حقوق وحريات الإنسان
التعريفات العالمية لمفهوم حقوق الإنسان
1-تعريف ريني كاسان الحامل لجائزة نوبل عام 1968: إن علم حقوق الإنسان هو فرع خاص من العلوم الإجتماعية،الذي
يهدف لدراسة العلاقات بين البشر في إطار الكرامة الإنسانية،وذلك بتحديد الرخص
الضرورية لإزدهار شخصية كل كائن إنساني،وقد إنتقد الأستاذ كوليار هذا التعريف حيث إعتبره أنه لا يحل جميع
المعضلات ومنها ما يتعلق بالفرد وعلاقته بالأخرين في إطار الكرامة الإنسانية
وغيرها من المفاهيم.
2-التعريف الثاني لعلم حقوق الإنسان:
ويقول أنه علم يخص الفرد وخاصة الإنسان العامل الذي يعيش داخل إطار الدولة،والمتهم
بالمخالفة أو الضحية لوضعية مثل الحرب،بحيث له الحق في الإستفادة من الحماية القانونية،وقد أنتقد هذا التعريف لأنه ركز على حقوق العامل على حساب غير العامل.
3-التعريف الثالث وهو تعريف الدكتور محمد الفار: والذي قال أن علم حقوق الإنسان علم يتعلق بالشخص،أي الإنسان
الطبيعي الذي يعيش في ظل الدولة والذي يجب أن يستفيد بالحماية القانونية سواء عند
إتهامه بإرتكاب جريمة أو عندما يكون ضحية لإنتهاك،وذلك عن طريق تدخل القاضي الوطني
والمنظمات الدولية،كما ينبغي أن تكون حقوقه (خاصة الحق في المساواة) متناسقة مع
مقتضيات النظام العام.
4-التعريف الرابع وهو تعريف لاند:
ويقول أن حقوق الإنسان هي المجموع المتناسق من المبادئ القانونية الأساسية المطبقة
في جميع أنحاء العالم أوالمفترض تطبيقها على الأفراد والشعوب،كما أنها مجموع الحقوق
الأساسية التي وردت في الشرعة الدولية لحقوق الإنسان كالإعلان العالمي والعهدين
الدوليين.
5-التعريف الخامس: ويقول أن علم حقوق
الإنسان هو جملة القواعد والمبادئ القانونية التي قبلت بموجبها الدول الإلتزام
القانوني والأخلاقي بالعمل على تعزيز وحماية الإنسان والشعوب وحرياتهما الأسياسية.
6-التعريف السادس وهو تعريف الأستاذ إيف ماديو: ويقول أن حقوق الإنسان هي مجموع القواعد والمبادئ القانونية
التي تكفل لجميع أفراد الشعوب التمتع بحقوقهم الإقتصادية والإجتماعية والثقافية
وبالحقوق المدنية والسياسية،وهي تهدف بصورة مباشرة إلى تحقيق رفاهيتهم،كما ويعمل هذا
التعريف على التأكيد على كرامة الإنسان الفرد وحمايتها مع الإبقاء على النظام
العام،ويقول دانيال كولار أن هذا التعريف يتميز بما يلي:
أ-يتضمن البعد الإزدواجي لحقوق الإنسان (البعد الوطني والبعد الدولي لحقوق الإنسان).
ب-جذب الإنتباه للقيود التي تواجه حقوق الإنسان في مواجهة مطالب النظام العام.
ج-أخذ بعين الإعتبار الوضع الحضاري،أي الحقوق الأساسية في سياق تاريخي إجتماعي.
أ-يتضمن البعد الإزدواجي لحقوق الإنسان (البعد الوطني والبعد الدولي لحقوق الإنسان).
ب-جذب الإنتباه للقيود التي تواجه حقوق الإنسان في مواجهة مطالب النظام العام.
ج-أخذ بعين الإعتبار الوضع الحضاري،أي الحقوق الأساسية في سياق تاريخي إجتماعي.
وأخيرا فإننا من مجموع التعاريف السابقة يمكن أن نستخرج العناصر المكونة
لمفهوم القانون الدولي لحقوق الإنسان وهي:
1-الإتفاق حول كفالة رفاهية الشعوب.
2-إرساء علاقات سلمية بين الدول،وهو ما يميز القانون الدولي لحقوق
الإنسان عن القانون الدولي الإنساني الذي يهتم بالجوانب الإنسانية في الحرب.
3-حماية الكائن البشري.
