ويحرّكون
اللسان والرأس والذراعين، ويكون حديثهم ملفت للإنتباه لأنهم لا يتكلمون بسلاسة
وطلاقة، فصوتهم غير مُريح عند التحدّث، إضافة إلى أنهم يسيئون إستعمال اللغة
(يستعملون اللغة غير المؤدّية)، ويتحدّثون بطريقة يصعب على الآخرين فهمها لأن
مفرداتهم محدودة قياساً مع أعمارهم، كما أنهم يخجلون في تواصلهم مع الآخرين ما
يؤدّي إلى انسحابهم من المواقف الإجتماعية، حيث يصبح هؤلاء الأفراد واعين أو
مدركين لعيوبهم في التواصل مع الآخرين، ولذلك لا يستطيعون القيام بدور فاعل في
الألعاب أو في النشاطات الجماعية، وسوء التكيّف هذا يُساهم في ظهور ميول عدوانية
لديهم وقلق ومخاوف عامة، ما يجعلهم وبشكلٍ عام لا يتوافقون مع معيار السلوك العام.
رابط المقال
في موقع الميادين: