مفاهيم إجتماعية
الرحل والترحال - الرفاهية - الرق - سكنى
الضواحي - السنن الأخلاقية - الإستهلاك الجمعي - التحليل الكيفي المقارن - التهميش
الإجتماعي
الرحل والترحال
إن الرحل والترحال مصطلحان يستخدمان للإشارة
إلى الجماعات التي ترتحل من مكان إلى آخر،دون أن يكون لها مستقر دائم،ويعد البدو
مثالا لهم،ويميز الأنثروبولوجيون بين نمطين رئيسيين من البدو إستنادا إلى إعتمادهم
على الصيد والإلتقاط أو الرعي،وتختلف درجة إستقلال جماعات الصيد والإلتقاط والرعاة
عن الجماعات المستقرة الأخرى،وهو ما يكشف عنه الواقع الإمبريقي،وفي نموذجهم
المثالي تتسم الجماعات الرحالة بالإكتفاء الذاتي من الناحية الإقتصادية،وثمة
مجموعة ثالثة من الرحالة مستبعدة من التنظيمات الكلاسيكية وهي الغجر،الذين يتسمون
بإعتمادهم المتبادل الدائم على إقتصاد آخر يقومون في إطاره بتقديم خدمات وسلع ذات
طابع عرضي،وقد تكون هناك جماعات شبه بدوية كما هو الحال في جماعات اللاب المعاصرة.
الرفاهية
هي الحالة التي تسير فيها أحوال الإنسان بشكل
طيب،وقد نشأ هذا المصطلح في الأساس عندما وجد أنه يتعين القيام ببعض الإجراءات
لزيادة رفاهية الفرد أو المجتمع،أي أنه نشأ عندما ظهر تخوف من إحتمال إفتقاد
الرفاهية،ومن هنا نلاحظ أن هذا المصطلح يستخدم في المجال السياسي أساسا،كما نلاحظ
أنه يرتبط بمفهوم الحاجات على إعتبار أن إشباع الحاجات من شأنه أن يؤدي إلى زيادة
الرفاهية،فسياسات الرفاهية هي سياسات تستهدف تلبية إحتياجات الفرد أو إحتياجات
الجماعة، والإحتياجات (الحاجات) هنا ليس المقصود بها تلك اللازمة للبقاء فقط وإنما
يقصد بها تلك اللازمة لتوفير حياة معقولة أو ملائمة داخل المجتمع،فهي لا تشمل فقط
الحد الأدنى من الدخل الذي يكفي لتوفير الطعام والكساء وإنما يوفر إلى جانب ذلك
مستوى ملائما من السكن والتعليم والرعاية الصحية وفرص العمل،وهنا تتفاوت المجتمعات
فيما بينها تفاوتا واضحا من حيث كيفية تلبية تلك الحاجات ومدى إشباعها،ومعروف أن
دور الدولة في إشباع حاجات الرفاهية في المجتمعات الصناعية المتقدمة قد تعاظم خلال
القرن العشرين،ولكن وفي هذه السنوات الآخيرة حدث قدر من التخفيض في نفقات الرفاهية
التي تقدمها الدولة في عدد من المجتمعات الغربية وفي نفس الوقت تزايد الإتجاه إلى
خصخصة خدمات الرفاهية ودعم الهيئات الخاصة التي تقدم الخدمة وفقا لقدرة المستفيد
على الدفع وليس تبعا لمدى حاجته.
