قلب شجاع - Brave Heart  قلب شجاع - Brave Heart
random

آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

تاريخ وآثار السابقين ليست شركا

تاريخ وآثار السابقين ليست شركا

يقول الله تعالى في كتابه العزيز: (أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ) (الغاشية 17-22) بمعنى أنه عندما ننظر إلى الإبل يجب أن نقول سبحان الله، كذلك عندما ننظر للسماء والجبال والشمس والقمر وغيرها من بديع خلق وصنعة الله تعالى عزّ وجل، ونحن بذلك القول والفعل لا نقدّس السماء والجبال والشمس والقمر وغيرها، بل نحن نقدّس ونسجد ونعبد الله سبحانه وتعالى، لأننا ننظر في هذه المخلوقات كلها لآثار عظمة الله تعالى أحسن الخالقين.


هكذا وبنفس المنطق ننظر إلى قبر وآثار رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) كدليل على وجود ذلك الرجل العظيم (محمّد) الذي هدانا إلى الله تعالى، ومن ناحية أخرى ننظر إلى قبور الصحابة أو الأولياء الصالحين أو العلماء على أنها أماكن أو حتى مساجد تضم رفات عباد صالحين، أو حتى نحسبهم صالحين دعوا إلى الله تعالى وأخلصوا، كما أنهم سعوا قدر استطاعتهم لتفهيم المسلمين ولو جزءاً من رسالة الله تعالى ورسوله الأمين، وليس على أننا نعبد ونقدّس هؤلاء الأشخاص وأماكن تواجدهم (قبورهم).


فرسول الله محمّد (صلّى الله عليه وسلّم) هو ذلك الشخص الذى هدانا إلى الله تعالى، وغار حراء هو المكان الذي اختلى فيه رسول الله وتعبّد، كما إن الموضع الذي ولد فيه رسول الله هو منطلق الهداية إلى الله تعالى، وأن منزله المطمور هو المنزل الذي نزل به الوحي من الله تعالى على يد جبريل إلى‌ رسول الله ليهدينا إلى الطريق القويم، فكل هذه الآثار وغيرها ننظر إليها على أنها طريق إلى الله وليست مقدّسة بذاتها،‌ فلا مكان للشرك هنا، فنحن لا نصلّي إلا لله عزّ وجل، كما أنه ليس هناك مسلم حق يصلّي لغير الله تعالى، فالمسلمون جميعاً متفقون في الصلاة والصيام والزكاة والحجّ والعمرة وفي كل دقائق الدين، وهذا كله متّفقون فيه من أجل نيل رضا الله سبحانه وتعالى وحده ولا نسعى لإرضاء أي أحد غيره.


أما الشرك والكفر الذي يتّهم به ما يسمّى (السلفيين الوهّابيين) المسلمين الآخرين في ما يتعلّق برؤيتهم لتاريخ وآثار السابقين من المسلمين وغيرهم فهو كما يُقال كلمة حق يُراد بها باطل، فالمسلمون ليسوا مشركين، فنحن لا نستمد العون إلا من الله ولا نؤمن إلا بالله ولا نصلّي إلا لله ولا نؤمن إلا بكتاب الله ولا نقدّس ولا نتبع إلا سنة رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)، كما أننا لا نقدّس أحداً بذاته أو لعينه، إنما لأنه ولأنهم كلهم دُعاة وهُداة إلى الله سبحانه وتعالى، فليس للشرك في قاموسنا مكان، وليس لعبادة غير الله في تاريخنا أساس، وليس لنا من معين وهادٍ ومعبود إلا الله سبحانه وتعالى.


كما أن التبرّك والتشرّف بالمكان الذي ولد فيه رسول الله محمّد (صلّى الله عليه وسلّم)، يكون لأن سيّدنا محمّد هو عبد الله ورسوله وليس لأنه إله، هذا وكل أنبياء الله موصوفون بالقرآن الكريم بأنهم كانوا عباداً من عباد الله قبل أن يكونوا رسلاً وأنبياء مبلّغين عنه تعالى، فالقرآن يقول فأذكر عبدنا أيوب وأذكر عبدنا داوود... فكلهم عباد الله، ونحن نقدّس أولئك العباد لأنهم عبدوا الله حق عبادته.


أما هؤلاء (السلفيين الوهّابيين) ومن يدور في فلكهم، فإنه عند مراقبتهم وتتبّع خطاهم نلاحظ دائماً عليهم أنهم يحترمون علماءهم أشدّ الإحترام، كما ويتناقلون أقوالهم والفتوى منهم ويبجّلونها أشد التبجيل، ولو أراد أي منا التعرّض لهذا العالم أو ذاك، لمنعونا من ذلك أو حتى كفّرونا، لأنهم يرون فيه قداسة المكانة والتبليغ من وجهة نظرهم، ونحن بدورنا أيضاً نرى في أولئك العظماء الصالحين السابقين نقاوة وطهارة تبليغ رسالة الله تعالى، فكيف لهم أن يحترموا علماءهم ورموزهم وحتى أنهم يصلوا في كثير من الأحيان إلى تقديسهم، ولا يسمح لبقية المسلمين أن يحترموا علمائهم وأئمتهم وهداتهم ؟


فإذا رأينا شخصاً محترماً نحترمه، وإذا رأينا مصلياً عابداً نحترمه، وذلك لأنه عبد مطيع لله، كما لا نحترم الشخص الذي يبتعد عن خط الله ولا نحترم من يشتم الله ولا نحترم المنحرفين، لكن نحترم المستقيمين والعادلين والصائمين ومن هم على خط الله تعالى، فإذا جاءنا مثلاُ شخص وقال أنه صائم لأن اليوم يستحب الصوم فيه، نحترمه لأنه صام تعبداً إلى الله عزّ وجل، ‌إذا القداسة وحدها لله سبحانه وتعالى، أما الإحترام والتقدير والإكبار فيكون لكل من أخذ بأيدينا وبذل حياته من أجل هدايتنا، لنصل إلى طريق الله القويم، ونعود إلى فطرة الله التي فطر الناس عليها، وذلك هو الدين القيّم.


رابط المقال في موقع الميادين:

https://www.almayadeen.net/articles/blog/756548/%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE-%D9%88%D8%A2%D8%AB%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%A8%D9%82%D9%8A%D9%86-%D9%84%D9%8A%D8%B3%D8%AA-%D8%B4%D8%B1%D9%83%D8%A7

عن الكاتب

HOSNI AL-KHATIB

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

قلب شجاع - Brave Heart