إتجاهات (أيديولوجيا)
الفكر السياسي المعاصر
1-المذهب الفردي (الليبرالي)
ويشار إليه غالبا بالرأسمالية ولكن الأصح أن
يسمى بالمذهب الفردي وذلك لتفضيله الفردية،أما الرأسمالية فتقوم على الحرية
الإقتصادية وهي الجانب الإقتصادي فقط من المذهب الفردي الحر،وهو حر لأنه يؤكد على
حرية الفرد وضمانها وحمايتها دائما.
أما
الديمقراطية فهي تنعكس في الجانبين السياسي والإجتماعي،فالديمقراطية قديما كانت لا
تعترف كثيرا بالحريات الفردية بل كانت تؤكد دائما على مصلحة الجماعة،بينما في
الوقت الحالي فهي تلتزم بمبدأ سيادة الشعب وتعترف بحقوق وحريات الأفراد،لأن الفرد هو هدف النظام السياسي القائم على
المذهب الفردي،كما ولا تستطيع الحكومة في هذا النظام التدخل في الحياة العامة
للفرد إلا في أضيق الحدود،وقد إقتصر دورها على حفظ الأمن وإنقاذ القانون وهو ما
سمي ب (الدولة الحارسة) لأنه يمجد الفرد ويجعل السلطة في خدمته.
- أهم وظائف الحكومة :
1-حماية الدولة من الأخطار الداخلية
والخارجية. 2-حماية الأفراد من بعضهم البعض. 3-حماية وضمان الملكية الخاصة للفرد.
4-فرض إحترام القانون. 5-حماية الأفراد ورعايتهم في حالة الكوارث الغير متوقعة أو
الغير عادية.
ويعود أصل هذا المذهب إلى التعاليم الدينية
المسيحية ومبادئ مدرسة القانون الطبيعي ومدرسة الطبيعين (الفيزيوقراط) والنظرية
الإقتصادية الكلاسيكية ونظريات العقد الإجتماعي وإعلانات حقوق الإنسان ومبادئ
الثورتين الفرنسية والأمريكية وغيرها من الفلسفات الداعية للحرية الفردية .
-الأسس التي يقوم عليها المذهب الفردي:
أ-الأساس الأخلاقي : حيث يرى بعض علماء
الأخلاق أن من الخير للإنسان أن يترك حرا حتى يتمكن من إستعمال قواه الطبيعية .
ب-المبرر الإقتصادي : حيث يرى مفكروا
الرأسمالية أن ترك النشاط الإقتصادي حرا وعدم تدخل الحكومة في ذلك النشاط يؤدي إلى
جعل الفرد يسعى بحرية لكي يحقق ما يعتقد أنه يخدم مصلحته الخاصة وذلك سيعود إلى
مصلحة المجتمع،وكما يقول الفزيوقراط الطبيعيين الإقتصاديين (دعه يعمل دعه يمر).
ج-المبرر العلمي : ويقوم على التشبيه بين
الحياة الإنسانية بحياة الكائنات الغير إنسانية،وقد قام هربرت سبنسر بعرض هذه
الفلسفة حيث أنه يرى أن البقاء دائما للأصلح أو الأقوى في هذه الحياة،فالأفضل
والأقوى يجب أن يحصل على الحياة والرفاهة وأما المستضعفين والفقراء فيجب أن
يستبعدوا ويقضى عليهم،لهذا كان ينادي بأن تكف الحكومة يدها عن التدخل في الحياة
الإقتصادية والإجتماعية للمجتمع وخاصة بغرض مساعدة العاجزين والمحتاجين وترك
القانون الطبيعي يأخذ مجراه.
د-الأساس القانوني والسياسي : ويقول أنصاره أن
للفرد حقوق لصيقة بشخصيته ولا يجب المساس بها ويجب على السلطة قانونيا إحترام تلك
الحقوق والمحافظة عليها وتيسير التمتع بها،وأن الحكومة ليست سوى مفوضة من قبل
الشعب لممارسة الحكم،ويطبق هذا المذهب في الغرب بتطبيق الديمقراطية دون التركيز
على مبدأ المساوة الإقتصادية وحصر نشاط الحكومة في أضيق
نطاق ممكن .
2-الإشتراكية
وقد
ظهر هذا المذهب ليرد على المذهب الفردي،حيث تعتبر الشيوعية هي الصورة المتطرفة
للإشتراكية لأن الإشتراكية تمجد الجماعة وتعتبرها محور النظام السياسي،وبالتالي
جعل السلطة في خدمة المجتمع وتوسيع نشاط الحكومة لأبعد مدى للمحافظة على حقوق
الجماعة ككل،حيث تتطلع الحكومة لتملك أكبر وسائل إنتاج البلد وتوجيهه لصالح
الجماعة حتى لا تطغى المصالح الفردية،كما وتعمل على إصدار القوانين التي تنظم الملكية
الشخصية،حيث يتم في هذا النظام الإشتراكي الحد من الحرية الإقتصادية الفردية.
ويرد أصل هذا المذهب إلى فلسفة (الإشتراكية
العاطفية) القائمة على الدعوة الأخلقية لمساعد المحتاجين والقضاء على التفاوت
الكبير في الثروة و(الإشتراكية العلمية) أو الماركسية التي كان مصدرها ماركس
وانجلز و(الماركسية بعد ماركس) كالينينية والماوية وغيرها الكثير.
