قلب شجاع - Brave Heart  قلب شجاع - Brave Heart
random

آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

القرار الإستراتيجي والعوامل المؤثرة فيه

 القرار الإستراتيجي والعوامل المؤثرة فيه
القرار الإستراتيجي

تفهم الإستراتيجية في العادة على أنها رؤية شاملة على المدى البعيد ولكنها تقع تحت رحمة التغيرات المستمرة وغير المتوقعة،كما أن القرارات الإستراتيجية تؤخذ في الكثير من الأحيان في أجواء من الضغط المستمر (يكون بدرجة كبيرة أو قليلة)،ولهذا فليس من المدهش القول بأن القرار الإستراتيجي هو واحد من أصعب القرارات التي يمكن أن تحدث وأيضا من أعقدها على الإطلاق،ومن هنا تأتي الندرة في وجود قادة عظام وكبار،فالقرار الإستراتيجي يقع تحت هيمنة العديد من التغيرات والتحولات كما أنه يتبع مؤشرات متعددة وليس مؤشرا واحدا،بمعنى أنه قرار يأتي بعد عدة تقييمات وتقديرات أهمها: 1-المجازفة والرهانات. 2-الوسائل والإمكانات. 3-الأخطار. 4-الظروف.

1-المجازفة والرهانات

وهي تقع على مستويات مختلفة كما أنها ضرورية من أجل التمييز بين الغايات الأساسية والأهداف الإستراتيجية،وهذا التمييز في العادة تصعب رؤيته أو تحقيقه كما أنه يقع ضحية للخلط في المفاهيم،ويرى كلاوزفيتز أنه كلما كان الرهان حيويا كلما كانت المخاطر مبررة وتستحق الكثير من التضحيات،أما إذا كان الرهان محدودا فيجب أن نعطيه بعض الوسائل التي تتناسب معه مع أدنى مستوى من المخاطرة،وعلى المستوى العملياتي لابد من تقدير وتقييم التماسك لهذا الهدف أو ذاك،حيث إن التاريخ الإنساني والعسكري بشكل خاص يعطينا أمثلة كثيرة على القرارات التي أتخذت أو أستندت على أسس وتقييمات سيئة وخاطئة للرهان إن كان على المستوى السياسي / الإستراتيجي أو على مستوى العمليات العسكرية والحروب.

2-الوسائل والإمكانات

يرى الإستراتيجيون من الناحية المبدئية،أن الوسائل والإمكانات رغم تحولها وتغيرها إلا أنها سهلة الفهم،ومع ذلك فإنه لابد من إختيار الوسائل التي يمكن توظيفها ثم الإختيار فيما بينها،وبعد ذلك يجب الأخذ بالحسبان عدم الدقة والتأكد الكامل من الرأي الذي تم إتخاذه،كما أن إختيار الوسائل يعتمد في نفس الوقت على إمكانيات الفاعلين،بمعنى وجوب التصرف وفق الإمكانيات الموجودة والمتوفرة وأيضا على طبيعة المشكلة المطروحة،بمعنى الغاية التي يراد الوصول إليها.

3-الأخطار

يقول نابليون في هذا الصدد (أن الحرب لا يمكن أن تكون من غير أخطار،فنحن نرى شرورها أكثر مما نرى الحرب نفسها،لذلك لابد من إظهار الثقة دائما)،وجميع فنون الحرب تأخذ في حسبانها دائما الأخطار وتقوم بالتخطيط لها بشكل مسبق،ومن هنا لابد للوسائل أن تتوافق مع الأخطار المتوقعة أو على الأقل ألا تكون أقل منها بكثير،كما أن الإحتياط من الخطر يأتي على جميع المستويات ثم يوسع هامش الحسابات للصدفة،ولكن بالمقابل يجب أن يكون هناك إستعداد دائم لمعالجة النتائج التي يمكن أن يتسبب بها قرار خاطئ على مستوى عال،حيث أن هذا القرار يمكن أن يسبب تراكمات خطيرة إلاّ أنه يمكن تحييدها بشكل تدريجي إذا تم التخطيط  للأخطار المتوقعة.

أما اليوم فحساب الأخطار يختلف عن الماضي،ويعود هذا لأن الحرب أو حتى الميادين الأخرى أصبحت تستخدم وسائل متطورة جدا في تطبيق الإستراتيجيات،وهذه الوسائل تحاول الوصول إلى ضمانات شبه مطلقة في عدم وقوع خسائر لا في الحرب ولا في غيرها،وقد سمي هذا التيار الجديد في التخطيط لعدم وقوع الأخطار (صفر من الموت) بمعنى ألا يموت أحد،ولكن على أرض الواقع ليس دائما التطور التقني والتكنولوجي هو من يحدد طبيعة تطور الأخطار،فالعدو أو الخصم في هذه الحالة هو من يلعب الدور الحاسم.

4-الظروف

هناك من يردد دائما بأن التاريخ لا يعيد نفسه نهائيا،ومع ذلك نرى أننا بحاجة لقراءته بشكل مستمر،ففي الواقع توجد ظروف تلعب دورها بشكل مستمر ومنها الجغرافية والتقنية والعامل الإنساني،ولكن لا يوجد حتمية في هذا الشأن فكل حالة لها ظروفها الخاصة التي يجب أن تأخذ بالإعتبار في أي قرار إستراتيجي،وهذه الظروف الخاصة تعود إلى عوامل جغرافية وعسكرية ودبلوماسية وظروف سياسية،إلا أنه يبقى أن نقول بأن قدرة الخصم وإستعداده يلعبان الدور الحاسم في هذا.

وأخيرا فإن نابليون بونابرت يرى أن القرار والتخطيط الإستراتيجي عليهما التوافق مع الظروف التي يمكن أن تتغير بشكل مستمر،أي (أن تنفيذ العمليات هو تدريجي ويخضع لتأثيرات وأحداث يمكن أن تقع وتتغير كل يوم).


عن الكاتب

HOSNI AL-KHATIB

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

قلب شجاع - Brave Heart