تفسير نشأة الدول من خلال نظرية التطور العائلي
تعتبر هذه النظرية من أولى النظريات التي فسرت
تكوين ونشأت الدول،حيث انها تعتبر أن الأسرة هي الوحدة الأولى في بناء المجتمع وأنها
تنمو إلى عائلة ثم تجتمع عدد من العائلات إلى أن تكون العشيرة ومن تجمع العشائر تكونت
القبيلة التي استقرت على أرض معينة وكونت القرية التي كبرت وكونت المدينة ومنها إلى الدولة،وكلما كانت الأسرة قوية ومتماسكة كانت الدولة قوية وسليمة،وهي تعتمد
في هذا التفسير على النظرية العضوية،حيث تم تشبيه الدولة ككائن عضوي يتطور
باستمرار إلى أن يصل إلى الكمال .
وتعتبر الدولة من خلال هذه النظرية أنها تجمع من
الأفراد لهم نفس المصالح والعادات والتقاليد وتحكمهم سلطة سياسية معينة بدأت تتطور
بتطور مراحل تكوين الدولة،حيث بدأت بسلطة الأب في الأسرة ثم إلى كبير العائلة
ومنها إلى شيخ العشيرة ثم إلى رئيس القبيلة الذي أصبح حاكم أو ملكا عليهم,والمتأمل
في هذه النظرية يلحظ التشابه بين الأسرة والدولة من خلال روح التضامن والحب التي تجمع أفراد الدولة وهي
نفسها الموجودة في الأسرة الصغيرة،وذلك مع الأخذ بعين الإعتبار بعض العوامل التي تساهم
بشكل أو آخر في تشكيل الدولة وتطورها ومنها العوامل الإقتصادية والجغرافية وعوامل مثل
الدين والقوة.
ومن أبرز من نادى بهذه النظرية أرسطو الذي يعتبر
الإنسان كائن إجتماعي بطبعه يسعى إلى
التناسل لحفظ نوعه،وهذا هوا بداية تكون العائلة ومنها إلى الدولة،وممن نادى أيضا
بهذه النظرية بودان ودوجي،كما وكان السير هنري رائد هذه النظرية،حيث بين أن الشواهد
التاريخية من العصور القديمة والتاريخ
القديم تدعم ما يقول،وقد ذكر ذلك في كتابه القانون القديم والتاريخ المبكر للنظم.
أهم ما
يؤخذ على نظرية التطور العائلي
1-تعتبر هذه النظرية أن الأسرة هي أول خلية في
المجتمع،ولكن عند الرجوع إلى التاريخ القديم وجد أن الأفراد جمعتهم المصالح
المشتركة والتعاون في مواجهة العوامل الطبيعية الصعبة،لهذا كانوا جماعات قبل وجود
الأسرة.
2-ترجع هذه النظرية السلطة الأولى إلى الأب في
الأسرة،ولكن أكد علماء الإجتماع أن سلطة الأم أسبق من الأب،لأنه في العصور الأولى
والعصور الهمجية لم يكن الولد يعرف أباه ولكن يعرف أمه التي بدأت بتربيته وأمره
ونهيه،فكانت بذلك هي السلطة الأولى قبل الأب،كما ويؤخذ على هذه النظرية أن السلطة الأبوية
ترتبط بصلة قرابة مع باقي أفراد الأسرة ولا يستطيع الأب التخلي عنها وهي مؤقتة
تنتهي بوفاة الأب أو بأن يكبر الأولاد ويكونوا عائلاتهم الخاصة،أما السلطة
السياسية فهي لا ترتبط بصلة مع باقي الأفراد في المجتمع ويمكن لصاحب السلطة أن
يتخل عنها في أي وقت وهي دائمة مع تعاقب الحكام.
3-تقول هذه النظرية أن كل الدول مرّت بالمراحل:
أسرة - عائلة - عشيرة - قبيلة - قرية - مدينة - دولة،وهذا صحيح في حالة المدن اليونانية،ولكن في حالة الدولة الفرعونية كان الإنتقال
من مرحلة القبيلة إلى الدولة ولم تمر بمرحلة المدينة السياسية،وفي حالات اخرى هناك
دول تكونّت نتيجة عوامل سياسية وإقتصادية وليس من تطور الأسرة.
4-أهداف الأسرة محدودة،وهي في تنشأت الأولاد حتى
يكبروا ويصبحوا قادرين على تكوين أسر خاصة بهم،أما الدول فأهدافها أطول أمد وتمتد
لأكثر من جيل لتوفر لهم إحتياجات الحياة.