النزاع الحدودي القطري البحريني
-المطالب القطرية كانت ما يلي (مع رفض كل
الإدعاءات والطلبات المخالفة)
أولا:أن يحكم
وفقا للقانون الدولي ما يلي:
1-أن قطر
لها السيادة على جزر حوار. 2-أن مرتفعات ديبال وكيتات هي تحت السيادة القطرية.
3-أن البحرين ليس لها السيادة على جزيرة جنان. 4-أن البحرين ليس لها السيادة على
زوبارة. 5-أي إدعاء بحريني خاص بخطوط الأساس الأرخبيلية ومناطق صيد اللؤلؤ
والأسماك العائمة ليس له أية صلة بخصوص التحديد البحري لهذه القضية.
ثانيا: أن
ترسم خطا وحيدا للحدود البحرية بين المناطق البحرية لقاع البحر وما تحت القاع
والمياه التي تعلوها،والتي تنتمي إلى كل من قطر والبحرين إستنادا إلى أن زوبارة
وجنان وجزر حوار تنتمي إلى قطر وليس البحرين.
-المطالب البحرينية كانت ما يلي (مع رفض كل
الإدعاءات والطلبات المخالفة)
1-أن
البحرين لها السيادة على زوبارة. 2-أن البحرين لها السيادة على جزر حوار بما في
ذلك جنان وحد جنان. 3-سيادة البحرين على كل الملامح الجزرية وغيرها بما في ذلك فشت
الدبل وكيتات جرادة التي تشمل أرخبيل البحرين،والتأكيد على أن الحدود البحرية بين
البحرين وقطر هي المذكورة في الجزء الثاني من مذكرة البحرين.
السيادة على جزر حوار
أ-مطالب
قطر في السيادة على جزر حوار
ترى قطر
أن لها السيادة على هذه الجزر بسبب أولوية سندها الأصلي على الجزيرة،فضلا عن
القرب والوحدة الإقليمية،حيث أن قطر تستند إلى علمي الجغرافيا والجيومورفولوجيا
لإثبات سيادتها على الجزر،لأن لها رابطة لا إنفصام فيها مع إقليم الأراضي
الأساسي،فكل جزيرة هي أقرب إليها من البحرين لأنها تقع ضمن حدود الإثني عشر ميلا
للبحر الإقليمي لقطر،كما دعمت قطر طلبها هذا بالعديد من الخرائط التي تثبت وجود
جزر حوار تحت سيادتها.
ب-مطالب
البحرين في السيادة على جزر حوار
البحرين
ترى أن الجوار أو القرب أو التلاصق لا تصلح أساسا لمنح السيادة على الإقليم،فضلا
على أنها مارست السيادة خلال القرنين الماضيين على تلك الجزر قبل وبعد عامي
1938-1939،ويؤيد ذلك أيضا قرار صادر عن بريطانيا عام 1939 بأن جزر حوار تنتمي
للبحرين وليس قطر،بمعنى أن مبدأ بقاء الحدود الموروثة عن المستعمر يجب تطبيقه هنا
لصالح البحرين،حيث كانت هي وقطر خاضعتان للإستعمار البريطاني،وهذا القرار يشكل حكم
تحكيم يجب إحترامه،كما أن البحرين مارست العديد من السلطات العامة على هذه الجزر
منها شق الطرق ووجود حامية عسكرية بحرينية ومحطات تحلية وغيرها.
وقد ردت قطر بأن مبدأ بقاء الحدود الموروثة عن المستعمر
غير قابل للتطبيق لأنه لم يحدث توارث،وذلك لأن كل من قطر والبحرين كانتا مستقلتين ولم
تكن مستعمرتين أو محميتين لبريطانيا العظمى،أما قرار بريطانيا لعام 1939 فهو لا
يسري على قطر لأنها لم توافق عليه،أما بالنسبة للممارسات الفعلية فإن قطر ترى أنه
وفقا لحكم الدائرة في نزاع الحدود 1986 فإن مغزى تلك الممارسات يتوقف على وضع
الإقليم وما إذا كان يوجد سند صحيح تثيره دولة أخرى،وذلك يعني أن الأرض التي لا
مالك لها يؤدي الإحتلال الفعلي لها إلى خلق سند للسيادة إذا توافرت الشروط اللازمة،أما إذا كان الإقليم تابع لسيادة دولة أخرى فإننا بصدد إحتلال أو إغتصاب لا يكون
له أثر قانوني،وترى قطر أن ذلك ينطبق على إحتلال البحرين لجزر حوار والذي لا يمكن
أن يؤدي ممارستها الفعلية عليها إلى جعلها تحت سيدتها،إلا إذا وافقت الدولة التي
لها السيادة على الإقليم على ذلك موافقة ضمنية،وتؤيد قطر مدعاها هذا بالعديد من
الخرائط والإتفاقات التي لا تعطي جزر حوار للبحرين.