ولما كانت قضايا الرفاهية ترتبط أوثق
الإرتباط بالسياسة،فقد وجد دائما إتجاها لتضمين الرفاهية ميدان السياسة الإجتماعية
وليس ميدان علم الإجتماع،ومع ذلك فقد كان هناك من الكتاب من يعارض هذا الرأي مثل
بيتر تاونسند الذي ذهب إلى أن ميدان السياسة الإجتماعية يقع في صميم علم
الإجتماع،ويحظى هذا الرأي بدعم قوي من خلال الرؤية الماركسية للقضية التي توصلت
إلى أن الطبقات الوسطى في معظم المجتمعات هي التي تحظى ببعض مزايا الرفاهية
المقدمة من الدولة أكثر مما تستحق من التعليم مثلا،كما توصلت إلى أي مدى تعتمد
المرأة ماليا على المعونات التي تقدمها برامج الرفاهية،فيما نجد أن وجهة النظر
التي ترى أن دراسة الرفاهية تمثل جزءا أصيلا من ميدان علم الإجتماع قد دعمها عدد
من الكتاب منهم توماس مارشال الذي ربط قضايا الرفاهية بقضايا المواطنة ومن ثم
بالتيار الرئيسي لعلم الإجتماع،حيث يرى مارشال أن حقوق الرفاهية تمثل المجموعة
الثالثة والأخيرة من الحقوق (الحقوق الإجتماعية والإقتصادية) التي حصل عليها أفراد
المجتمع الإنساني بعد كل من الحقوق المدنية والحقوق السياسية،وقد إعترض بعض
العلماء على تصور مارشال التقدمي الخطي لعملية إكتساب تلك الحقوق،وإن كان من
الواضح أن صياغته لمجموعات الحقوق كانت لها قيمتها السياسية وذلك بشرط وجود قدرة
على النضال من أجل التغيير السياسي،فإذا كان ذلك كذلك فإن هذا الرأي يؤكد بشكل خاص
على أن مزايا الرفاهية يجب أن تمنح على أساس الإستحقاق القانوني وفقا لمبدأ
العمومية والشمول وليس على أساس السلطة التقديرية.
الرق
يشير مصطلح الرق إلى أشكال متنوعة من تقييد
أو إلغاء الحرية مثل عبودية الأرض أو عمل التابع لمولاه،وعلى أية حال فإن المفهوم
يرتبط عادة بعبودية الإمتلاك،حيث يكون فيها الفرد المستعبد مثل أي شيء مملوك يمكن
بيعه أو شراؤه ولا يتمتع بمكانته كآدمي،وعبودية الإمتلاك بهذا تتميز عن أشكال الرق
الأخرى بحكم خاصية الإمتلاك هذه،والرقيق لا يحصلون على أجر مقابل أعمالهم أو
خدماتهم حتى في الحالات التي يمكنهم أن يتكسبوا ويمارسوا العمليات
الإقتصادية،وهكذا يمكن النظر إليهم كأدوات للإنتاج.
ويعرف التاريخ القديم والحديث عمليات إسترقاق
أو إستعباد لأناس بسبب هزيمتهم في أوقات الحرب،وفي العهود الرأسمالية المبكرة في
العصر الحديث تم إستخدام عبودية الإمتلاك كنظام فعال أو بالأحرى نظام أرخص لتشغيل
الأيدي العاملة لدى أصحاب المزارع وملاك العبيد في الأمريكيتين في الفترة ما بين
القرن الخامس عشر والقرن التاسع عشر،حيث كانت تجارة الرقيق تتولى توفير العمالة
اللازمة،وما كان نظام رقيق المزارع ليوجد لولا قيام نظام قانوني مقنن له آليات
تفرض وجوده وإستمراره،كذلك وجدت أنظمة الرقيق حديثا في شركات إستخراج المعادن
والإنتاج الصناعي،وقد كان العبد في نظام رق المزارع يعتبرملكية خاصة لسيده،في حين
أنه في حالة إسترقاق شعوب بأكملها المترتبة على الغزو في الحروب كان العبيد يصبحون
ملكية لكل المجتمع،ويكمن الفرق هنا في أن نظام رق المزارع قد وجد في مجتمعات إتضحت
فيها ملامح الدولة ككيان سياسي،في حين أن رقيق الحروب وجدوا قبل أن تعرف المجتمعات
فكرة الدولة بوضوح.