4-دمج الأفراد والشعوب في الجماعة البشرية وإعطائها مكانة في القانون
الدولي من شأنها أن تحمي وتضمن حقوقها دوليا،مما يجعل الأفراد والشعوب أشخاصا
للقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وبهذا فإننا نستنتج أن علم حقوق الإنسان هو علم فني وحديث،كما أنه علم
متعدد الإتجاهات (مركب) أي لا يمكن تطويره إلا بالإستعانة بمجموعة الفروع
الإجتماعية.
الإشكالية بين مفهوم الحقوق والحريات
إن مادة الحريات العامة هي من المواد
التي لها جذور في الجامعات الحديثة،أما مادة حقوق الإنسان فإنها من المواد الأكثر
حداثة وتعقيد،فهي تعود إلى المنتصف الثاني من القرن العشرين وهي معقدة لأنها
ترتبط بالعديد من المواد القانونية والسياسية والإقتصادية ومما يزيد في تعقيدها هو
تداخلها مع مادة الحريات العامة،حيث أن هناك تداخل بين مادتين الحريات العامة
وحقوق الإنسان،فهناك من يستعمل لفظ الحريات العامة وهناك من يستعمل مصطللحات أخرى
مثل الحقوق الأساسية للفرد والحريات الفردية للإنسان وحقوق الإنسان،إلاّ أن
الدكتور محمد قطب طبلية يعتبر أن المصطلحات الثلاث السابقة تؤدي نفس المعنى،ولكن
من أجل إيجاد تعريف محدد للمفهومين يجب أن نعتمد على وسيلتين هما :
-الوسيلة الأولى : البحث عن
معيار نميز بموجبه بين الحريات العامة وغيرها من الحريات.
-الحرية : هي سلطة أو إمكانية السيطرة على
الذات،وبموجبها يختار الإنسان تصرفاته الشخصية ويمارس نشاطاته دون عوائق أو إكراه.
-الحريات العامة : هي تلك الحريات التي
تظهر في الوجود القانوني بتفرعاته ووجوهه العلمية،وذلك في صورة :
أ- مجموعة من الحقوق والإمكانيات المعطاة للفرد.
ب- أن هذه الحريات العامة تفترض تدخل السلطات العامة،ومنها تكون الحريات العامة هي القدرة المكرسة بموجب القوانين الوضعية للسيطرة على الذات والتحكم بها.
أ- مجموعة من الحقوق والإمكانيات المعطاة للفرد.
ب- أن هذه الحريات العامة تفترض تدخل السلطات العامة،ومنها تكون الحريات العامة هي القدرة المكرسة بموجب القوانين الوضعية للسيطرة على الذات والتحكم بها.
-حقوق الإنسان: هي مجموعة الحقوق التي
يمتلكها الإنسان واللاصيقة بطبيعته،والتي تظل موجودة وإن لم يتم الإعتراف بها أو
حتى لو تم إنتهاكها من قبل السلطة،وبذلك فإن مفهوم حقوق الإنسان يقع خارج وفوق
أطر القانون الوضعي،بعكس الحريات العامة التي يتم تنظيمها ضمن إطار القانون
الوضعي.
الإختلاف بين الحريات العامة وحقوق الإنسان
-مفهوم الحريات العامة يتضمن مجموعة من
الحريات التي إعترف بها القانون وتضمنها.
-مفهوم حقوق الإنسان يتضمن كل ما تحتاجه
الطبيعة الإنسانية،كالحد الأدنى من الأمن المادي والحماية الصحية والتعليم،وهو بذلك
مفهوم قابل للتطور والتوسع.
ويقول الدكتور نجم أن مفهوم حقوق الإنسان
يستخدمه فقهاء القانون الدولي العام،أما مفهوم الحقوق والحريات العامة فيستعمله
فقهاء القانون الدستوري وعلماء السياسة،كما ميز الدكتور نجم بين عدة معاني للحرية
وهي:
-الحرية بالمعنى المطلق تعني أن يفعل
المرء ما يشاء وفيما يشاء وكيفما يشاء،وهذا المعنى يصدق إذا كان الفرد يعيش في
معزل عن الأخرين.
-الحرية بالمعنى النسبي تعني حق الفرد في
أن يفعل كل ما لا يضر بالأخرين.