وقد كان قرار المحكمة بعد تحليل مواقف الدولتين من
القرار البريطاني لعام 1939 أن الدولتين عهدتا إلى بريطانيا بالفصل في النزاع على
السيادة على جزر حوار،وفي ضوء ذلك إنتهت بريطانيا بأن السيادة للبحرين وأن
إعتراضات قطر لا يمكن الأخذ بها.
السيادة على جزيرة جنان
إستنادا إلى حججها بخصوص السيادة على جزر حوار،رأت
البحرين أن جزيرة جنان يشملها القرار البريطاني لعام 1939 وهو ما عارضته قطر،وقد
إنتهت المحكمة إلى أن قرار بريطانيا الخاص بتحديد قاع البحر لقطر والبحرين الصادر
لعام 1947 أكد أن جزيرة جنان لا تعتبر
داخلة في مجموعة جزر حوار،وهو الأمر الذي يعني أن الحكومة الإنجليزية فسرت رسميا
قرارها الصادر عام 1939،لذلك قررت المحكمة أن جزيرة جنان تكون السيادة عليها لقطر.
التحديد البحري لمناطق
النزاع (تحديد المناطق البحرية بخط واحد)
وفقا لما إتفق عليه الطرفان وهو الإتفاق المعرف بالصيغة
البحرنية،طلب الطرفان من المحكمة أن ترسم خط حدود بحري وحيد بين مناطقهما البحرية
في قاع البحر وما تحت القاع والمياه التي تعلوه،ولكن لاحظت المحكمة أنه في الجزء
الجنوبي للمنطقة المراد تحديدها حيث تتقابل سواحل الطرفين لا تزيد المسافة عن 24
ميل بحري،أي أن التحديد يخص البحار الإقليمية أي مناطق خاضعة للسيادة الوطنية لكل
من الدولتين،بينما في الشمال لا تتقابل السواحل بل هي أقرب للسواحل المتجاورة،ومنها
سيتعلق التحديد بالمناطق الإقتصادية الخالصة والإمتداد القاري لكل من الطرفين،حيث
أن لكل منهما فقط حقوق ذات سيادة وولاية وظفية.
1-مفهوم (الحد البحري الوحيد)
قالت المحكمة أن فكرة الحد البحري الوحيد لم تنشأ عن
معاهدات جماعية متعددة الأطراف وإنما هي وليدة سلوك الدول الراغبة في رسم خط بحري
وحيد يحدد المناطق البحرية الخاضعة لكل منهما.
2-معنى المادة 15 من إتفاقية الأمم المتحدة لقانون
البحار لعام 1982
تنص المادة 15 (حينما تكون السواحل متقابلة أو متجاورة
لا يجوز لأي دولة إذا لم توجد إتفاقية بينهما تقضي بعكس ذلك أن تمد بحرها الإقليمي
فيما وراء خط الوسط الذي تقع كل نقطة منه على مسافة متساوية من أقرب نقطة من خطوط
الأساس الذي يقاس منه عرض البحار الإقليمية للدولتين،إلا أن هذا النص لا يطبق إذا كان من اللازم بسبب سند تاريخي أو أية
ظروف خاصة تحديد البحار الإقليمية للدولتين بطريقة مختلفة).
وقد فسرت المحكمة
هذا النص بأنه يعني رسم خط وسط مؤقت،ثم بعد ذلك معرفة ما إذا كان يجب تعديله
بالنظر للظروف الخاصة في المنطقة.
3-كيفية رسم خط المسافة المتساوية
لقد إختلاف الطرفان حول كيفية تحديد الشواطئ التي
إنطلاقا منها،إلاّ أنه سيتم تحديد مكان خطوط الأساس ونقاط الأساس التي يقاس منها خط
المسافة المتساوية من خلال:
أ-طريقة الأرض الرئيسية في مواجهة الأرض الرئيسية
لقد قالت قطر أن رسم خط المسافة المتساوية يحتم الأخذ بطريقة الأرض الرئيسية في مواجهة الأرض الرئيسية بين قطر والبحرين،وتهدف قطر من هذه الطريقة إلى الإقلال من المناطق البحرية التي تمنح للبحرين فيما لو تما إعتبارها دولة أرخبيلية.