سكنى الضواحي
وهي تعني عملية توسع المدن أفقيا عن طريق
هجرة السكان والأنشطة الإقتصادية لمنطقة قلب المدينة المكتظة والخروج إلى المناطق
المجاورة الأقل كثافة،ولا شك أن هناك بعض التطورات التي شجعت عملية سكنى الضواحي
وساعدت عليها مثل تطور تكنولوجيا النقل والمواصلات كالسكك الحديدية وتطور أساليب
إنشاء الطرق وتحسين نوعيتها،ويمكن القول أن هناك تفسيرات متضاربة بعض الشيء
لهذه العملية،إذ يذهب علماء الإقتصاد والجغرافيا إلى التأكيد على أهمية المنافسة
في سوق العقارات الحصرية،الأمر الذي يدفع الأنشطة التي لم تعد تستطيع تحمل نفقات
البقاء وسط المدنية إلى الخروج من المدينة،كما يؤكدون على أهمية تطورات السوق التي
تجعل الشركات والمؤسسات تسعى إلى تفضيل الإستقرار في الضواحي،أما الدراسات
السوسيولوجية فقد أوضحت كيف أن الأفراد يميلون إلى الإقامة في الضواحي من أجل
تحسين نوعية حياتهم،وقد تطرق الماركسيون وغيرهم إلى دراسة الصلات بين سكنى الضواحي
وتراكم رأس المال،ولا شك أن كل وصف من تلك الأوصاف قد أسهم في فهم هذه الظاهرة
الإجتماعية والجغرافية المركبة.
السنن الأخلاقية
وهي تعني القواعد الأخلاقية أو أساليب السلوك
التي تعدها غالبية أفراد المجتمع لازمة للحفاظ على مستوى من اللياقة وحسن
السلوك،ويتم فرض السنن الأخلاقية بقوة ويعاقب الخروج عليها أو إنتهاكها إما بعدم
الرضا من جانب الجماعة أو الجزاءات أو بالإجراءات القانونية،إذا كانت تلك السنن قد
تحولت إلى قوانين في ذلك المجتمع.
الإستهلاك الجمعي
لقد إحتل هذا المفهوم مكانة محورية في
النظريات الإجتماعية الحضرية للماركسية المحدثة التي طورت في أواخر الستينات وفي
السبعينات،ويذهب مانويل كاستيلز وآخرون إلى أن الرأسمالية المتطورة قد إستدعت
زيادة تدخل الدولة فيما يسمى وسائل الإستهلاك الجمعي،فلكي نعيد إنتاج قوة عمل ذات
كفاءة،لم يعد توفير وسائل الإستهلاك الفردى من سلع مثل الطعام والملابس أمرا
كافيا،فقد أصبحت هناك حاجة إلى خدمات مثل التعليم وتوفير وسائل النقل الجماعي،فهذه
السلع على خلاف نمط إستهلاك السلع الشخصية تستهلك إستهلاكا جماعيا،فالتعليم والنقل
مثلا تستخدم إستخداما جماعيا لكونها خدمات يستخدمها عدد كبير من أفراد المجتمع
وليست سلعا تستهلك بصورة فردية،ومن أبرز سمات الإستهلاك الجمعي وجود دور بارز
للدولة في توفيرها والفرص التي يبدو أنها توفرها للتعبئة السياسة المستهلكين وهي
أمور تؤكد أهمية المفهوم بالنسبة للنظريات الإجتماعية في التحضر،ويترتب على ذلك
على أية حال أن التفرقة بين الإستهلاك الفردي والإستهلاك الجمعي كانت مثارا لقدر
كبير من الجدل،إذ أنه من الصعب على سبيل المثال أن ننظر فقط كيف يتم إستهلاك خدمات
كالتعليم بصورة جمعية،بالرغم من أن تقديمها يتم بصورة جمعية ومن هنا فإن مصطلح
الإستهلاك الجمعي في الممارسة الواقعية لم يعد له معنى على درجة عالية من التحديد
على الرغم من أنه يشير عادة إلى الخدمات وليس إلى السلع التي تقدمها بصورة مباشرة
مؤسسات الدولة بدلا من السوق أو على الأقل يشير إلى الخدمات التي يتم تدبيرها
بتدخل كبير من جانب الدولة،كتلك التي تقدم من خلال الإعلانات أو الإجراءات
التنظيمية،وفي هذه الحالة بالطبع تكون المسميات مغلوطة إذ تتم الإشارة إلى تقديم
جمعي للخدمات التي يتم إستهلاكها بصورة فردية،وأخيرا فإنه يجدر بالذكر أن الكتابات
الحديثة طورت تصنيفات أكثر تعقيدا للتنظيم الإجتماعي للإستهلاك،والتي إستخدمت
لتحليل طبيعة السياسات الحضرية،ودور ما يطلق عليه قطاع أو أقسام الإستهلاك في
التدرج الإجتماعي وفي تحديد الإتجاهات السياسية.