كما عرّف جون ريفر الحرية بأنها كلمة هائلة،وعرفها ليتري بأنها شرط عدم إنتماء الإنسان إلى أي سيد،وعرفها بعض الكلاسيكيين بأنها القدرة على أن تريد أو لا تريد أو بأنها (قدرة الإنسان على أن يختار بنفسه طريقه الخاص)،وعرفها موريس هوريو بأنها مجموعة من الحقوق المعترف بها والتي تعتبر أساسية عند مستوى حضاري معين،مما يجعل من الواجب حمايتها حماية قانونية خاصة،بحيث تكفلها الدولة وتضمن عدم التعرض لها وتبين وسائل حمايتها،أما برود فقد عرف الحرية بأنها مجرد إلتزمات سلبية على الدولة،وعرفها الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان بأنها حق الفرد في أن يفعل كل ما لا يضر بالأخرين.
وأخيرا فإن أدق تعريف للحرية هو أنها
الرابطة بين الرغبة في الشيء وبين مكانة المرء وقدرته على القيام به أو أنها
مجموعة من الحقوق إعترفت بها الدولة ونظمتها وضمنت حمايتها.
أنواع الحريات
أ-الحريات الخاصة: هي تلك الحريات التي
تتعلق بالعلاقات بين الدولة من جانب وبين الأفراد من جانب آخر ومنها حرية الرأي
والتعليم والإنتقال.
إلا أن الدكتور نجم يرى أن كل الحريات عامة،وذلك لأن الدولة (السلطة العامة) تظهر كطرف مباشر أو غير مباشر في أي علاقة بها،كما أنه يقول أن مصطلح (عام) يعني تدخل السلطة،كما أن الإلتزام المفروض على الأفراد لإحترام حريات بعضهم البعض يفترض بالضرورة تدخل السلطة في جميع الأحوال،لكي تفرض ذلك الإحترام بواسطة تشريعاتها وفرض عقوباتها على المخالفين لها أو المستخفين بالحريات.
أما علاقة الحريات العامة بالسلطة،فإن إمكانية الإختيار مرتبطة بالإنسان الفرد ويمكن أن يستفاد منها بمعزل عن السلطة وذلك بعد أن تكون قد نظمتها قانونا،بينما علاقة حقوق الإنسان بالسلطة فإنه لا يمكن تأمين حقوق الإنسان والإستفادة منها إلا عن طريق السلطة وما تنشئه من مرافق عامة لهذا الغرض كالضمان الإجتماعي والمؤسسات الصحية والتعلمية.
-الوسيلة الثانية : وضع لائحة تعدد الحريات والحقوق التي تشكل بمجموعها الحريات العامة
ومن خلال هذه الوسيلة فإنه يمكن تقسيم
الحريات العامة إلى:
1-الحريات البدنية أو السلامة البدنية.
2-الحريات السياسية (حرية المعارضة
السياسية / حرية التجمع).
3-الحريات الإقتصادية (حرية التجارة
والتملك).
4-الحريات والحقوق الإجتماعية (الحق
النقابي / الحق في الأمن الإجتماعي / الحق في العمل / ...).
الحرية هنا تعني رخص أو إباحات،وهي جزء
من القانون الوضعي ومرتبة ومنظمة بالقانون الوضعي،أما الحق فإنه يقوم على فكرة
القانون الطبيعي،وعلى القانون الوضعي الإعتراف بهذه الحقوق وحمايتها،غير أن
الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان يعتبر أن حقوق الإنسان هي الحريات العامة،بينما
يعتبر الدكتور نجم أن حقوق الإنسان مصدرا طبيعيا للحريات العامة،كما أن الحريات
العامة وعاءا قانونيا لحقوق الإنسان.
وإن النقاش حول حقوق الإنسان هو صراع
بين مبادىء الحرية للقرن 18 وبين معتقدات المساواة للقرن 19،وذلك عنى الإنتقال من
إعتبار حقوق الإنسان المتعلقة بحق الفرد في العدالة أمام القانون إلى الإعتراف
بحقوق الأفراد في الضمان الإجتماعي وتساوي ظروف العمل ومستوى المعيشة،سواء دخلت حقوق
الإنسان ضمن المسائل السياسية أو الإقتصادية.
الحرية لم ترد في القرأن الكريم بل وردت
لها ألفاظ أخرى جاءت بمعاني منها. 1- (ضد العبودية).2-تحرير ومحررة
وفي الفرنسية جاءت الحرية بمعنى حرية الإرادة وقدرتها على الفعل والترك،أما في الإنجليزية فقد جاءت الحرية بمعنى حرية إستقلال وملائمة وحق الإنسان أن يقرر ما يفعل.