ب-فكرة الأرخبيل أو الدولة متعددة الجزر
لقد قالت البحرين بهذه الفكرة التي ترى بأنها تعد أرخبيلا أو دولة متعددة الجزر،ومنها فإن نقاط الأساس يجب أن تستند إليها كلها،وأنه إذا لم يؤخذ بذلك وتم الرجوع إلى مجرد الجزر الرئيسية فإن ذلك سيخالف الحقيقة ويعد إعادة تشكيل للجغرافيا،كذلك ترى البحرين أن تحديد البحر الإقليمي يبدأ من خط جزر المياه،ولكن المحكمة إنتهت بهذا الخصوص إلى أن البحرين ليس من حقها تطبيق طريقة خطوط الأساس المستقيمة،كما أكدت المحكمة أن مهمتها هي رسم حد بحري وحيد وفقا للقانون الدولي وأنها تستطيع أن تنفذ ذلك بتطبيق قواعد ومبادئ القانون العرفي ذات الصلة وفقا للظروف السائدة،كما أكدت المحكمة أن الخط العادي لذلك التحديد هو خط أدنى جزر المياه على طول الشاطئ (إتفاقية قانون البحار لعام 1982).
وأخيرا وبعد ذكر المحكمة للخلافات بين الطرفين بخصوص بعد
الملامح الطبيعية في المنطقة،وبعد أن أكدت أنه يمكن تلافي أثر وجود بعض الجزر
الصغيرة بالنسبة لتحديد الإمتدادات البحرية،حددت المحكمة خط تحديد البحر الإقليمي
لكل من الدولتين،كما أكدت المحكمة أنه لما كانت البحرين ليس من حقها تطبيق طريقة
خط الأساس المستقيم فإن المياه الموجودة بين جزر حوار والجزر البحرينية الأخرى لا
تعد مياها داخلية بل مياها إقليمية لتلك الدولة،يسري عليها حق المرور البريء لقطر
ولسفن الدول الأخرى،وبنفس الطريقة يكن للسفن البحرينية كما هو الحال لسفن الدول
الأخرى نفس الحق في البحر الإقليمي لقطر،أما بالنسبة لتحديد الإمتداد القاري
والمنطقة الإقتصادية الخالصة لكل من الدولتين بخط وحيد،فقد أخذت المحكمة بنفس
المسلك الذي إتبعته بخصوص تحديد المناطق البحرية فيما وراء الإثني عشر ميلا بحريا أي فيما وراء البحر الإقليمي،وذلك بقولها أنها سترسم أولا خط مسافة متساوية وتنظر بعد
ذلك ما إذا كانت هناك ظروف تحتم إجراء تعديل لهذا الخط.
ولكن إدعت البحرين أن قيامها بصيد اللؤلؤ شمال شبه جزيرة
قطر يعد ظرفا يجب آخذه بالإعتبار،فيما ردت قطر على ذلك بأن تلك المنطقة هي منطقة
مشتركة مفتوحة لكل القبائل على طول شواطئ الخليج،وأن ما تدعيه البحرين فقد أهميته
بسبب توقف صيد اللؤلؤ منذ أكثر من خمسين عام،وقد أخذت المحكمة بوجهة نظر قطر ولم
تعتبر ما جاءت به البحرين ظرفا خاصا يؤخذ في الإعتبار عند تحديد الإمتداد القاري
والمنطقة الإقتصادية الخالصة،
وقد أشارت قطر إلى ضرورة القيام بالتحديد إستنادا إلى
خطاب صادر عن بريطانيا للطرفين عام 1947 وهذا ما رفضته البحرين،كما ولم تأخذ المحكمة
فعلا بهذا الخط لأنه خاص بتقسيم قاع البحر بين الطرفين،بينما التحديد الذي يجب
على المحكمة أن تقوم به يخص في جزء منه البحر الإقليمي وفي الجزء الآخر المنطقة
الإقتصادية الخالصة والإمتداد القاري،وبما أن المحكمة ووجدت أن طول شواطئ الدولتين تقريبا متساوي،فبالتالي
لا يشكل ذلك ظرفا خاصا لتعديل خط المسافة المتساوية.