التحليل الكيفي المقارن
لقد أطلق هذا الإسم تشارلز راجين في كتابه
المنهج المقارن الصادر عام 1978على الأسلوب الذي إقترحه لحل المشكلات التي تواجه
الباحثين الذين يجرون دراسات مقارنة للوحدات الإجتماعية الكبرى (الدراسات
الماكروسوسيولوجية)،حيث يتعين عليهم في أغلب الأحيان أن يقوموا بعمليات إستدلال
عليه إستنادا إلى عدد محدود فقط من الحالات،ويعتمد هذا الأسلوب على المنطق الثنائي
في الجبر كما نعرفه عند جورج بول،ويحاول زيادة عدد المقارنات التي يمكن إجرؤوها
بين الحالات المدروسة إلى أقصى حد ممكن على أساس وجود أو غياب بعض السمات
(المتغيرات) ذات الأهمية التحليلية،ويرى راجين هنا أن هذا الأسلوب يجمع بين نقاط
القوة في دراسات الحالة (أي البحوث الكيفية) وبحوث قياس المتغيرات (أي البحوث
الكمية) في علم الإجتماع المقارن،أما نقاد هذا الأسلوب فيرون أنه يحقق التمثيل
المنطقي دون الإحصائي ولا يدخل في حسابه المتغيرات الناقصة أو عامل الخطأ في
البيانات،وأنه ليست كل المتغيرات المهمة ذات قيمتين إثنتين فقط،ولهذا يصبح هذا
الأسلوب فائق الحساسية للطريقة التي سيتم بها ترميز كل حالة بطريقة ثنائية،من هذا
مثلا أن الإختيار بين وجود الركود الإقتصادي في مقابل غياب الركود الإقتصادي لا
يأخذ في الحسبان الظروف الوسيطة ولا طول مدة الركود الإقتصادي أو حدة هذه
الركود،والملاحظ أن مشكلات الترميز هذه تتفاقم وهو الأمر الغالب عندما يكون الباحث
بصدد التعامل مع متغيرات مستمرة كالدخل ودرجة عدم العدالة في توزيعه بحيث يمكن أن
يؤدي إلى الإنهيار تماما.
التهميش الإجتماعي
هو عملية حرمان فرد أو مجموعة من الأفراد من
حق الوصول إلى المناصب الهامة أو الحصول على الرموز الإقتصادية أو الدينية أو
السياسية للقوة في أي مجتمع،وقد يحدث في الواقع الفعلي أن تشكل الجماعة الهامشية
أغلبية عددية كما هو الحال بالنسبة للمواطنين الأصليين (السود) في جنوب
إفريقيا،ولذلك فربما ينبغي التمييز بينها وبين جماعة الأقلية التي قد تكون قليلة
العدد ولكنها قادرة على النفاذ لمكامن القوة السياسية والإقتصادية.
ولقد أصبحت عملية التهميش موضوعا رئيسيا
للبحوث الإجتماعية في الستينات،كرد فعل إلى حد بعيد للوعي بأنه في الوقت الذي حققت
فيه بعض الدول النامية نموا إقتصاديا سريعا،فإن سكان هذه المجتمعات لم يكونوا
يحصلون إلا على أنصبة غير متكافئة من ثمار هذا النجاح،وقد أضحت العملية التي تحدث
من خلالها هذه العملية موضوعا رئيسيا للدراسة وبخاصة من قبل أولئك المتأثرين
بنظريات التبعية الماركسية والنظام العالمي،الذين ذهبوا إلى القول بأن ظاهرة
التمهيش ترتبط بالنظام الرأسمالي العالمي وليست قاصرة على مجتمعات بعينها فقط.
وقد مال الأنثروبولوجيون على وجه الخصوص إلى
دراسة الجماعات الهامشية،وكان هذا الإهتمام يرجع في جانب منه إلى الفكرة القائلة
بأن فحص ما يحدث في هوامش المجتمع،كفيل بأن يدلنا على معرفة صورة ذلك المجتمع عن
نفسه وصورته في أعين المجتمعات الأخرى وما هي العناصر التي تشكل قيمة الثقافية
الأساسية.