-أهم الأسس العلمية التي يقوم عليها المذهب
الإشتراكي:
1-إن الإقتصاد هو عامود الحياة،والحالة
الإقتصادية هي متغير مستقل،وبقية جوانب الحياة الإجتماعية والسياسية ما هي إلا
متغيرات تابعة للحالة الإقتصادية .
2- إن العمل هو أساس القيمة لأي سلعة،لهذا
فإن من حق العامل جني الفائدة والربح من سلعته.
3-ضرورة مقاومة الطبقية وإلغائها ومحاولة
تحقيق المساوة الإقتصادية،بحيث توجد طبقة واحدة وهي العمال.
4-ضرورة قيام العمال بثورة ضد الرأسمالية
والقضاء عليها وتأسيس دولة العمال الشيوعية .
5-إعتبار 3 و4 من المسلمات العلمية،حيث أن
العمال فئة واحدة في كل مكان،لهذا ينبغي أن تثور وتتسيد العالم وما ذلك سوى تطور طبيعي
تحتمه الأوضاع الرأسمالية.
تعمل الأنظمة الإشتراكية في دول العالم
المتقدم بتطبيق الديمقراطية وخاصة بصورتها حكم الجمعية مع أخذ البعض منها بنظام الحزب
الواحد (الإشتراكي أو الشيوعي) ومنع تعدد الأحزاب السياسية،وهذا ما يطعن في ديمقراطية
هذه الدول وما تدعيه بأنها تحكم بمبدأ سيادة الشعب وخاصة الطبقة العاملة منه،كما
أنها تفرض قيود متعددة على الحرية الإقتصادية للأفراد وتتفاوت تلك القيود من بلد
لآخر تبعا لمدى إشتركيته،أما الأحزاب الإشتراكية في الدول الديمقراطية فإنها
تتنافس مع غيرها من الأحزاب على أصوات الناخبين وكثيرا ما تفوز الأحزاب الإشتراكية
بنسبة تتعدى النصف وتتولى الحكم .
وتختلف الديمقراطية من بلد لآخر وذلك بحسب
الأخذ بمبدأ الحكم الشعبي،ولكن معظم الدول الإشتراكية تأخذ بمبدأ الديمقراطية
الإشتراكية مع تفاوت في الدرجات،أما الدول الإشتراكية في العالم النامي فلا تطبق
الديمقراطية بمفهومها المعاصر في أنظمتها السياسية،وتسود بذلك فيها حكومات القلة.
3-المذهب الإجتماعي أو الجماعي
وهو لا يعتبر مذهب متكامل بذاته،لأنه مزيج من
بعض الفلسفات والمبادئ السياسية سميت مجتمعة بالمذهب الإجتماعي أو الجماعي،وهو
عبارة عن مزيج بين الفردية والإشتراكية ولكنه يميل للإشتراكية،ويعتبره البعض مجرد
إتجاهات ظهرت ضمن المذهب الفردي لتلافي مساوئه،حيث يعتبر أصحاب هذا المبدأ أن الحقوق
الفردية عبارة عن منح من القانون العام الذي ترتضيه الجماعة ككل،وينادي هذا المذهب بتقديم مصلحة الجماعة عن
الفرد وتوسيع تدخل الحكومة لترعى مصالح الجماعة ثم مصالح الأفراد،كما ويقر هذا المذهب
بالملكية الشخصية كحق ثابت للإنسان دون أن يضر ذلك بمصلحة المجتمع،فالملكيات الخاصة
والعامة تؤدي وظيفة إجتماعية لخدمة الجماعة والعمل على رفاهتها ورقيها،وقد أخذت
معظم دول العالم ببعض أو معظم مبادئ هذا المبدأ وطبقتها في الواقع،ومن تطبيقاته
تدخل الحكومة لتنظيم الإنتاج وتوجيهه بما يكفل الصالح العام وتنظيم العلاقة بين
العمال والمستثمرين والرقابة على الأسعار وغيرها .
الشمولية
هي التأكيد على إقامة حكومة قوية تمتد سلطتها
لتشمل جميع أوجه الحياة،وهي تختلف عن الإشتراكية بمعادتها للشيوعية وتركز على الأمة
وأمجادها وغالبا ما تتركز السلطة فيها في حزب واحد فقط يقوده زعيم أوحد يسيطر على
الحزب ومن ثم كل البلد،وتقوم الشمولية على أن يعطى الحكم لفئة معينة تتمتع بمؤهلات
خاصة ومتفوقة لا تتوفر لدى الأكثرية العامة،حيث يفترض بهذه الفئة أن تعمل لمصلحة
الوطن ولهذا طاعتها تعني المواطنة الصالحة.
الدور المتغير للنظام السياسي
إن الحكومة بصفة خاصة في الوقت الحاضر تهتم
بالإستجابة لمطالب المجتمع بما يكفل له الإستمرارية،وهذا التفاعل بين الحكومة
والمجتمع هو لب العمل السياسي،وبسبب الزيادة في عدد السكان والضغوط الإقتصادية
أصبحت هناك ضغوط شعبية تضغط حتى تتدخل الحكومات لتفيد سكانها وترفع من مستواهم
المعيشي وتستجيب لهذه الضغوطات،ومنذ بداية القرن العشرين أصبحت الحكومات تضع في
أهدافها تحقيق الرفاهية لعامة شعوبها .