أما بخصوص جزيرة فاشت الجريم الموجودة جزئيا في البحر
الإقليمي للبحرين،وإنطلاقا من قرار المحكمة في قضية ليبيا /مالطا من إمكانية
تجاهل بعض الظواهر الطبيعية الصغيرة التي لها أثر مغالى فيه،إنتهت المحكمة في هذا
الخصوص إلى عدم آخذها كظرف خاص،وحددت المحكمة خط تحديد الحدود في المنطقة وفقا
لإحداثيات معينة.
الحكم الصادر مع السند
القانوني
-أصدرت المحكمة حكمها بخصوص التحديد البحري وفقا للقانون الدولي العرفي،وهو قانون واجب التطبيق وذلك
لأن الدولتين لم تكونا طرفين في إتفاقيات جنيف لعام 1958 الخاصة بقانون البحار،أما بالنسبة لإتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982 فقد كانت البحرين
طرفا فيها لأنها صدقت عليها،أما قطر فوقعت عليها فقط،ولكن المحكمة إستخلصت أن
الطرفين يسلمان بأن أغلب نصوص هذه الإتفاقية الخاصة بالقضية الحالية هي قواعد
عرفية.
أما فيما يخص السيادة على الجزر،فإن السيادة على إقليم وممارسة مظاهر السيادة أو التصرف
كسيد هو المبدأ الذي طبقته المحكمة بخصوص جزيرة قطط جرادة.
-فيما يخص الإمتدادات البحرية للمرتفعات التي تنحصر عنها المياه المتواجدة في منطقة
تتداخل فيها البحار الإقليمية لأكثر من دولة،إنتهت المحكمة إلى عدم أخذ المرتفعات
التي تنحسر عنها المياه في إعتبارها عند تحديد البحر الإقليمي،والمرتفع الذي
تنحسر عنه المياه هو منطقة من الأرض مكونة تكوينا طبيعيا تحيط بها المياه وتعلوها
في حالة الجزر،إلا أنها تغمرها المياه في حالة المد،ويمكن إستخدام تلك المرتفعات
كخطوط أساس لقياس عرض البحر الإقليمي إذا وجدت في البحر الإقليمي للقارة أو الجزيرة،أما إذا وجدت خارج البحر الإقليمي فليس لها بحر إقليمي خاص بها،أما إذا ما وجد
المرتفع الذي تنحسر عنه المياه في منطقة تتداخل فيها البحار الإقليمية لأكثر من
دولة،حق لكل منها أيضا أن تقيس إبتداء منه عرض بحرها الإقليمي،ولم تأخذ المحكمة
بالمرتفعات التي تنحسر عنها المياه في إعتبارها عند تحديد البحر الإقليمي.
-فيما يخص القرار البريطاني لعام 1939 وهل يعتبر كحكم تحكيم،فقد إعتبرت البحرين
هذا القرار كحكم تحكيم ولا يجوز المنازعة فيه إلا بإتفاق جديد لأن له قوة الأمر
المقضي،أما قطر فإعترضت على هذه الحجة وأعتبرت أنه ليس هناك تحكيم فعلا،وقد إستدلت
بقضية مماثلة لقضيتها بين دبي / الشارقة،وبذلك قررت المحكمة أن تعيين الحدود التي
إتخذتها بريطانيا لم تكن أحكام تحكيم وإنما قرارات إدارية لها طبيعة ملزمة،وبذلك
رفضت المحكمة الأخذ بموقف البحرين معللة ذلك أن التحكيم وفقا للقانون الدولي العام
يشير عادة إلى تسوية المنازعات بين الدول بواسطة قضاة من إختيارهم وإستنادا إلى
إحترام القانون،وقد وجدت المحكمة أنه لا يوجد أي إتفاق بين الطرفين لعرض نزاعهما
على التحكيم بواسطة قضاة من إختيارهم وإنما إتفقا على أن يتم الفصل في الأمر
بواسطة حكومة صاحبة الجلالة،ومنه فإن قرار بريطانيا لعام 1939 لا يعد حكم تحكيم
دولي ولكن هذا لا يعني خلو هذا القرار من أي أثر قانوني (قرار إداري)،ومنه فإن
للبحرين السيادة على جزر حوار.