وفي الفرنسية جاءت الحرية بمعنى حرية الإرادة وقدرتها على الفعل والترك،أما في الإنجليزية فقد جاءت الحرية بمعنى حرية إستقلال وملائمة وحق الإنسان أن يقرر ما يفعل.
-الحق في اللغة يعني العدل والواجب والشيء الذي ينبغي أن يطلب،كما يعني الصواب والمستقيم .
-الحق في الإصطلاح يعني مصلحة مستحقة شرعا،والحق أنواع منها الحق المالي والحق الأدبي والحق الخلقي والحق الإجتماعي،وهذا
تعريف الأستاذ الشيخ علي الخفيف.
أما الأستاذ الزرقاء فقد قال أن الحقوق لها معنيان هما :
أ-هي تكون بمعنى مجموعة القواعد والنصوص التشريعية،وهي بهذا قريبة من مصطلح القانون.
ب-هي بمعنى (جمع حق) بمعنى السلطة
والمكنة المشروعة أو المطلب الذي يكون لأحد على الغير.
وفيما يخص العلاقة بين القانون والحق
فإنه لا وجود لأحدهما دون الآخر،ولكن أنصار المبدأ الفردي يرون أن الفرد هو
الغاية والهدف من كل تنظيم قانوني وأنه يتمتع بحقوق طبيعية قبل الجماعة المنظمة
وقبل القانون وقبل السلطة،وأن وظيفة القانون هي المحافظة على هذه الحقوق وتمكين
الفرد من التمتع بها،أما أنصار المذهب الإشتراكي فيرون أن الجماعة هي هدف كل
تنظيم قانوني وغايته وليس للفرد التمسك بحقوق طبيعية قبل الجماعة،بل إن الجماعة
هي التي تصدر القانون الذي ينشأ الحقوق ويمنع الأفراد منها كما يشاء.
أما الفرق بين الحرية والحق فإن البعض
يرى أن الحريات العامة هي رخص أو إباحات وأنها مكانات يعترف بها القانون للناس
كافة دون أن تكون محلا للإختصاص الحاجز ولكنها تولد حقا قانونيا إذا إعتدي عليها،فالحرية في رأي هذا الفريق هي مجرد مكنة للحصول على الحق بمعناه الإصطلاحي (أي
المصلحة المستحقة شرعا) وتطبيقا لذلك فإن حرية التملك هي مجرد رخصة،أما الملكية
ذاتها فهي حق،ووجه الخطأ في هذا الرأي أنه يقرن وجود الحق القانوني بشرط وقوع
إعتداء سابقا عليه وهذا ما يذهب إليه الدكتور نجم،أما ج رييفر فيقول أن الحريات
العامة هي القدرة على تقرير المصير منظمة بواسطة القانون الوضعي،وهي بذلك تختلف عن
حقوق الإنسان من حيث الأساس والمضمون،فحقوق الإنسان تقوم على فكرة الحق الطبيعي
التي تسمح للإنسان لمجرد كونه إنسان أن يمتلك مجموعة من الحقوق الملاصقة لطبيعته
والتي لا يمكن إنكارها أو الإعتداء عليها،وعلى القانون الوضعي أن يعترف بتلك
الحقوق الطبيعية ويحميها،وحتى ولو جردنا تلك الحقوق من إعتراف الدولة بها فإنها
تظل قائمة أيضا بحكم القانون الوضعي،أي أن وجود الحقوق منفصل عن القانون الوضعي
وسابق على هذا الوجود ويسموا عليه،أما الحريات العامة في رأي ريفيير فهي تكون
دائما حقوق معترفا بها من السلطات العامة ومنظمة بواسطتها بقدر أو بآخر من التطور،أي أنها تعتبر جزءا من أجزاء القانون الوضعي يولد بداخله ولا ينفصل عنه،والفقه
الفرنسي يرى أن الحريات العامة هي ذلك الجزء من حقوق الإنسان الذي تجاوز حدود
القانون الطبيعي ودخل في نطاق القانون الوضعي.
ولكن كلام ريفير تم الرد عليه،لأنه أقام
التفرقة بين حقوق الإنسان وبين الحريات العامة على أساس أن الأولى حقوق طبيعية
تولد مع الإنسان دون أن يشترط لذلك إعتراف الدولة بها كقانون،بينما الثانية هي
ذلك الجزء من حقوق الإنسان الذي تعترف به الدولة وتنظمه وتحميه.