ومن ناحية مراعاة الطبيعة التناقضية
للإثبات أمام المحكمة،فإنه من المعلوم أنه أمام أي محكمة دولية أو
داخلية يجب مراعاة مبدأ المساوة بين الخصوم،وهذا ما أكدته الرسالة العمرية في
القضاء حين أوصى عمر بن الخطاب أبا موسى الأشعري بقوله (آس بين الخصوم في لحظك
وطرفك)،وقد لاحظت المحكمة أن البحرين
خلال آخر دورة من المرافعات الشفوية إستندت إلى خمس وثائق جديدة للرد على سؤال
وضعه أحد أعضاء المحكمة،لذلك قررت المحكمة محافظة على الطبيعة التناقضية
للإجراءات أن تصرح لقطر بأن تقدم كتابة ملاحظاتها حول حجج البحرين المستمدة من تلك
الوثائق.
أما فيما يخص القيمة القانونية للمعاهدات
التي لم يتم التصديق عليها والسيادة على زوباره،فإنه قد يتم إبرام معاهدة ما
والتوقيع عليها مع إشتراط التصديق لدخولها حيز التنفيذ،وهذا ما أثير بخصوص معاهدة
أبرمت عام 1913 بين بريطانيا العظمى والإمبراطورية العثمانية والتي نصت في المادة
11 على أن شبه جزيرة قطر يحكمها كما كان عليه في الماضي الشيخ جاسم بن ثاني وورثته
من بعده،وقد تضمنت تعهد بريطانيا بمنع شيخ البحرين من التدخل في الشؤن الداخلية
لقطر أو إنتهاك إستقلال هذا البلد أو ضمه.
ولقد إنتهت المحكمة إلى وضع المبدأ الآتي
(أن المعاهدات الموقع عليها،والتي لم يتم التصديق عليها،يمكن أن تشكل تعبيرا سليما
لما يفهمه الأطراف وقت التوقيع)،وإستنادا إلى ذلك قررت المحكمة أن نص المادة 11
واضح في عدم الإعتراف للبحرين بالسيادة على شبه جزيرة قطر بما في ذلك زوباره،ويؤيد ذلك معاهدة أخرى أبرمت بين العثمانيين والإنجليز وأيضا الموقف الإنجليزي من
السيادة على زوبارة،والذي في العديد من المخاطبات لا يعتبرها خاضعة لسيادة
البحرين،كذلك فإن شيخ قطر إستخدم القوة عام 1939 للسيطرة على زوباره والتي بقيت
تحت سيطرته حتى قيام النزاع الحالي،ولم توافق بريطانيا على تقديم المساعدة
العسكرية للبحرين لمواجهة هذا الإستخدام العسكري للقوة،مما يدل على أن شيخ قطر
بإستخدامه للقوة كان يستخدم سلطته فوق إقليم تابع له،ولم يكن هذا الإستخدام
إستخداما غير مشروع للقوة،ومن كل ذلك إنتهت المحكمة إلى أن السيادة على زوباره
لقطر وليس للبحرين.
أما مصداقية الوثائق المقدمة إلى المحكمة،فإن أمام القضاء والتحكيم
الدولي تنطبق قاعدة (البينة على من إدعى) ويجب أن يكون الإثبات إستنادا إلى وثائق
سليمة غير مزورة تحمل بين طياتها عنوان مصداقيتها،وتعتبر هذه القضية من القضايا
النادرة التي أثيرت فيها مسألة مصداقية الوثائق المقدمة لتأييد مدعى ما أمام محكمة
دولية،حيث أخطر وكيل البحرين محكمة العدل الدولية أن دولته ترى أن قطر قدمت 82
وثيقة غير سليمة إلى المحكمة،الأمر الذي حدا بالمحكمة إلى أن تطلب من الدولتين أن
يبينا موقفهما من هذه المسألة في مذكرات مكتوبة،وقد ردت قطر كتابيا على أنها
ستغفل الإستناد إلى هذه الوثائق غير السليمة،وهو ما وافقت عليه البحرين،حيث إعتذرت قطر عن تقديمها لتلك الوثائق وما سببه ذلك من قلق للبحرين وللمحكمة،ومن ثم
تم الإستمرار في نظر موضوع القضية مع تجاهل تلك الوثائق.
وأخيرا فإن أساس حق الدولة على المناطق
البحرية،هو وجود شواطئ تطل على البحار،كما إن وجود إمتدادات بحرية لدولة ما يفرض أن
لها نافذة على البحار المجاورة لها،وهو ما أكدته المحكمة في هذه القضية.