وبما أن حقوق الإنسان أصبحت اليوم معترفا
بها من قبل الدول ومنظمة بواسطتها وتحميها قانونيا وتنص عليها في تشريعاتها
الوضعية،وهذا يؤدي بدوره إلى إنهيار الأساس الذي أقام عليه ريفيرا تفرقته،ومن هنا
نخلص أن الحريات تعني الإمكانيات التي يتمتع بها الفرد بسبب طبيعته البشرية وهي
تختلف كما يقول الفيلسوف ليبتر بإختلاف الأفراد ووسائله،فالحرية هي قدرة الإنسان
على فعل ما يريده،ومن عنده وسائل أكثر يكون أكثر حرية لعمل ما يريد،ويقول الفيلسوف
الفرنسي فولتير (عندما أقدر على ما أريد فهذه حريتي) فالحرية ليست مجرد أمنية
وإنما هي إرادة تختلف بإختلاف كل إنسان وقدراته .
وفيما يخص وصف الحريات بأنها عامة،فرأى
فريق من المفكرين أن ذلك يرتب على الدولة واجبات يتعين عليها القيام بها،وواجبات
الدولة إزاء الحريات العامة قد تكون واجبات سلبية مثل عدم المساس بسلامة وتكامل
جسم المواطن وعقله،وقد تكون واجبات إيجابية مثل العمل على خلق فرص عمل للمواطنيين
وتمكينهم من الإستمتاع بأوقات فراغهم،أما الفريق الثاني فيرى أن كلمة عامة تشير إلى
تدخل الدولة (السلطة) ومن خلال ذلك فإنه لا توجد حريات خاصة،وبالتالي فكل الحريات
تتعلق مباشرة بروابط الأفراد فيما بينهم أو بروابطهم بالسلطة،فهي بذلك حريات عامة
عندما ينظمها القانون الوضعي وعندما تقوم الدولة بتخصيص أحكامها وطريقة ممارستها
وتأكيد إحترامها،كما وهناك الفريق الثالث الذي يرى أن وصف عامة يلحق بكلمة الحرية
عندما تتقرر هذه الحرية للجميع،بحيث تكون ممارستها في متناول وحق لكل فرد،ولكلمة
الحرية ثلاث معاني هي: أ-الإباحة ب-القدرة ج-القوة.
أما الفرق بين القدرات والحقوق،فإن القدرات
طبيعية والحقوق تاريخية إجتماعية أي أن الحقوق تكتسب تدريجيا،ومن هنا عرّف
الدكتور رجب بودبوس حقوق الإنسان بأنها قدرات يملكها الإنسان وتحكمها قواعد في
علاقته مع الخواص والسلطات،وقد مرّ تنظيم هذه القدرات بأربعة مراحل تاريخية هي:
1-مرحلة الطغيان أي سيادة الحاجة إلى الأمن.
2-مرحلة التحول من الحاجة إلى الأمن إلى
الحاجة إلى الحرية.
3-مرحلة مطالبة الإنسان النظام ببعض
الحقوق.
4-مرحلة وعي الإنسان أي مرحلة تحول
الحقوق الشكلية إلى حقوق عينية.
وأخيرا فإن حقوق الإنسان كما وردت في
الإعلان العالمي أو في الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان وغيرها،فإننا سوف نجد أنها
ذاتها الحريات العامة المنصوص عليها في دساتير وتشريعات معظم الدول المتحضرة أو
الواردة في كتابات فقهاء القانون الدستوري،رغم أنه يمكن إعتبار حقوق الإنسان
مصدرا طبيعيا للحريات العامة،كما يمكن إعتبار الحريات العامة وعاءا قانونيا لحقوق
الإنسان،وكما يقول الدكتور نجم أن الحرية والحق أصبحا في الوقت الحاضر تعبيرين
متلازمين وذلك بغض النظر إذا كانت الدولة تعترف بجميع الحقوق والحريات وتدرجها في
تشريعاتها الوضعية وتصيغ عليها حمايتها القانونية أو أن تهمل جانبا منها عن عمد أو
عن غير عمد،وهو ما يتوقف إلى حد كبير على المذهب الذي تعتنقه بمعنى آخر (المذهب
الإشتراكي حيث تضيق الحريات والحقوق أو الليبيرالي حيث تتسع).